تفسير مقاتل بن سليمان - مقاتل  
{ثُمَّ أَنزَلَ عَلَيۡكُم مِّنۢ بَعۡدِ ٱلۡغَمِّ أَمَنَةٗ نُّعَاسٗا يَغۡشَىٰ طَآئِفَةٗ مِّنكُمۡۖ وَطَآئِفَةٞ قَدۡ أَهَمَّتۡهُمۡ أَنفُسُهُمۡ يَظُنُّونَ بِٱللَّهِ غَيۡرَ ٱلۡحَقِّ ظَنَّ ٱلۡجَٰهِلِيَّةِۖ يَقُولُونَ هَل لَّنَا مِنَ ٱلۡأَمۡرِ مِن شَيۡءٖۗ قُلۡ إِنَّ ٱلۡأَمۡرَ كُلَّهُۥ لِلَّهِۗ يُخۡفُونَ فِيٓ أَنفُسِهِم مَّا لَا يُبۡدُونَ لَكَۖ يَقُولُونَ لَوۡ كَانَ لَنَا مِنَ ٱلۡأَمۡرِ شَيۡءٞ مَّا قُتِلۡنَا هَٰهُنَاۗ قُل لَّوۡ كُنتُمۡ فِي بُيُوتِكُمۡ لَبَرَزَ ٱلَّذِينَ كُتِبَ عَلَيۡهِمُ ٱلۡقَتۡلُ إِلَىٰ مَضَاجِعِهِمۡۖ وَلِيَبۡتَلِيَ ٱللَّهُ مَا فِي صُدُورِكُمۡ وَلِيُمَحِّصَ مَا فِي قُلُوبِكُمۡۚ وَٱللَّهُ عَلِيمُۢ بِذَاتِ ٱلصُّدُورِ} (154)

{ ثم أنزل عليكم من بعد الغم أمنة نعاسا } ، يعني من بعد غم الهزيمة أمنة نعاسا ، وذلك أن الله عز وجل ألقى على بعضهم النعاس فذهب غمهم ، فذلك قوله عز وجل : { يغشى } النعاس { طائفة منكم } نزلت في سبعة نفر ، في : أبي بكر الصديق ، وعمر بن الخطاب ، وعلي بن أبي طالب ، والحارث بن الصمة ، وسهل بن ضيف ،

ورجلين من الأنصار ، رضي الله عنهم ، ثم قال سبحانه : { وطائفة قد أهمتهم أنفسهم } ، يعني الذين لم يلق عليهم النعاس ، { يظنون بالله غير الحق } كذبا يقول المؤمنون : إن محمدا صلى الله عليه وسلم قد قتل ، { ظن الجاهلية } ، يقول : كظن جهال المشركين أبو سفيان وأصحابه ، وذلك أنهم قالوا : إن محمدا قد قتل ، { يقولون هل لنا من الأمر من شيء } ، هذا قول معتب بن قشير ، يعني بالأمر النصر ، يقول الله عز وجل لنبيه صلى الله عليه وسلم : { قل إن الأمر } ، يعني النصر { كله لله } .

ثم قال سبحانه : { يخفون في أنفسهم ما لا يبدون لك يقولون لو كان لنا من الأمر شيء ما قتلنا ههنا } ، يقول : يسرون في قلوبهم ما لا يظهرون لك بألسنتهم ، والذي أخفوا في أنفسهم أنهم قالوا : لو كنا في بيوتنا ما قتلنا ها هنا ، قال الله عز وجل لنبيه صلى الله عليه وسلم : { قل } لهم يا محمد : { لو كنتم في بيوتكم لبرز } كما تقولون لخرج من البيوت { الذين كتب عليهم القتل إلى مضاجعهم } ، فمن كتب عليه القتل لا يموت أبدا ، ومن كتب عليه الموت لا يقتل أبدا ، { وليبتلي الله ما في صدوركم وليمحص ما في قلوبكم والله عليم بذات الصدور } ، يقول : الله عليم بما في القلوب من الإيمان والنفاق ، والذين أخفوا في أنفسهم قولهم : إن محمدا قد قتل ، وقولهم : لو كان لنا من الأمر شيء ما قتلنا ها هنا ، يعني هذا المكان ، فهذا الذي قال الله سبحانه لهم : { قل } لهم يا محمد : { لو كنتم في بيوتكم } كما تقولون { لبرز الذين كتب عليهم القتل إلى مضاجعهم } .