تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي - ابن سعدي [إخفاء]  
{يَـٰٓأَيُّهَا ٱلنَّبِيُّ إِذَا طَلَّقۡتُمُ ٱلنِّسَآءَ فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ وَأَحۡصُواْ ٱلۡعِدَّةَۖ وَٱتَّقُواْ ٱللَّهَ رَبَّكُمۡۖ لَا تُخۡرِجُوهُنَّ مِنۢ بُيُوتِهِنَّ وَلَا يَخۡرُجۡنَ إِلَّآ أَن يَأۡتِينَ بِفَٰحِشَةٖ مُّبَيِّنَةٖۚ وَتِلۡكَ حُدُودُ ٱللَّهِۚ وَمَن يَتَعَدَّ حُدُودَ ٱللَّهِ فَقَدۡ ظَلَمَ نَفۡسَهُۥۚ لَا تَدۡرِي لَعَلَّ ٱللَّهَ يُحۡدِثُ بَعۡدَ ذَٰلِكَ أَمۡرٗا} (1)

مقدمة السورة:

تفسير سورة الطلاق [ وهي مدنية ]

{ 1-3 } { بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ وَأَحْصُوا الْعِدَّةَ وَاتَّقُوا اللَّهَ رَبَّكُمْ لَا تُخْرِجُوهُنَّ مِنْ بُيُوتِهِنَّ وَلَا يَخْرُجْنَ إِلَّا أَنْ يَأْتِينَ بِفَاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ وَتِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ وَمَنْ يَتَعَدَّ حُدُودَ اللَّهِ فَقَدْ ظَلَمَ نَفْسَهُ لَا تَدْرِي لَعَلَّ اللَّهَ يُحْدِثُ بَعْدَ ذَلِكَ أَمْرًا * فَإِذَا بَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَأَمْسِكُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ أَوْ فَارِقُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ وَأَشْهِدُوا ذَوَيْ عَدْلٍ مِنْكُمْ وَأَقِيمُوا الشَّهَادَةَ لِلَّهِ ذَلِكُمْ يُوعَظُ بِهِ مَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا * وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ إِنَّ اللَّهَ بَالِغُ أَمْرِهِ قَدْ جَعَلَ اللَّهُ لِكُلِّ شَيْءٍ قَدْرًا }

يقول تعالى مخاطبًا لنبيه صلى الله عليه وسلم وللمؤمنين :

{ يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ } أي : أردتم طلاقهن { ف } التمسوا لطلاقهن الأمر المشروع ، ولا تبادروا بالطلاق من حين يوجد سببه ، من غير مراعاة لأمر الله .

بل { طَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ } أي : لأجل عدتهن ، بأن يطلقها زوجها وهي طاهر ، في طهر لم يجامعها فيه ، فهذا الطلاق هو الذي تكون العدة فيه واضحة بينة ، بخلاف ما لو طلقها وهي حائض ، فإنها لا تحتسب تلك الحيضة ، التي وقع فيها الطلاق ، وتطول عليها العدة بسبب ذلك ، وكذلك لو طلقها في طهر وطئ فيه ، فإنه لا يؤمن حملها ، فلا يتبين و [ لا ] يتضح بأي عدة تعتد ، وأمر تعالى بإحصاء العدة ، أي : ضبطها بالحيض إن كانت تحيض ، أو بالأشهر إن لم تكن تحيض ، وليست حاملاً ، فإن في إحصائها أداء لحق الله ، وحق الزوج المطلق ، وحق من سيتزوجها بعد ، [ وحقها في النفقة ونحوها ] فإذا ضبطت عدتها ، علمت حالها على بصيرة ، وعلم ما يترتب عليها من الحقوق ، وما لها منها ، وهذا الأمر بإحصاء العدة ، يتوجه [ للزوج ]{[1132]}  وللمرأة ، إن كانت مكلفة ، وإلا فلوليها ، وقوله : { وَاتَّقُوا اللَّهَ رَبَّكُمْ } أي : في جميع أموركم ، وخافوه في حق الزوجات المطلقات ، ف { لَا تُخْرِجُوهُنَّ مِنْ بُيُوتِهِنَّ } مدة العدة ، بل يلزمن بيوتهن{[1133]}  الذي طلقها زوجها وهي فيها .

