{ لِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَإِنْ تُبْدُوا مَا فِي أَنْفُسِكُمْ أَوْ تُخْفُوهُ يُحَاسِبْكُمْ بِهِ اللَّهُ فَيَغْفِرُ لِمَنْ يَشَاءُ وَيُعَذِّبُ مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ }
هذا إخبار من الله أنه له ما في السماوات وما في الأرض ، الجميع خلقهم ورزقهم ودبرهم لمصالحهم الدينية والدنيوية ، فكانوا ملكا له وعبيدا ، لا يملكون لأنفسهم ضرا ولا نفعا ولا موتا ولا حياة ولا نشورا ، وهو ربهم ومالكهم الذي يتصرف فيهم بحكمته وعدله وإحسانه ، وقد أمرهم ونهاهم وسيحاسبهم على ما أسروه وأعلنوه ، { فيغفر لمن يشاء } وهو لمن أتى بأسباب المغفرة ، ويعذب من يشاء بذنبه الذي لم يحصل له ما يكفره { والله على كل شيء قدير } لا يعجزه شيء ، بل كل الخلق طوع قهره ومشيئته وتقديره وجزائه .
يخبر تعالى أن له ملك السموات والأرض وما فيهن وما بينهن ، وأنه المطلع على ما فيهن ، لا تخفى عليه الظواهر ولا السرائر والضمائر ، وإن دقت وخفيت ، وأخبر أنه سَيُحاسب عباده على ما فعلوه وما أخفوه في صدورهم كما قال : { قُلْ إِنْ تُخْفُوا مَا فِي صُدُورِكُمْ أَوْ تُبْدُوهُ يَعْلَمْهُ اللَّهُ وَيَعْلَمُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الأرْضِ وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ } [ آل عمران : 29 ] ، وقال : { يَعْلَمُ السِّرَّ وَأَخْفَى } [ طه : 7 ] ، والآيات في ذلك{[4706]} كثيرة جدا ، وقد أخبر في هذه بمزيد على العلم ، وهو : المحاسبة على ذلك ، ولهذا لما نزلت هذه الآية اشتد ذلك على الصحابة ، رضي الله عنهم ، وخافوا منها ، ومن محاسبة الله لهم على جليل الأعمال وحقيرها ، وهذا من شدة إيمانهم وإيقانهم .
{ لله ما في السماوات وما في الأرض } خلقا وملكا . { وإن تبدوا ما في أنفسكم أو تخفوه } يعني ما فيها من السوء والعزم عليه لترتب المغفرة والعذاب عليه . { يحاسبكم به الله } يوم القيامة . وهو حجة على من أنكر الحساب كالمعتزلة والروافض . { فيغفر لمن يشاء } مغفرته . { ويعذب من يشاء } تعذيبه ، وهو صريح في نفي وجوب التعذيب . وقد رفعهما ابن عامر وعاصم ويعقوب على الاستئناف ، وجزمهما الباقون عطفا على جواب الشرط ، ومن جزم بغير فاء جعلهما بدلا منه بدل البعض من الكل أو الاشتمال كقوله :
متى تأتنا تلمم بنا في ديارنا *** تجد حطبا جزلا ونارا تأججا
وإدغام الراء في اللام لحن إذ الراء لا تدغم إلا في مثلها . { والله على كل شيء قدير } فيقدر على الإحياء والمحاسبة .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.