النكت و العيون للماوردي - الماوردي  
{فَإِنۡ حَآجُّوكَ فَقُلۡ أَسۡلَمۡتُ وَجۡهِيَ لِلَّهِ وَمَنِ ٱتَّبَعَنِۗ وَقُل لِّلَّذِينَ أُوتُواْ ٱلۡكِتَٰبَ وَٱلۡأُمِّيِّـۧنَ ءَأَسۡلَمۡتُمۡۚ فَإِنۡ أَسۡلَمُواْ فَقَدِ ٱهۡتَدَواْۖ وَّإِن تَوَلَّوۡاْ فَإِنَّمَا عَلَيۡكَ ٱلۡبَلَٰغُۗ وَٱللَّهُ بَصِيرُۢ بِٱلۡعِبَادِ} (20)

قوله عز وجل : { فَإِنْ حَآجُّوكَ فَقُلْ : أَسْلَمْتُ وَجْهِيَ لِلَّهِ } الآية . فيه وجهان :

أحدهما : أي أسلمت نفسي ، ومعنى أسلمت : انقدت لأمره في إخلاص التوحيد له .

والثاني : أن معنى أسلمت وجهي : أخلصت قصدي إلى الله في العبادة ، مأخوذ من قول الرجل إذا قصد رجلاً فرآه في الطريق هذا وجهي إليك ، أي قصدي{[522]} .

{ وَالأُمِّيِّينَ } هم الذين لا كتاب لهم ، مأخوذ من الأمي الذي لا يكتب ، قال ابن عباس : هم مشركو العرب .

{ ءَأَسْلَمْتُمْ } هو أمر بالإِسلام على صورة الاستفهام .

فإن قيل : في أمره تعالى عند حِجَاجِهمْ بأن يقول : { أَسْلَمْتُ وَجْهِيَ لِلَّهِ } عدول عن جوابهم وتسليم لحِجَاجِهم ، فعنه جوابان :

أحدهما : ليس يقتضي أمره بهذا القول النهي عن جوابهم والتسليم بحِجَاجِهم ، وإنما أمره أن يخبرهم بما يقتضيه معتقده ، ثم هو في الجواب لهم والاحْتِجَاج على ما يقتضيه السؤال .

والثاني : أنهم ما حاجُّوه طلباً للحق فيلزمه جوابهم ، وإنما حاجُّوه إظهاراً للعناد ، فجاز له الإِعراض عنهم بما أمره أن يقول لهم{[523]} .


[522]:- سقط من ق.
[523]:- سقط من ق.