{ وَلَا يَخْرُجْنَ } أي : لا يجوز لهن الخروج منها ، أما النهي عن إخراجها ، فلأن{[1134]}  المسكن ، يجب على الزوج للزوجة{[1135]} ، لتكمل فيه عدتها التي هي حق من حقوقه .

وأما النهي عن خروجها ، فلما في خروجها ، من إضاعة حق الزوج وعدم صونه .

ويستمر هذا النهي عن الخروج من البيوت ، والإخراج إلى تمام العدة .

{ إِلَّا أَنْ يَأْتِينَ بِفَاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ } أي : بأمر قبيح واضح ، موجب لإخراجها ، بحيث يدخل على أهل البيت الضرر من عدم إخراجها ، كالأذى بالأقوال والأفعال الفاحشة ، ففي هذه الحال يجوز لهم إخراجها ، لأنها هي التي تسببت لإخراج نفسها ، والإسكان فيه جبر لخاطرها ، ورفق بها ، فهي التي أدخلت الضرر على نفسها{[1136]} ، وهذا في المعتدة الرجعية ، وأما البائن ، فليس لها سكنى واجبة ، لأن السكن تبع للنفقة ، والنفقة تجب للرجعية دون البائن ، { وَتِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ } [ أي : ] التي حددها لعباده وشرعها لهم ، وأمرهم بلزومها ، والوقوف معها ، { وَمَنْ يَتَعَدَّ حُدُودَ اللَّهِ } بأن لم يقف معها ، بل تجاوزها ، أو قصر عنها ، { فَقَدْ ظَلَمَ نَفْسَهُ } أي : بخسها حظها ، وأضاع نصيبه من اتباع حدود الله التي هي الصلاح في الدنيا والآخرة . { لَا تَدْرِي لَعَلَّ اللَّهَ يُحْدِثُ بَعْدَ ذَلِكَ أَمْرًا } أي : شرع الله العدة ، وحدد الطلاق بها ، لحكم عظيمة : فمنها : أنه لعل الله يحدث في قلب المطلق الرحمة والمودة ، فيراجع من طلقها ، ويستأنف عشرتها ، فيتمكن من ذلك مدة العدة ، أولعله يطلقها لسبب منها ، فيزول ذلك السبب في مدة العدة ، فيراجعها لانتفاء سبب الطلاق .

ومن الحكم : أنها مدة التربص ، يعلم براءة رحمها من زوجها .


[1132]:- زيادة من هامش: ب.
[1133]:- في ب: بل تلزم بيتها.
[1134]:- كذا في ب، وفي أ: فإن.
[1135]:- كذا في أ: يجب للزوجة عليه.
[1136]:- في ب: عليها.
 
تفسير القرآن العظيم لابن كثير - ابن كثير [إخفاء]  
{يَـٰٓأَيُّهَا ٱلنَّبِيُّ إِذَا طَلَّقۡتُمُ ٱلنِّسَآءَ فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ وَأَحۡصُواْ ٱلۡعِدَّةَۖ وَٱتَّقُواْ ٱللَّهَ رَبَّكُمۡۖ لَا تُخۡرِجُوهُنَّ مِنۢ بُيُوتِهِنَّ وَلَا يَخۡرُجۡنَ إِلَّآ أَن يَأۡتِينَ بِفَٰحِشَةٖ مُّبَيِّنَةٖۚ وَتِلۡكَ حُدُودُ ٱللَّهِۚ وَمَن يَتَعَدَّ حُدُودَ ٱللَّهِ فَقَدۡ ظَلَمَ نَفۡسَهُۥۚ لَا تَدۡرِي لَعَلَّ ٱللَّهَ يُحۡدِثُ بَعۡدَ ذَٰلِكَ أَمۡرٗا} (1)

مقدمة السورة:

تفسير سورة الطلاق

وهي مدنية .

