قوله تعالى : { يَكَادُ البرق يَخْطَفُ أبصارهم } ، أي ضوء البرق ، يذهب ويختلس بأبصارهم من شدة ضوء البرق فكذلك نور إيمان المنافق يكاد يغطي على الناس كفره في سره ، حتى لا يعلموا كفره . وقد قيل : معناه يكاد أن يظهر عليهم نور الإسلام ، فيثبتون على ذلك .
ثم قال : { كُلَّمَا أَضَاء لَهُم مَّشَوْاْ فِيهِ } ، أي كلما لمع البرق في الليلة المظلمة مضوا فيه ، { وَإِذَا أَظْلَمَ عَلَيْهِمْ } ، أي إذا ذهب ضوء البرق { قَامُواْ } متحيرين فكذلك المنافق ، إذا تكلم بلا إله إلا الله ، يمضي مع المؤمنين ، ويمنع بها من السيف ، فإذا مات بقي متحيراً نادماً . ويقال : معناه { يَكَادُ البرق يَخْطَفُ أبصارهم كُلَّمَا أَضَاءَ لَهُم مَّشَوْاْ فِيهِ وَإِذَا أَظْلَمَ عَلَيْهِمْ قَامُواْ وَلَوْ شَاءَ الله لَذَهَبَ بِسَمْعِهِمْ وأبصارهم إِنَّ الله على كُلِّ شَىْءٍ قَدِيرٌ } [ البقرة : 20 ] أي كلما ظهر لهم دليل نبوة محمد صلى الله عليه وسلم وظهر لهم علاماته مالوا إليه ، { وإذا أظلم عليهم } ، أي إذا أصاب المسلمين محنة ، كما أصابتهم يوم أحد ، وكما أصابتهم يوم بئر معونة { قاموا } أي ثبتوا على كفرهم .
وروى أسباط ، عن السدي أنه قال : كان رجلان من المنافقين هربا من المدينة إلى المشركين ، فأصابهما من المطر الذي ذكر الله فيه ظلمات ورعد وبرق ، كلما أصابهما الصواعق جعلا أصابعهما في آذانهما فإذا لمع البرق مشيا في ضوئه ، وإذا لم يلمع لم يبصرا شيئاً ، فقاما مكانهما فجعلا يقولان : يا ليتنا لو أصبحنا فنأتي محمداً صلى الله عليه وسلم فنضع أيدينا في يده ، فأصبحا فأتياه فأسلما وحسن إسلامهما ، فضرب الله في شأن هذين المنافقين الخارجين مثلاً للمنافقين الذين كانوا بالمدينة ، ثم قال تعالى : { وَلَوْ شَاء الله لَذَهَبَ بِسَمْعِهِمْ وأبصارهم } ، قال بعضهم { بسمعهم } الظاهر الذي في الرأس { وأبصارهم } التي في الأعين ، كما ذهب بسمع قلوبهم ، وأبصار قلوبهم عقوبة لهم . قيل : معناه ، ولو شاء لجعلهم صماً وعمياً في الحقيقة ، كما جعلهم صماً وعمياً في الحكم . قد قيل : معناه ، { ولو شاء الله } لجعلهم صماً وعمياً في الآخرة ، كما جعلهم في الدنيا . وروي في إحدى الروايتين ، عن ابن عباس أنه قال : هذا من المكتوم الذي لا يفسر . ثم قال تعالى : { إِنَّ الله على كُلِّ شَىْء قَدِيرٌ } من العقوبة وغيرها .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.