وقوله : { فَإنْ حاجُّوكَ فَقُلْ أَسْلَمْتُ وَجْهِيَ للَّهِ وَمَنِ اتَّبَعَنِ . . . }
( وَمَنِ اتَّبَعَنِ ) للعرب في الياءات التي في أواخر الحروف - مثل اتبعن ، وأكرمن ، وأهانن ، ومثل قوله " دَعْوَةَ الدّاعِ إِذَا دَعَانِ - وَقَدْ هَدَانِ " - أن يحذفوا الياء مرة ويثبتوها مرة . فمن حذفها اكتفي بالكسرة التي قبلها دليلا عليها . وذلك أنها كالصلة ؛ إذ سكنت وهي في آخر الحروف واستثقلت فحذفت . ومن أتمها فهو البناء والأصل . ويفعلون ذلك في الياء وإن لم يكن قبلها نون ؛ فيقولون هذا غلامي قد جاء ، وغلامِ قد جاء ؛ قال الله تبارك وتعالى { فَبَشِّرْ عِبادِ الَّذِينَ } في غير نداء بحذف الياء . وأكثر ما تحذف بالإضافة في النداء ؛ لأن النداء مستعمل كثيرا في الكلام فحذف في غير نداء . وقال إبراهيم { رَبَّنا وتَقَبَّل دُعَاء } بغير ياء ، وقال في سورة الملك { كَيْفَ كَانَ نَكِير } و " نذِير " وذلك أنهن رءوس الآيات ، لم يكن في الآيات قبلهن ياء ثانية فأُجرين على ما قبلهن ؛ إذ كان ذلك من كلام العرب .
ويفعلون ذلك في الياء الأصلية ؛ فيقولون : هذا قاض ورام وداع بغير ياء ، لا يثبتون الياء في شيء من فاعِل . فإذا أدخلوا فيه الألف واللام قالوا بالوجهين ؛ فأثبتوا الياء وحذفوها . وقال الله { من يهدِ الله فهو المهتدِ } في كل القرآن بغير ياء . وقال في الأعراف " فهو المهتدى " وكذلك قال { يَوْمَ يُنادِي المُنادِ } و { أُجيبُ دَعْوَةَ الدّاعِ } . وأحبّ ذلك إليّ أن أثبت الياء في الألف واللام ؛ لأن طرحها في قاض ومفترٍ وما أشبهه بما أتاها من مقارنة نون الإعراب وهي ساكنة والياء ساكنة ، فلم يستقم جمع بين ساكنين ، فحذفت الياء لسكونها . فإذا أدخلت الألف واللام لم يجز إدخال النون ، فلذلك أحببت إثبات الياء . ومن حذفها فهو يرى هذه العلّة : قال : وجدت الحرف بغير ياء قبل أن تكون فيه الألف واللام ، فكرهت إذ دخلت أن أزيد فيه ما لم يكن . وكلّ صواب .
وقوله { وَقُلْ لِّلَّذِينَ أُوتُواْ الْكِتَابَ وَالأُمِّيِّينَ أَأَسْلَمْتُمْ } وهو استفهام ومعناه أمر . ومثله قول الله { فهل أَنْتُم مُنتهون } استفهام وتأويله : انتهوا . وكذلك قوله { هل يَسْتَطِيع ربُّك } وهل تستطيع رَبَّك إنما [ هو ] مسألة . أوَ لا ترى أنك تقول للرجل : هل أنت كافّ عنا ؟ معناه : اكفف ، تقول للرجل : أين أين ؟ : أقِم ولا تبرح . فلذلك جوزى في الاستفهام كما جوزى في الأمر . وفي قراءة عبد الله " هَلْ أَدُلُّكُمْ على تِجَارَةٍ تُنْجِيكُم مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ . آمِنوا " ففسّر ( هل أدلكم ) بالأمر . وفي قراءتنا على الخبر . فالمجازاة في قراءتنا على قوله
( هل أدلكم ) والمجازاة في قراءة عبد الله على الأمر ؛ لأنه هو التفسير .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.