خُوطب النبي صلى الله عليه وسلم أولا تشريفًا وتكريما ، ثم خاطب الأمة تبعًا فقال : { يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ }

وقال ابن أبي حاتم : حدثنا محمد بن ثواب بن سعيد الهباري ، حدثنا أسباط بن محمد ، عن سعيد ، عن قتادة ، عن أنس قال : طلق رسول الله صلى الله عليه وسلم حفصة ، فأتت أهلها ، فأنزل الله ، عز وجل : { يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ } فقيل له : راجعها فإنها صوامة قوامة ، وهي من أزواجك ونسائك في الجنة .

ورواه ابن جرير ، عن ابن بشار ، عن عبد الأعلى ، عن سعيد ، عن قتادة . . . فذكره مرسلا {[28942]} وقد ورد من غير وجه : أن رسول الله صلى الله عليه وسلم طلق حفصة ثم راجعها .

وقال البخاري : حدثنا يحيى بن بُكَيْر ، حدثنا الليث وعقيل ، عن ابن شهاب ، أخبرني سالم : أن عبد الله بن عمر أخبره : أنه طلق امرأة له وهي حائض ، فذكر عمرُ لرسول الله صلى الله عليه وسلم ، فتغيظ رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم قال : " ليراجعها ، ثم يمسكها حتى تطهر ، ثم تحيض فتطهر ، فإن بدا له أن يطلقها فليطلقها طاهرًا قبل أن يمسها ، فتلك العدة التي أمر الله ، عز وجل " {[28943]}

هكذا رواه البخاري هاهنا وقد رواه في مواضع من كتابه ، ومسلم ، ولفظه : " فتلك العدة التي أمر الله أن يطلق لها النساء " {[28944]}

ورواه أصحاب الكتب والمسانيد من طرق متعددة وألفاظ كثيرة{[28945]} ومواضع استقصائها كتب الأحكام .

وأمَسُّ لفظ يورَد ها هنا ما رواه مسلم في صحيحه ، من طريق ابن جُرَيْج : أخبرني أبو الزبير : أنه سمع عبد الرحمن بن أيمن - مولى عَزة يسأل ابن عمر - وأبو الزبير يسمع ذلك : كيف ترى في رجل طلق امرأته حائضًا ؟ فقال : طَلَّق ابن عمر امرأته حائضا على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فسأل عمر رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : إن عبد الله بن عمر طلق امرأته وهي حائض ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " ليراجعها " فَردَّها ، وقال : " إذا طهرت فليطلق أو يمسك " . قال ابن عمر : وقرأ النبي صلى الله عليه وسلم : { يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ } {[28946]} .

وقال الأعمش ، عن مالك بن الحارث ، عن عبد الرحمن بن يزيد ، عن عبد الله في قوله : { فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ } قال : الطهر من غير جماع{[28947]} وروي عن ابن عمر وعطاء ، ومجاهد ، والحسن ، وابن سيرين ، وقتادة ، وميمون بن مِهْران ، ومقاتل بن حيان مثل ذلك ، وهو رواية عن عكرمة ، والضحاك .

وقال علي بن أبي طلحة ، عن ابن عباس في قوله تعالى : { فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ } قال : لا يطلقها وهي حائض ولا في طهر قد جامعها فيه ، ولكن : تتركها حتى إذا حاضت وطهرت طلقها تطليقة .

وقال عكرمة : { فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ } العدة : الطهر ، والقرء الحيضة ، أن يطلقها حبلى مستبينا حملها ، ولا يطلقها وقد طاف عليها ، ولا يدري حبلى هي أم لا .

ومن ها هنا أخذ الفقهاء أحكام الطلاق وقسموه إلى طلاق سنة وطلاق بدعة ، فطلاق السنة : أن يطلقها طاهرًا من غير جماع ، أو حاملا قد استبان حملها . والبدعي : هو أن يطلقها في حال الحيض ، أو في طهر قد جامعها فيه ، ولا يدري أحملت أم لا ؟ وطلاق ثالث لا سنة فيه ولا بدعة ، وهو طلاق الصغيرة والآيسة ، وغير المدخول بها ، وتحرير الكلام في ذلك وما يتعلق به مستقصى في كتب الفروع ، والله سبحانه وتعالى أعلم .

