بحر العلوم لعلي بن يحيى السمرقندي - السمرقندي  
{وَإِن كُنتُمۡ فِي رَيۡبٖ مِّمَّا نَزَّلۡنَا عَلَىٰ عَبۡدِنَا فَأۡتُواْ بِسُورَةٖ مِّن مِّثۡلِهِۦ وَٱدۡعُواْ شُهَدَآءَكُم مِّن دُونِ ٱللَّهِ إِن كُنتُمۡ صَٰدِقِينَ} (23)

قوله تعالى : { وَإِن كُنتُمْ فِى رَيْبٍ مما نزلنا } قال بعضهم : هذا الخطاب لليهود { وإن كنتم في ريب } : أي في شك { مّمَّا نَزَّلْنَا } يعني : من القرآن { على عَبْدِنَا } محمد صلى الله عليه وسلم من القرآن أنه ليس من الله تعالى { فَأْتُواْ بِسُورَةٍ مّن مِّثْلِهِ } ، أي من مثل هذا القرآن من التوراة ، وقابلوها بالقرآن ، فتجدوها موافقة لما في التوراة ، فتعلموا به أن محمداً صلى الله عليه وسلم لم يختلقه من تلقاء نفسه وأنه من الله تعالى : { وادعوا شُهَدَاءكُم مِّن دُونِ الله } ، أي استعينوا بأحباركم ورهبانكم ، يعني عبّادكم { إِن كُنتُمْ صادقين } فيما تشكون فيه .

وقال بعضهم : نزلت في شأن المشركين { وَإِن كُنتُمْ فِى رَيْبٍ } أي في شك { مّمَّا نَزَّلْنَا } من القرآن { على عَبْدِنَا } محمد صلى الله عليه وسلم من القرآن وتقولون : إنه اختلقه من تلقاء نفسه { فَأْتُواْ بِسُورَةٍ } أي فاختلقوا سورة من مثل هذا القرآن ، لأنكم شعراء وفصحاء { وادعوا شُهَدَاءكُم } ، أي استعينوا بآلهتكم ، ويقال : استعينوا بخطبائكم وشعرائكم { إِن كُنتُمْ صادقين } أن محمداً يقوله من تلقاء نفسه .

وقال قتادة : معناه { فأتوا بسورة } فيها حق وصدق لا باطل فيها . وكان الفقيه أبو جعفر رحمه الله يقول : ( الهاء ) إشارة إلى النبي صلى الله عليه وسلم فكأنه قال : فأتوا بسورة من مثل محمد صلى الله عليه وسلم ، لأنه لم يكن قرأ الكتب ولا درس فأتوا بسورة من رجل لم يقرأ الكتب ، كما جاء به محمد صلى الله عليه وسلم . ويقال : هذه الآيات أصل لجميع ما تكلم به المتكلمون ، لأن في أول الآية إثبات الصانع ثم في الآية الأخرى إثبات نبوة محمد صلى الله عليه وسلم ؛ فالله تعالى أمرهم بأن يأتوا بعشر سور فعجزوا عنها ، ثم أمرهم بسورة من مثله ، فعجزوا عنها ، فنزلت هذه الآية { قُل لَّئِنِ اجتمعت الإنس والجن على أَن يَأْتُواْ بِمِثْلِ هذا القرءان لاَ يَأْتُونَ بِمِثْلِهِ وَلَوْ كَانَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ ظَهِيرًا } [ الإسراء : 88 ] الآية .