{ فإن حاجوك } أي : جادلك الذين كفروا يا محمد في الدين { فقل } لهم { أسلمت وجهي } أي : أخلصت نفسي وجملتي لله وحده لم أجعل فيهما لغيره شركاً بأن أعبده ولا أدعو إلهاً معه يعني : أن ديني دين التوحيد وهو الدين القويم الذي ثبت عندكم صحته كما ثبت عندي ، وما جئت بشيء مبتدع حتى تجادلوني فيه وخص الوجه بالذكر لشرفه فهو تعبير عن جملة الشخص بأشرف أجزائه الظاهرة وقوله تعالى : { ومن اتبعن } عطف على التاء في أسلمت وحسن للفاصل ويجوز كما قال في «الكشاف » أن تكون الواو بمعنى مع فيكون مفعولاً معه أي : نظراً إلى أن المشاركة بين المتعاطفين في مطلق الإسلام أي : الإخلاص لا فيه بقيد وجهه حتى يمتنع ذلك لاختلاف وجهيهما { وقل للذين أوتوا الكتاب } وهم اليهود والنصارى { والأمّيين } أي : الذين لا كتاب لهم وهم مشركو العرب { أأسلمتم } أي : فهل أسلمتم ما أسلمت أنا فقد أتاكم من البينات ما يوجب الإسلام ويقتضي حصوله لا محالة ، أم أنتم بعد على الكفر وهذا كقولك لمن لخصت له المسألة ولم تبق من طرق البيان والكشف طريقاً إلا سلكته هل فهمتها ؟ وفي هذا الاستفهام استقصار وتعيير بالمعاندة وقلة الإنصاف ؛ لأن المنصف إذا انجلت له الحجة لم يتوقف إذعاناً للحق وكذلك في هل فهمتها ؟ توبيخ بالبلادة . وقيل : المراد بالاستفهام هنا الأمر أي : أسلموا كما قال تعالى : { فهل أنتم منتهون } ( المائدة ، 91 ) أي : انتهوا { فإن أسلموا فقد اهتدوا } أي : نفعوا أنفسهم حيث خرجوا من الضلال إلى الهدى ، ومن الظلمة إلى النور فقرأ رسول الله صلى الله عليه وسلم هذه الآية فقال أهل الكتاب : أسلمنا فقال لليهود : ( أتشهدون أنّ عيسى كلمة الله وعبده ورسوله ؟ فقالوا : معاذ الله . وقال للنصارى : أتشهدون أن عيسى عبد الله ورسوله فقالوا : معاذ الله أن يكون عيسى عبداً ) فقال عز وجل { وإن تولوا } أي : عن الإسلام لم يضرّوك { فإنما عليك البلاغ } أي : فإنك رسول منبه ما عليك إلا أن تبلغ الرسالة وتنبه على طريق الهدى وقد بلغت وليس إليك الهداية { والله بصير بالعباد } أي : عالم بمن يؤمن ، وبمن لا يؤمن فيجازي كلاً منهم بعمله ، وهذا قبل الأمر بالقتال .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.