تأويلات أهل السنة للماتريدي - الماتريدي  
{يَسۡتَفۡتُونَكَ قُلِ ٱللَّهُ يُفۡتِيكُمۡ فِي ٱلۡكَلَٰلَةِۚ إِنِ ٱمۡرُؤٌاْ هَلَكَ لَيۡسَ لَهُۥ وَلَدٞ وَلَهُۥٓ أُخۡتٞ فَلَهَا نِصۡفُ مَا تَرَكَۚ وَهُوَ يَرِثُهَآ إِن لَّمۡ يَكُن لَّهَا وَلَدٞۚ فَإِن كَانَتَا ٱثۡنَتَيۡنِ فَلَهُمَا ٱلثُّلُثَانِ مِمَّا تَرَكَۚ وَإِن كَانُوٓاْ إِخۡوَةٗ رِّجَالٗا وَنِسَآءٗ فَلِلذَّكَرِ مِثۡلُ حَظِّ ٱلۡأُنثَيَيۡنِۗ يُبَيِّنُ ٱللَّهُ لَكُمۡ أَن تَضِلُّواْۗ وَٱللَّهُ بِكُلِّ شَيۡءٍ عَلِيمُۢ} (176)

الآية 176 ( وقوله تعالى : ){[6867]} : { يستفتونك قل الله يفتيكم في الكلالة } والكلالة ما ذكر : { وإن امرؤا هلك ليس له ولد وله أخت فلها نصف ما ترك } إلى آخر ما ذكر . قال جابر عليه السلام : ( نزلت في )الآية ) ){[6868]} . وروي عن عمر رضي الله عنه ، أنه قال : ( ما سألت النبي صلى الله عليه وسلم ، أكثر مما سألته عن الكلالة ، ثم طعن في صدري بإصبعه ، فقال : " ألا تكفيك آية النصف التي في آخر سورة النساء " ( مسلم 1617 ) .

وفيه دلالة أن قد ينزل بيان ما يدرك بالاجتهاد والنظر ، ولا يتبين ( إلا بأن يجتهد ) {[6869]} ويدرك بالنظر لأن عمر رضي الله عنه سأل غير مرة رسول الله صلى الله عليه وسلم ولم يبينه ، وأشار إلى الآية التي فيها ذكر ( ما ){[6870]} سأل عنه لينظر ، ويجتهد ليدرك .

وفيه دليل جاوز تأخير البيان لأن عمر سأله غير مرة ، ولم يبينه{[6871]} حتى أمره بالنظر في الآية ، وعمر رضي الله عنه لم يكن عرف قبل ذلك ، فدل جوازا تأخير البيان .

فروي عن أبي بكر الصديق رضي الله عنه أنه قال : ( الكلالة من ليس له ولد ولا والد ) ، وكذلك قال عمر رضي الله عنه وقال : ( إني لأستحي{[6872]} من الله أن أرد شيئا قاله أبو بكر ) . وسئل ابن عباس رضي الله عنه عن الكلالة ، فقال : ( من لا ولد له ولا والد ) . وروي عن جابر رضي الله عنه ( أنه ){[6873]} قال : ( مرضت ، فأتاني رسول الله صلى الله عليه وسلم يعودني ، وأبو بكر الصديق معه ، فوجدني قد أغمي علي ، فصب وضوءه علي ، فأقمت ، فقلت : يا رسول الله كيف أصنع في مالي ، وكان لي تسع أخوات ، ولم يجبني حتى نزل قوله تعالى : { يستفتونك قل الله يفتيكم في الكلالة إن امرؤا هلك ليس له ولد وله أخت فلها نصف ما ترك } إلى آخر ما ذكر . قال جابر : في نزلت الآية )( البخاري : 6743 ) .

قال بعض الناس : إذا مات الرجل وترك ابنته وأختا فلا شيء للأخت لأن الله تعالى قال : { إن امرؤا هلك ليس له ولد وله أخت فلها نصف ما ترك } والابنة ولد ، فلا ميراث للأخت وللأخ مع الابنة لأنها ولد ، فيقال : إن الله عز وجل جعل للابنة النصف إذ لم يكن معها ابن بقوله تعالى : { وإن كانت واحدة فلها النصف } ( النساء : 11 ) . فإذا مات ، وترك ابنة وأختا فللابنة النصف ، وذلك النصف الباقي إذا لم يعط للأخت يرد إلى الابنة ، فيكون لها كل الميراث ، وقد جعل الله ميراثها ، إذا لم يكن معها ولد ذكر ، النصف ، أو لا يرد إلى الابنة ، فيجب أن ينظر أيهما أحق بذلك النصف الباقي ( فقد جاء ){[6874]} في بعض الأخبار أن الأخوات مع البنات عصبة . لذلك كانت الأخت أولى بذلك النصف الباقي /121-ب/ والله أعلم .

وقوله تعالى : { فإن كانتا اثنتين فلهما الثلثان مما ترك } ذكر للاثنتين الثلثين ، ولم يذكر للثلاث فصاعدا منهن ، وذكر في الابنة الواحدة النصف في أول السورة بقوله : { وإن كانت واحدة فلها النصف } ولم يذكر الثلاث فصاعدا بقوله : { فإن كن نساء فوق اثنتين فلهن ثلثا ما ترك } ( الآية : 11 ) فترك بيان الحق في الابنتين لبيانه في الأختين ، وترك البيان للأخوات لبيانه في البنات . ففيه دليل القياس حين اكتفى ببيان البعض عن الآخر .

وقوله تعالى : { وإن كانوا إخوة رجالا ونساء فللذكر مثل حظ الأنثيين } قوله تعالى : { إخوة رجالا ونساء } : إن اسم الإخوة بجميع الإناث والذكور جميعا لأنه ذكر إخوة ، ثم فسر الرجال والنساء ، فهو دليل لنا في قوله تعالى : { فإن كان له إخوة فلأمه السدس }( النساء : 11 ) أنهم يحجبون الأم عن الثلث ذكورا أو إناثاث ، والله أعلم .

وقوله تعالى : { يبين الله لكم أن تضلوا } قيل : ألا تضلوا . وقال الكسائي : العرب تقول للرجل : أطعمتك أن تجوع ، وأغنيتك أن تفتقر على معنى ألا تجوع ، ولا تفتقر . وفي القرآن كثير مثل هذا . ثم قوله : { يبين الله لكم أن تضلوا } قيل : ألا تضلوا في تسمية المواريث ، وقيل : ألا تخطئوا ، وقيل : ألا تخطئوا ، وهو واحد .

( وقوله تعالى ){[6875]} : { يبين الله لكم أن تضلوا } وعيد ، وبالله الحول والقوة .


[6867]:ساقطة من الأصل وم.
[6868]:ساقطة من الأصل وم.
[6869]:في الأصل وم: ليجتهد.
[6870]:ساقطة من الأصل وم.
[6871]:من م، في الأصل: ينتبه.
[6872]:في الأصل وم: لا أستحي.
[6873]:ساقطة من الأصل وم.
[6874]:في الأصل وم: فجاء.
[6875]:ساقطة من الأصل وم.