تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي - ابن سعدي [إخفاء]  
{أَلَمۡ تَرَ كَيۡفَ فَعَلَ رَبُّكَ بِأَصۡحَٰبِ ٱلۡفِيلِ} (1)

مقدمة السورة:

تفسير سورة الفيل ، وهي مكية .

{ 1 - 5 } { بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ أَلَمْ تَرَ كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ بِأَصْحَابِ الْفِيلِ * أَلَمْ يَجْعَلْ كَيْدَهُمْ فِي تَضْلِيلٍ * وَأَرْسَلَ عَلَيْهِمْ طَيْرًا أَبَابِيلَ * تَرْمِيهِمْ بِحِجَارَةٍ مِنْ سِجِّيلٍ * فَجَعَلَهُمْ كَعَصْفٍ مَأْكُولٍ }

أي : أما رأيت من قدرة الله وعظيم شأنه ، ورحمته بعباده ، وأدلة توحيده ، وصدق رسوله محمد صلى الله عليه وسلم ، ما فعله الله بأصحاب الفيل .

 
التفسير الوسيط للقرآن الكريم لسيد طنطاوي - سيد طنطاوي [إخفاء]  
{أَلَمۡ تَرَ كَيۡفَ فَعَلَ رَبُّكَ بِأَصۡحَٰبِ ٱلۡفِيلِ} (1)

مقدمة السورة:

بسم الله الرحمن الرحيم

تفسير سورة الفيل

مقدمة وتمهيد

1- سورة " الفيل " وسماها بعضهم سورة " ألم تر . . . " من السور المكية الخالصة ، وعدد آياتها خمس آيات ، وكان نزولها بعد سورة " قل يأيها الكافرون " ، وقبل سورة " القيامة " ، فهي السورة التاسعة عشرة في ترتيب النزول من بين السور المكية .

2- ومن أهم مقاصدها تذكير أهل مكة بفضل الله –تعالى- عليهم ، حيث منع كيد أعدائهم عنهم ، وعن بيته الحرام ، وبيان أن هذا البيت له مكانته السامية عنده –تعالى- ، وأن من أراده بسوء قصمه الله –تعالى- ، وتبشير النبي صلى الله عليه وسلم بأنه –سبحانه- كفيل برعايته ونصره على أعدائه ، كما نصر أهل مكة على أبرهة وجيشه ، وتثبيت المؤمنين على الحق ، لكي يزدادوا إيمانا على إيمانهم ، وبيان أن الله –سبحانه- غالب على أمره .

3- وقصة أصحاب الفيل من القصص المشهورة عند العرب ، وملخصها : أن أبرهة الأشرم الحبشي أمير اليمن من قبل النجاشي ملك الحبشة ، بنى كنيسة بصنعاء لم ير مثلها في زمانها . . وأراد أن يصرف الناس من الحج إلى بيت الله الحرام ، إلى الحج إليها . . ثم جمع جيشا عظيما قدم به لهدم الكعبة . . فأهلكه الله –تعالى- وأهلك من معه من رجال وأفيال . .

وكانت ولادته صلى الله عليه وسلم في هذا العام . . ( {[1]} ) .

الاستفهام فى قوله - تعالى - : { أَلَمْ تَرَ . . . } للتقرير بما تواتر نقله وعمله صلى الله عليه وسلم وعلمه غيره علما مستفيضا . . حتى إن العرب كانوا يؤرخون بتلك الحادثة ، فيقولون : هذا الأمر حدث فى عام الفيل ، أو بعده أو قبله . . والمراد بالرؤية هنا : العلم المحقق .

وعبر - سبحانه - عن العلم بالرؤية ؛ لأن خبر هذه القصة - كما أشرنا -كان من الشهرة بمكان ، فالعلم الحاصل بها مساو فى قوة الثبوت للرؤية والمشاهدة .

والمعنى : لقد علمت - أيها الرسول الكريم - علما لا يخالطه ريب أو لبس ، ما فعله ربك بأصحاب الفيل ، الذين جاءوا لهدم الكعبة ، حيث أهلكناهم إهلاكا شنيعا ، كانت في العبرة والعظة ، والدلالة الواضحة على قدرتنا ، وعلى حمايتنا لبيتنا الحرام .

وأوقع - سبحانه - الاستفهام عن كيفية ما أنزله بهم ، لا عن الفعل ذاته ؛ لأن الكيفية أكثر دلالة على قدرته - تعالى - ، وعلى أنه - سبحانه - لا يعجزه شيء .

وفى التعبير بقوله : { فَعَلَ رَبُّكَ . . . } إشارة إلى أن هذا الفعل لا يقدر عليه أحد سواه - سبحانه - ، فهو الذى ربى نبيه صلى الله عليه وسلم وتعهده بالرعاية ، وهو الكفيل بنصره على أعدائه ، كما نصر أهل مكة على جيوش الحبشة . . وهم أصحاب الفيل .

