تيسير التفسير لإبراهيم القطان - إبراهيم القطان  
{وَكَذَٰلِكَ جَعَلۡنَٰكُمۡ أُمَّةٗ وَسَطٗا لِّتَكُونُواْ شُهَدَآءَ عَلَى ٱلنَّاسِ وَيَكُونَ ٱلرَّسُولُ عَلَيۡكُمۡ شَهِيدٗاۗ وَمَا جَعَلۡنَا ٱلۡقِبۡلَةَ ٱلَّتِي كُنتَ عَلَيۡهَآ إِلَّا لِنَعۡلَمَ مَن يَتَّبِعُ ٱلرَّسُولَ مِمَّن يَنقَلِبُ عَلَىٰ عَقِبَيۡهِۚ وَإِن كَانَتۡ لَكَبِيرَةً إِلَّا عَلَى ٱلَّذِينَ هَدَى ٱللَّهُۗ وَمَا كَانَ ٱللَّهُ لِيُضِيعَ إِيمَٰنَكُمۡۚ إِنَّ ٱللَّهَ بِٱلنَّاسِ لَرَءُوفٞ رَّحِيمٞ} (143)

الوسط : العدل والخيار .

من ينقلب على عقبيه : يترك ما كان عليه من التقوى والاستقامة .

وكذلك جعلناكم أمة وسطاً خياراً عُدولا ، جَمَعَ دينُها بين المادة والروح ، فجاء وسطاً جامعاً بين حق الروح وحق الجسم . وخير الأمور الوسط . وذلك لتشهدوا يوم القيامة على جميع الناس الماديين الذي فرطوا في جنب الله ، وأخلدوا إلى الملذات وعبادة المادة ، وقالوا إِنْ هي الا حياتنا نموت ونحيا ، وما يهلكنا إلا الدهر . . وكذلك الذين غلَوا في الدين وتخلّوا عن جميع اللذات الجثمانية وتعلقوا بالروحانيات فقط . لقد جعلناكم كذلك لتكونوا أمة وسطا بين هؤلاء وهؤلاء ، وبكل معاني الوسط ، سواء في الوساطة بمعنى الحسن والفضل ، أو الاعتدال والقصد ، أو التفكير والشعور .

{ وَيَكُونَ الرسول عَلَيْكُمْ شَهِيداً } إذ هو المرتبة العليا لمرتبة الوسط .

{ وَمَا جَعَلْنَا القبلة التي كُنتَ عَلَيْهَآ . . . } أما القبلة إلى بيت المقدس والتي شرعناها لك حيناً من الدهر ، ثم أمرناك أن تتحول عنها ، فإنما جعلناها امتحانا للمسلمين ، ليتبين منهم من يطيع أوامر الله ويتبع الرسول الكريم ، ومن يغلب عليه هواه فيضلّ عن سواء السبيل .

ولقد كان الأمر بالتوجه إلى بيت المقدس ثم التحول إلى الكعبة شاقاً الا على الذي وفقهم الله إلى الإيمان . والله رؤوف بعباده ، لأنه ذو رحمة واسعة ، فلا يُضيع عمل عامل من عباده .

القراءات :

قرأ الحرميان ، وابن عامر وحفص «لرؤوف » بالمد على وزن فعول . والباقون «رَؤُف » فَعُل .