الجواهر الحسان في تفسير القرآن للثعالبي - الثعالبي  
{۞لَّا خَيۡرَ فِي كَثِيرٖ مِّن نَّجۡوَىٰهُمۡ إِلَّا مَنۡ أَمَرَ بِصَدَقَةٍ أَوۡ مَعۡرُوفٍ أَوۡ إِصۡلَٰحِۭ بَيۡنَ ٱلنَّاسِۚ وَمَن يَفۡعَلۡ ذَٰلِكَ ٱبۡتِغَآءَ مَرۡضَاتِ ٱللَّهِ فَسَوۡفَ نُؤۡتِيهِ أَجۡرًا عَظِيمٗا} (114)

قوله تعالى : { لاَّ خَيْرَ فِي كَثِيرٍ مّن نجواهم إِلاَّ مَنْ أَمَرَ بِصَدَقَةٍ أَوْ مَعْرُوفٍ أَوْ إصلاح بَيْنَ الناس . . . } [ النساء :114 ] .

الضَّمِيرُ في { نجواهم } : عائدٌ على النَّاس أجمع ، وجاءَتْ هذه الآياتُ عامَّةَ التناولِ ، وفي عمومهَا يندرجُ أصحابُ النَّازلة ، وهذا من الفَصَاحة والإيجازِ المُضَمَّنِ الماضِي والغابر في عبارةٍ واحدةٍ ، قال النوويُّ : ورُوِّينا في كتابَيِ الترمذيِّ ، وابن ماجة ، عن أمِّ حَبِيبَة ( رضي اللَّه عنها ) ، عنِ النبيِّ صلى الله عليه وسلم قَال : ( كُلَّ كَلامِ ابْنِ آدَمَ عَلَيْهِ لاَ لَهُ إلاَّ أَمْراً بِمَعْرُوفٍ ، أوْ نَهْياً عَنْ مُنْكَرٍ ، أو ذِكْراً لِلَّهِ تَعَالَى ) ، انتهى .

والنَّجْوَى : المسارة ، وقد تسمى بها الجماعةُ ، كما يقال : قَوْمٌ عَدْلٌ ، وليستِ النجوى بمَقْصُورةٍ على الهَمْسِ في الأُذُنِ ، والمعروفُ لفظ يعمُّ الصدَقَةَ والإصلاحَ ، وغيرهما ، ولكنْ خُصَّا بالذِّكْر اهتماماً ، إذ هما عظيمَا الغَنَاءِ في مَصَالحِ العبادِ ، ثم وعد تعالى بالأجر العظيم على فعل هذه الخَيْرات بنيَّةٍ وقَصْدٍ لِرِضَا اللَّه تعالى .