ووصفوا بأنهم " أصحاب الفيل " ؛ لأنهم أحضروا معهم الفيلة ، ليستعينوا بها على هدم الكعبة ، وعلى إذلال أهل مكة .


[1]:- سورة إبراهيم: الآية 1.
 
جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري - الطبري [إخفاء]  
{أَلَمۡ تَرَ كَيۡفَ فَعَلَ رَبُّكَ بِأَصۡحَٰبِ ٱلۡفِيلِ} (1)

بسم الله الرحمَن الرحيم

القول في تأويل قوله تعالى : { أَلَمْ تَرَ كَيْفَ فَعَلَ رَبّكَ بِأَصْحَابِ الْفِيلِ * أَلَمْ يَجْعَلْ كَيْدَهُمْ فِي تَضْلِيلٍ * وَأَرْسَلَ عَلَيْهِمْ طَيْراً أَبَابِيلَ * تَرْمِيهِم بِحِجَارَةٍ مّن سِجّيلٍ * فَجَعَلَهُمْ كَعَصْفٍ مّأْكُولِ } .

يقول تعالى ذكره لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم : ألم تنظر يا محمد بعين قلبك ، فترى بها { كَيْفَ فَعَلَ رَبّكَ بأصحَابِ الْفِيلِ } الذين قَدِموا من اليمن يريدون تخريب الكعبة من الحَبَشة ورئيسهم أبرهة الحبشيّ الأشرم . { أَلَمْ يَجْعَلْ كَيْدَهُمْ فِي تَضْلِيلٍ } يقول : ألم يجعل سعي الحبشة أصحاب الفيل في تخريب الكعبة فِي تَضْلِيلٍ يعني : في تضليلهم عما أرادوا وحاولوا من تخريبها .

 
المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية - ابن عطية [إخفاء]  
{أَلَمۡ تَرَ كَيۡفَ فَعَلَ رَبُّكَ بِأَصۡحَٰبِ ٱلۡفِيلِ} (1)

مقدمة السورة:

وهي مكية إجماعا من الرواة .

{ كيف } نصب بفعل ، والجمهور على أنه فيل واحد ، وقال الضحاك : ثمانية ، فهو اسم الجنس ، وقوله مردود ، وحكى النقاش : ثلاثة عشر . وهذه السورة تنبيه على الاعتبار في أخذ الله تعالى لأبرهة ملك الحبشة ولجيشه حين أم به الكعبة ليهدمها ، وكان صاحب فيل يركبه ، وقصته مشروحة في السير الطويلة ، واختصاره أنه بنى في اليمن بيتاً وأراد أن يرد إليه حج العرب ، فذهب أعرابي فأحدث في البيت الذي بنى أبرهة ، فغضب لذلك ، واحتفل في جموعه ، وركب الفيل وقصد مكة ، وغلب من تعرضه في طريقه من قبائل العرب ، فلما وصل ظاهر مكة وفر عبد المطلب وقريش إلى الجبال والشعاب ، وأسلموا له البلد ، وغلب طغيانه ، ولم يكن للبيت من البشر من يعصمه ويقوم دونه ، جاءت قدرة الواحد القهار وأخذ العزيز المقتدر ، فأصبح أبرهة ليدخل مكة ويهدم الكعبة فبرك فيله بذي المغمس{[11985]} ولم يتوجه قبل مكة فبضعوه بالحديد{[11986]} فلم يمش إلى ناحية مكة ، وكان إذا وجهوه إلى غيرها هرول ، فبينا هم كذلك في أمر الفيل بعث الله { عليهم طيراً } جماعات جماعات سوداً من البحر وقيل : خضراً ، عند كل طائر ثلاثة أحجار في منقاره ورجليه ، وكل حجر فوق العدسة ودون الحمصة ، فرمتهم بتلك الحجارة ، فكان الحجر منها يقتل المرمي وتتهرى لحومهم جذرياً ، وأسقاماً ، فانصرف أبرهة بمن معه يريد اليمن فماتوا في طريقهم متفرقين في كل مرحلة ، وتقطع أبرهة أنملة أنملة حتى مات وحمى الله بيته المرفع ، فنزلت الآية منبهة على الاعتبار بهذه القصة ، ليعلم الكل أن الأمر كله لله ، ويستسلموا للإله الذي ظهرت في ذلك قدرته ، حين لم تغن الأصنام شيئاً ف { أصحاب الفيل } : أبرهة الملك ورجاله ، وقرأ أبو عبد الرحمن : «ألم ترْ » بسكون الراء .


[11985]:موضع قريب من مكة في طريق الطائف.
[11986]:بضعه: شق جلده وقطعه.