بحر العلوم لعلي بن يحيى السمرقندي - السمرقندي  
{وَقُلۡنَا يَـٰٓـَٔادَمُ ٱسۡكُنۡ أَنتَ وَزَوۡجُكَ ٱلۡجَنَّةَ وَكُلَا مِنۡهَا رَغَدًا حَيۡثُ شِئۡتُمَا وَلَا تَقۡرَبَا هَٰذِهِ ٱلشَّجَرَةَ فَتَكُونَا مِنَ ٱلظَّـٰلِمِينَ} (35)

قوله تعالى : { وَقُلْنَا يَا آدَمُ اسكن أَنتَ وَزَوْجُكَ الجنة } ، روي عن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما أنه قال : أمر الله تعالى ملائكته أن يحملوا آدم على سرير من ذهب إلى السماء ، فأدخلوه الجنة ثم خلق منه زوجه حواء ، يعني من ضلعه الأيسر ، وكان آدم بين النائم واليقظان . وقال ابن عباس : سميت حواء لأنها خلقت من الحي . ويقال : إنما سميت حواء لأنه كان في شفتها حوة ، يعني حمرة فقال عز وجل : { وَقُلْنَا يَا آدَمُ اسكن أَنتَ وَزَوْجُكَ } أي حواء . يقال للمرأة : زوجة وزوج ، والزوج أفصح .

وقوله عز وجل : { وَكُلاَ مِنْهَا } ، أي من الجنة { رَغَدًا } ، أي موسعاً عليكما بلا موت ولا هنداز بالزاي المعجمة هكذا قال في رواية الكلبي يعني بغير تقتير . وقال أهل اللغة : الرغد هو السعة في الرّزق من غير تقتير .

قوله تعالى : { حَيْثُ شِئْتُمَا وَلاَ تَقْرَبَا هذه الشجرة } ، أي ولا تأكلا من هذه الشجرة . روي عن ابن عباس رضي الله عنهما : أنها كانت شجرة القمح . وروى السدي ، عمن حدثه ، عن ابن عباس أنه قال : هي شجرة الكرم . وروى الشعبي عن جعدة بن هبيرة مثله . وروي عن علي رضي الله عنه مثله . وروي عن قتادة أنه قال : وذكر لنا أنها شجرة التين ويقال : إنما كان النهي عن الأكل من الشجرة للمحنة ، لأن الدنيا دار محنة ، وقد خلقه من الأرض ليسكن فيها ، فامتُحِن بذلك ، كما امتُحن أولاده في الدنيا بالحلال والحرام . فذلك قوله عز وجل : { وَلاَ تَقْرَبَا هذه الشجرة فَتَكُونَا مِنَ الظالمين } ، أي فتصيرا من الضالين بأنفسكما .