بحر العلوم لعلي بن يحيى السمرقندي - السمرقندي  
{فَإِنۡ حَآجُّوكَ فَقُلۡ أَسۡلَمۡتُ وَجۡهِيَ لِلَّهِ وَمَنِ ٱتَّبَعَنِۗ وَقُل لِّلَّذِينَ أُوتُواْ ٱلۡكِتَٰبَ وَٱلۡأُمِّيِّـۧنَ ءَأَسۡلَمۡتُمۡۚ فَإِنۡ أَسۡلَمُواْ فَقَدِ ٱهۡتَدَواْۖ وَّإِن تَوَلَّوۡاْ فَإِنَّمَا عَلَيۡكَ ٱلۡبَلَٰغُۗ وَٱللَّهُ بَصِيرُۢ بِٱلۡعِبَادِ} (20)

ثم قال تعالى : { فَإنْ حَاجُّوكَ } أي خاصموك وجادلوك في الدين { فَقُلْ أَسْلَمْتُ وجهي للَّهِ } أي أخلصت ديني لله . وقال الزجاج : إن الله تعالى أمر نبيه أن يحتج على أهل الكتاب والمشركين ، بأنه اتبع أمر الله الذي هم أجمعون مقرون أنه خالقهم ورازقهم ، فأراهم الآيات والدلالات بأنه رسوله . وقوله : { أَسْلَمْتُ وجهي للَّهِ } أي قصدت بعبادتي الله ، وأقررت بأنه لا إله غيره { و } كذلك { مَنِ اتبعن } وقال القتبي : معنى { أسلمت وجهي لله } يعني أسلمت لله ، والوجه زيادة كما قال : { كل شيء هالك إلا وجهه } ، يعني إلا هو { وَقُلْ لّلَّذِينَ أُوتُواْ الكتاب } يعني أُعْطُوا التَّوْرَاة والإنْجيل { والأميين } يعني مشركي العرب { أأَسْلَمْتُمْ } يعني أخلصتم بالتوحيد . ويقال : اللفظ لفظ الاستفهام ، والمراد به الأمر ، فكأنه يقول أَسْلِمُوا ، كما قال في آية أخرى : { فهل أنتم منتهون } ؟ يعني انتهوا . وقال في آية أخرى : { أَفَلاَ يَتُوبُونَ إلى الله وَيَسْتَغْفِرُونَهُ والله غَفُورٌ رَّحِيمٌ }

[ المائدة : 74 ] ، أي توبوا إلى الله . { فَإِنْ أَسْلَمُواْ فَقَدِ اهتدوا } يعني أخلصوا بالتوحيد وأسلموا وصدقوا بمحمد صلى الله عليه وسلم وبالكتاب ، فقد اهتدوا من الضلالة { وَإِن تَوَلَّوْاْ } يقول إن أَبَوا أن يُسلموا { فَإِنَّمَا عَلَيْكَ البلاغ } بالرسالة { والله بَصِيرٌ بالعباد } يعني بأعمالهم ، ومعناه ليس عليك من عملهم شيء وإنما عليك التبليغ ، وقد فَعلتَ ما أمرتَ به .