مدارك التنزيل وحقائق التأويل للنسفي - النسفي  
{فَإِنۡ حَآجُّوكَ فَقُلۡ أَسۡلَمۡتُ وَجۡهِيَ لِلَّهِ وَمَنِ ٱتَّبَعَنِۗ وَقُل لِّلَّذِينَ أُوتُواْ ٱلۡكِتَٰبَ وَٱلۡأُمِّيِّـۧنَ ءَأَسۡلَمۡتُمۡۚ فَإِنۡ أَسۡلَمُواْ فَقَدِ ٱهۡتَدَواْۖ وَّإِن تَوَلَّوۡاْ فَإِنَّمَا عَلَيۡكَ ٱلۡبَلَٰغُۗ وَٱللَّهُ بَصِيرُۢ بِٱلۡعِبَادِ} (20)

{ فَإنْ حَاجُّوكَ } فإن جادلوك في أن دين الله الإسلام والمراد بهم وفد بني نجران عند الجمهور { فَقُلْ أَسْلَمْتُ وَجْهِيَ للَّهِ } أي أخلصت نفسي وجملتي لله وحده لم أجعل فيها لغيره شريكاً بأن أعبده وأدعو إلهاً معه ، يعني أن ديني دين التوحيد وهو الدين القويم الذي ثبتت عندكم صحته كما ثبتت عندي وما جئت بشيء بديع حتى تجادلوني فيه ونحوه :

{ قُلْ ياأهل الكتاب تَعَالَوْاْ إلى كَلِمَةٍ سَوَاءٍ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ أَن لا نَعْبُدَ إِلاَّ الله وَلاَ نُشْرِكَ بِهِ شَيْئاً } [ آل عمران : 64 ] . فهو دفع للمحاجة بأن ما هو عليه ومن معه من المؤمنين هو اليقين الذي لا شك فيه فما معنى المحاجة فيه ! { وَمَنِ اتبعن } عطف على التاء في «أسلمت » أي أسلمت أنا ومن اتبعني وحسن للفاصل ، ويجوز أن يكون الواو بمعنى «مع » فيكون مفعولاً معه . «ومن اتبعني » في الحالين : سهل ويعقوب وافق أبو عمرو في الوصل . «وجهي » : مدني وشامي وحفص والأعشى والبرجمي . { وَقُلْ لّلَّذِينَ أُوتُواْ الكتاب } من اليهود والنصارى { والأميين } والذين لا كتاب لهم من مشركي العرب { ءَأَسْلَمْتُمْ } بهمزتين : كوفي ، يعني أنه قد أتاكم من البينات ما يقتضي حصول الإسلام فهل أسلمتم أم أنتم بعد على كفركم ؟ وقيل : لفظه لفظ الاستفهام ومعناه الأمر أي أسلموا كقوله { فَهَلْ أَنْتُمْ مُّنتَهُونَ } [ المائدة : 91 ] أي انتهوا { فَإِنْ أَسْلَمُواْ فَقَدِ اهتدوا } فقد أصابوا الرشد حيث خرجوا من الضلال إلى الهدى { وَّإِن تَوَلَّوْاْ فَإِنَّمَا عَلَيْكَ البلاغ } أي لم يضروك فإنك رسول منبه ما عليك إلا أن تبلغ الرسالة وتنبه على طريق الهدى { والله بَصِيرٌ بالعباد } فيجازيهم على إسلامهم وكفرهم .