الجواهر الحسان في تفسير القرآن للثعالبي - الثعالبي  
{فَإِنۡ حَآجُّوكَ فَقُلۡ أَسۡلَمۡتُ وَجۡهِيَ لِلَّهِ وَمَنِ ٱتَّبَعَنِۗ وَقُل لِّلَّذِينَ أُوتُواْ ٱلۡكِتَٰبَ وَٱلۡأُمِّيِّـۧنَ ءَأَسۡلَمۡتُمۡۚ فَإِنۡ أَسۡلَمُواْ فَقَدِ ٱهۡتَدَواْۖ وَّإِن تَوَلَّوۡاْ فَإِنَّمَا عَلَيۡكَ ٱلۡبَلَٰغُۗ وَٱللَّهُ بَصِيرُۢ بِٱلۡعِبَادِ} (20)

وقوله تعالى : { فَإنْ حَاجُّوكَ فَقُلْ أَسْلَمْتُ وَجْهِيَ لِلَّهِ وَمَنِ اتبعن . . . } [ آل عمران :20 ] .

الضميرُ في «حَاجُّوكَ » لليهودِ ، ولنصارى نَجْرَانَ ، والمعنى : إنْ جادَلُوك وتعنَّتوا بالأقاويلِ المزوَّرة ، والمغالطاتِ ، فأسند إلى ما كُلِّفْتَ من الإِيمانِ ، والتبليغِ ، وعلى اللَّه نَصْرُكَ .

وقوله : { وَجْهِيَ } يحتمل أنْ يراد به المَقْصِدُ ، أي : جعلتُ مقصدي للَّه ، ويحتمل أنْ يراد به الذاتُ ، أي : أَسْلَمْتُ شخْصي وَذاتِي للَّه ، وأسلَمْتُ ، في هذا الموضعِ بمعنى : دَفَعْتُ ، وأمضَيْتُ ، وليستْ بمعنى دَخَلْتُ في السِّلْم ، لأنَّ تلك لا تتعدى ، ( ومَنِ اتبعني ) : في موضع رفعٍ ، عطْفاً على الضميرِ في ( أَسْلَمْتُ ) ، و( الَّذِينَ أُوتُوا الكِتَابَ ) ، في هذا الموضعِ : يجمعُ اليهودَ ، والنصارى باتفاق والأميُّونَ : الذين لا يكتبون ، وهم العَرَبُ في هذه الآيةِ ، وقوله : { أَسْلَمْتُمْ } : تقريرٌ في ضمنه الأمْرُ ، وقال الزَّجَّاج : { َأَسْلَمْتُمْ } : تهدُّد ، وهو حسن ، و{ البلاغ } : مَصْدَرُ بَلَغَ ، بتخفيف عَيْنِ الفعل .

وفي قوله تعالى : { والله بَصِيرٌ بالعباد } وعدٌ للمؤمنين ، ووعيد للكافرين .