الآية71 : وقوله تعالى : { يوم ندعوا كل أناس بإمامهم } قال الحسن : هذا صلة قومه : { يوم يدعوكم فتستجيبون بحمده } ( الإسراء : 52 ) فيقال{[11092]} : أي يوم ؟ فيقول : { يوم ندعوا
ثم اختلف في قوله : { بإمامهم } قال بعضهم : ندعو بإمامهم أي بدينهم الذي دانوا به ، وذبوا عنه ، ويدعى كل بدينه الذي دان به ، وذب عنه .
وقال بعضهم : أي برؤسائهم وأئمتهم الذين أضلوهم ، أي يدعى الأتباع بأئمتهم ورؤسائهم الذين أضلوا ، حتى يلوم بعضهم على بعض ، ويلعن بعضهم على بعض ، ويتبرأ بعضهم من بعض كقوله : { إذ تبرأ الذين اتبعوا من الذين اتبعوا } الآية ( البقرة : 166 ) وقوله { ويلعن بعضكم بعضا } ( العنكبوت : 25 )وقوله : { يقول الذين استضعفوا للذين استكبروا لولا أنتم مؤمنين } ( سبإ : 31 ) يدعى الأتباع بالمتبوعين .
وقال بعضهم : يدعى كل الناس بداعيهم الذي دعاهم : إن كان رسولا فبالرسول ، وإن كان شيطانا فبالشيطان ، وهو قريب مما ذكرنا .
وقال بعضهم : { بإمامهم } بكتابهم الذي كتب الملائكة أعمالهم فيه . وقال بعضهم : { بإمامهم } بكتابهم الذي أُنزِل عليهم . يُدْعَى كل بما ذكر ليعلموا أن الحجة قد قامت عليهم ، وأوجبت لهم العذاب بإتباعهم ما اتبعوا بلا حجة ولا برهان .
وحاصل أقاويل هؤلاء يرجع إلى وجوه ثلاثة :
أحدها : { يوم ندعوا كل أناس بإمامهم } ندعو إمام كل أناس : ( إن ){[11093]} كان إمامهم في خير أو شر ، فيجزى له جزاؤه ، ثم يكلف هو دعاء أتباعه إلى ما أعد لهم من الثواب والعقاب .
والثاني : يدعى كل إمام ورئيس في خير أو شر بأتباعه الذين يتبعونه في ما يدعوهم إليه : ( كل ){[11094]} رسول يدعى بقومه الذين اتبعوه{[11095]} ، وكل رئيس وشيطان ( بمن ){[11096]} استتبعهم .
والثالث : إمامهم كتابهم الذي كتب أعمالهم التي ( كسبوا ){[11097]}
كقوله : { ويخرج له يوم القيامة كتابا يلقاه منشورا }
وقوله تعالى : { فمن أوتي كتابه بيمينه فأولئك يقرءون كتابهم } كلهم قد يقرؤون كتابهم . غير أن المؤمن إذا نظر في الكتاب فرح به ، واستبشر بما فيه فسهل عليه القراءة ، وهانت ، لما كان يتبع حجج الله .
وأما الكافر ، إذا نظر في الكتاب حزن ، واغتم به ، فعسر عليه قراءة كتابه ، وهو كقوله : { فأما من أوتي كتابه بيمينه فيقول هاؤم اقرؤوا كتابيه } { إني ظننت أني ملاق حسابيه } ( الحاقة : 19و20 ) وكقوله{[11098]} : { وأما من أوتي كتابه بشماله فيقول بشماله فيقول يا ليتني لم أوت كتابيه } { ولم أدر ما حسابيه } ( الحاقة : 25و26 ) لأنه بلا حجة .
أو يكون المؤمن إذا نظر في كتابه ، ورأى{[11099]} سيئاته مغفورة كقوله : { أولئك الذين تتقبل عنهم أحسن ما عملوا ونتجاوز عن سيئاتهم } ( الأحقاف : 16 ) فرح بذلك . والكافر رأى سيئاته باقية عليه وحسناته ، قد بطلت ، حزن بذلك ، واغتم{[11100]} لذلك قال ما قال ، والله أعلم .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.