وقوله { وَأَحْصُوا الْعِدَّةَ } أي : احفظوها واعرفوا ابتداءها وانتهاءها ؛ لئلا تطول العدة على المرأة فتمتنع من الأزواج . { وَاتَّقُوا اللَّهَ رَبَّكُمْ } أي : في ذلك .

وقوله : { لا تُخْرِجُوهُنَّ مِنْ بُيُوتِهِنَّ وَلا يَخْرُجْنَ } أي : في مدة العدة لها حق السكنى على الزوج ما دامت معتدة منه ، فليس للرجل أن يخرجها ، ولا يجوز لها أيضا الخروج لأنها معتقلة{[28948]} لحق الزوج أيضًا .

وقوله : { إِلا أَنْ يَأْتِينَ بِفَاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ } أي : لا يخرجن من بيوتهن إلا أن ترتكب المرأة فاحشة مبينة ، فتخرج من المنزل ، والفاحشة المبينة تشمل الزنا ، كما قاله ابن مسعود ، وابن عباس ، وسعيد بن المُسَيَّب ، والشعبي ، والحسن ، وابن سيرين ، ومجاهد ، وعِكْرمة ، وسعيد بن جبير ، وأبو قِلابة ، وأبو صالح ، والضحاك ، وزيد بن أسلم ، وعطاء الخراساني ، والسُّدِّي ، وسعيد بن أبي هلال ، وغيرهم وتشمل ما ذا{[28949]} نشزَت المرأة أو بَذَت على أهل الرجل وآذتهم في الكلام والفعال ، كما قاله أبي بن كعب ، وابن عباس ، وعكرمة ، وغيرهم .

وقوله : { وَتِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ } أي : شرائعه ومحارمه { وَمَنْ يَتَعَدَّ حُدُودَ اللَّهِ } أي : يخرج عنها ويتجاوزها إلى غيرها ولا يأتمر بها { فَقَدْ ظَلَمَ نَفْسَهُ } أي : بفعل ذلك .

وقوله : { لا تَدْرِي لَعَلَّ اللَّهَ يُحْدِثُ بَعْدَ ذَلِكَ أَمْرًا } أي : إنما أبقينا المطلقة في منزل الزوج في مدة العدة ، لعل الزوج يندم على طلاقها ويخلق الله في قلبه رَجْعَتَها ، فيكون ذلك أيسر وأسهل .

قال الزهري ، عن عبيد الله بن عبد الله ، عن فاطمة بنت قيس في قوله : { لا تَدْرِي لَعَلَّ اللَّهَ يُحْدِثُ بَعْدَ ذَلِكَ أَمْرًا } قال : هي الرجعة . وكذا قال الشعبي ، وعطاء ، وقتادة ، والضحاك ، ومقاتل ابن حيان ، والثوري . ومن هاهنا ذهب من ذهب من السلف ومن تابعهم ، كالإمام أحمد بن حنبل ، رحمه الله تعالى إلى أنه لا تجب السكنى للمبتوتة ، وكذا المتوفى عنها زوجها ، واعتمدوا أيضًا على حديث فاطمة بنت قيس الفهرية ، حين طلقها زوجها أبو عمرو بن حفص آخر ثلاث تطليقات ، وكان غائبًا عنها باليمن ، فأرسل إليها بذلك ، فأرسل إليها وكيله بشعير - [ يعني ]{[28950]} نفقة - فَتَسَخَّطته فقال : والله ليس لك علينا نفقة . فأتت رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقال : " ليس لك عليه نفقة " . ولمسلم : ولا سكنى ، وأمرها أن تعتد في بيت أم شريك ، ثم قال : " تلك امرأة يغشاها أصحابي ، اعتدي عند ابن أم مكتوم ، فإنه رجل أعمى تضعين ثيابك " الحديث{[28951]}

