ثم قال تعالى : { صُمٌّ بُكْمٌ عُمْىٌ فَهُمْ لاَ يَرْجِعُونَ } وفي قراءة عبد الله بن مسعود رضي الله عنه «صُمّاً بُكْمّاً عُمْياً » ، وإنما جعلها نصباً لوقوع الفعل عليها ، يعني وتركهم صماً بكماً عمياً . وقرأ غيره : { صُمٌّ بُكْمٌ عُمْىٌ } ومعناه هم { صُمٌّ بُكْمٌ عُمْىٌ } . وتفسير الآية أنهم يتصاممون ، حيث لم يسمعوا الحق ولم يتكلموا به ، ولم يبصروا العبرة والهدى ، فكأنهم صم بكم عمي ، ولأن الله تعالى خلق السمع والبصر واللسان لينتفعوا بهذه الأشياء ، فإذا لم ينتفعوا بالسمع والبصر صار كأن السمع والبصر لم يكن لهم . كما أن الله تعالى سمى الكفرة موتى حيث قال تعالى : { أَوَ مَن كَانَ مَيْتًا فأحييناه وَجَعَلْنَا لَهُ نُورًا يَمْشِي بِهِ فِى الناس كَمَن مَّثَلُهُ فِي الظلمات لَيْسَ بِخَارِجٍ مِّنْهَا كَذَلِكَ زُيِّنَ للكافرين مَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ } [ الأنعام : 122 ] يعني كافراً فهديناه ؛ وإنما سماهم موتى والله أعلم لأنه لا منفعة لهم في حياتهم ، فكأن تلك الحياة لم تكن لهم ، فكذلك السمع والبصر واللسان ، إذا لم ينتفعوا بها فكأنها لم تكن لهم ، فكأنهم { صم بكم عمي فهم لا يرجعون } ، يعني لا يرجعون إلى الهدى .
وقال القتبي : معنى قوله تعالى : { وَتَرَكَهُمْ فِي ظلمات لاَّ يُبْصِرُونَ } [ البقرة : 19 ] قال : الظلمة الأولى كانت ظلمة الكفر ، استيقادهم النار قول : لا إله إلا الله ، وإذا خلوا إلى شياطينهم فنافقوا . وقالوا { وَإِذَا لَقُواْ الذين آمَنُواْ قالوا آمَنَّا وَإِذَا خَلَوْاْ إلى شياطينهم قالوا إِنَّا مَعَكُمْ إِنَّمَا نَحْنُ مُسْتَهْزِءُونَ } [ البقرة : 14 ] فسلبهم نور الإيمان ، { وَتَرَكَهُمْ فِي ظلمات لاَّ يُبْصِرُونَ } [ البقرة : 17 ] .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.