قوله تعالى : " فإن حاجوك فقل أسلمت وجهي لله ومن اتبعن " أي جادلوك بالأقاويل المزورة والمغالطات ، فأسند أمرك إلى ما كلفت من الإيمان والتبليغ وعلى الله نصرك . وقوله " وجهي " بمعنى ذاتي ، ومنه الحديث ( سجد وجهي للذي خلقه وصوره ) . وقيل : الوجه هنا بمعنى القصد ، كما تقول : خرج فلان في وجه كذا . وقد تقدم هذا المعنى في البقرة مستوفى ، والأول أولى . وعبر بالوجه عن سائر الذات ؛ إذ هو أشرف أعضاء الشخص وأجمعها للحواس . وقال :
أسلمت وجهي لمن أسلمت *** له المُزْن تحمل عَذْباً زُلالا
وقد قال حذاق المتكلمين في قوله تعالى : " ويبقى وجه ربك " {[2955]} [ الرحمن : 27 ] : إنها عبارة عن الذات وقيل : العمل الذي يقصد به وجهه . وقوله " ومن اتبعن " " من " في محل رفع عطفا على التاء في قوله " أسلمت " أي ومن اتبعني أسلم أيضا ، وجاز العطف على الضمير المرفوع من غير تأكيد للفصل بينهما . وأثبت نافع وأبو عمرو ويعقوب ياء " اتبعن " على الأصل ، وحذف الآخرون اتباعا للمصحف إذ وقعت فيه بغير ياء . وقال الشاعر :
ليس تُخفى يَسَارَتي قدر يوم *** ولقد تُخف شِيمتي إعساري
قوله تعالى : " وقل للذين أوتوا الكتاب والأميين أأسلمتم فإن أسلموا فقد اهتدوا وإن تولوا فإنما عليك البلاغ والله بصير بالعباد " يعني اليهود والنصارى " والأميين " الذين لا كتاب لهم وهم مشركو العرب . " أأسلمتم " استفهام معناه التقرير وفي ضمنه الأمر ، أي أسلموا ، كذا قال الطبري وغيره . وقال الزجاج : " أأسلمتم " تهديد . وهذا حسن لأن المعنى أأسلمتم أم لا . وجاءت العبارة في قوله " فقد اهتدوا " بالماضي مبالغة في الإخبار بوقوع الهدي لهم وتحصيله . و " البلاغ " مصدر بلغ بتخفيف عين الفعل ، أي إنما عليك أن تبلغ . وقيل : إنه مما نسخ بالجهاد . وقال ابن عطية : وهذا يحتاج إلى معرفة تاريخ نزولها ، وأما على ظاهر نزول هذه الآيات في وفد نجران فإنما المعنى فإنما عليك أن تبلغ ما أنزل إليك بما فيه من قتال وغيره .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.