بحر العلوم لعلي بن يحيى السمرقندي - السمرقندي  
{وَإِذَا غَشِيَهُم مَّوۡجٞ كَٱلظُّلَلِ دَعَوُاْ ٱللَّهَ مُخۡلِصِينَ لَهُ ٱلدِّينَ فَلَمَّا نَجَّىٰهُمۡ إِلَى ٱلۡبَرِّ فَمِنۡهُم مُّقۡتَصِدٞۚ وَمَا يَجۡحَدُ بِـَٔايَٰتِنَآ إِلَّا كُلُّ خَتَّارٖ كَفُورٖ} (32)

قوله عز وجل : { وَإِذَا غَشِيَهُمْ مَّوْجٌ كالظلل } يعني : أتاهم موج ، كما يقال : من غشي سدد السلطان يجلس ويقم . ويقال : علاهم . ويقال : غطاهم موج كالظلل يعني : كالسحاب . ويقال : كالجبال ، وهو جمع ظلة . يعني : يأتيهم الموج بعضه فوق بعض وله سواد لكثرته .

{ دَعَوُاْ الله مُخْلِصِينَ لَهُ الدين } يعني : أخلصوا له بالدعوة { فَلَمَّا نَجَّاهُمْ إِلَى البر } يعني : إلى القرار { فَمِنْهُمْ مُّقْتَصِدٌ } يعني : فمنهم من يؤمن ، ومنهم من يكفر ولا يؤمن .

ثم ذكر المشرك الذي ينقض العهد فقال تعالى : { وَمَا يَجْحَدُ بآياتنا } يعني : لا يترك العهد { إِلاَّ كُلُّ خَتَّارٍ كَفُورٍ } يعني : غدار بالعهد . { كفور } لله عز وجل في نعمه . وقال القتبي : الختر أقبح الغدر . { كَفُورٌ } على ميزان فعول . وإنما يذكر هذا اللفظ إذا صار عادة له كما يقال : ظلوم . وقد ذكر الكافر بأقبح خصلتين فيه ، كما ذكر المؤمن بأحسن خصلتين فيه وهو قوله : { صَبَّارٍ شَكُورٍ } .