وقد رواه الإمام أحمد من طريق أخرى بلفظ آخر ، فقال :

حدثنا يحيى بن سعيد ، حدثنا مجالد ، حدثنا عامر قال : قدمت المدينة فأتيت فاطمة بنت قيس ، فحدثتني أن زوجها طلقها على عهد النبي صلى الله عليه وسلم ، فبعثه رسول الله صلى الله عليه وسلم في سَرية . قالت : فقال لي أخوه : اخرجي من الدار . فقلت : إن لي نفقة وسكنى حتى يحل الأجل . قال : لا . قالت : فأتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم فقلت : إن فلانا طلقني ، وأن أخاه أخرجني ومنعني السكنى والنفقة ، [ فأرسل إليه ]{[28952]} فقال : " ما لك ولابنة آل قيس " ، قال : يا رسول الله ، إن أخي طلقها ثلاثا جميعًا . قالت : فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " انظري يا بنت آل قيس ، إنما النفقة والسكنى للمرأة على زوجها ما كان له عليها رجعة ، فإذا لم يكن له عليها رجعة فلا نفقة ولا سكنى . اخرجي فانزلي على فلانة " . ثم قال : " إنه يُتحَدّث إليها ، انزلي على ابن أم مكتوم ، فإنه أعمى لا يراك " وذكر تمام الحديث{[28953]}

وقال أبو القاسم الطبراني : حدثنا أحمد بن عبد الله البزار التُّسْتَريّ ، حدثنا إسحاق بن إبراهيم الصواف ، حدثنا بكر بن بكار ، حدثنا سعيد بن يزيد البجلي ، حدثنا عامر الشعبي : أنه دخل على فاطمة بنت قيس أخت الضحاك بن قيس القرشي ، وزوجها أبو عمرو بن حفص بن المغيرة المخزومي فقالت : إن أبا عمرو بن حفص أرسل إلي وهو منطلق في جيش إلى اليمن بطلاقي ، فسألت أولياءه النفقة علي والسكنى ، فقالوا : ما أرسل إلينا في ذلك شيئًا ، ولا أوصانا به . فانطلقت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقلت : يا رسول الله ، إن أبا عمرو بن حفص أرسل إلي بطلاقي ، فطلبت السكنى والنفقة علي ، فقال : أولياؤه : لم يرسل إلينا في ذلك بشيء . فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " إنما النفقة والسكنى للمرأة إذا كان لزوجها عليها رجعة ، فإذا كانت لا تحل له حتى تنكح زوجًا غيره فلا نفقة لها ولا سكنى " .

وكذا رواه النسائي{[28954]} عن أحمد بن يحيى الصوفي ، عن أبي نعيم الفضل بن دُكَيْن ، عن سعيد بن يزيد وهو الأحمسي البَجَلي الكوفي . قال أبو حاتم الرازي : وهو شيخ ، يروى عنه {[28955]}


[28942]:- (1) تفسير الطبري (28/85)
[28943]:- (2) صحيح البخاري برقم (4908).
[28944]:- (3) صحيح البخاري برقم (5251) وصحيح مسلم برقم (1471).
[28945]:- (4) المسند (2/26، 43، 51، 54، 58) وسنن أبي داود برقم (2179) وسنن النسائي (6/138) وسنن ابن ماجة برقم (2023).
[28946]:- (1) صحيح مسلم برقم (14719).
[28947]:- (2) رواه الطبري في تفسيره (28/83).
[28948]:- (3) في أ: "لأنها متعلقة".
[28949]:- (1) في م، أ: "وتشمل ما إذا".
[28950]:- (2) زيادة من م.
[28951]:- (3) صحيح مسلم برقم (1480).
[28952]:- (4) زيادة من المسند.
[28953]:- (5) المسند (6/373).
[28954]:- (1) المعجم الكبير (24/382) وسنن النسائي (6/144).
[28955]:- (2) الجرح والتعديل لابن أبي حاتم (4/74).