بحر العلوم لعلي بن يحيى السمرقندي - السمرقندي  
{فَجَآءَتۡهُ إِحۡدَىٰهُمَا تَمۡشِي عَلَى ٱسۡتِحۡيَآءٖ قَالَتۡ إِنَّ أَبِي يَدۡعُوكَ لِيَجۡزِيَكَ أَجۡرَ مَا سَقَيۡتَ لَنَاۚ فَلَمَّا جَآءَهُۥ وَقَصَّ عَلَيۡهِ ٱلۡقَصَصَ قَالَ لَا تَخَفۡۖ نَجَوۡتَ مِنَ ٱلۡقَوۡمِ ٱلظَّـٰلِمِينَ} (25)

قوله : { عَلَى استحياء } . يعني : على حياء ، لأنها كانت مقنعة ، ولم تك متبرجة .

ويقال : على استحياء . يعني : على حياء ، لأنها كانت واضعة يدها على وجهها . ويقال { عَلَى استحياء } ، أي مستترة بكم درعها . قال : فالوقف على تمشي إذا كان قولها على الحياء ، فأما إذا كان مشيها على الحياء ، فالوقف على استحياء . والقول بالحياء أشبه من المشي بالحياء ، فكيف ما يقف يجوز بالمعنى . فقالت : { إِنَّ أَبِي يَدْعُوكَ لِيَجْزِيَكَ أَجْرَ مَا سَقَيْتَ لَنَا } ، وكان بين موسى وبين أبيها ثلاثة أميال . ويقال : أقل من ذلك ، فتبعها فلم يجد بداً من أن يتبعها ، لأنه كان بين الجبال خائفاً مستوحشاً ، فلما تبعها هبت الريح ، فجعلت تصفق ثيابها ، وتظهر عجيزتها . وجعل موسى عليه السلام يعرض مرة ، ويغض أخرى ، فلما عيل صبره ناداها : ياأمة الله كوني خلفي ، وأريني السمت بقولك . يعني : دليني الطريق ، فلما دخل على شعيب عليه السلام إذا هو بالعشاء مهيأ ، فقال له شعيب : اجلس يا شاب ، فتعش . فقال موسى : أعوذ بالله . فقال له شعيب : لم لا تأكل أما أنت جائع ؟ فقال : بلى ، ولكن أخاف أن يكون هذا عوضاً لما سقيت لهما ، وأنا من أهل بيت ، لا نبيع شيئاً من ديننا بملء الأرض ذهباً . فقال : لا يا شاب ، ولكنها عادتي وعادة آبائي إنا نقري الضيف ، ونطعم الطعام ، فجلس موسى فأكل ، وأخبره بقصة القتل والهرب ، فذلك قوله عز وجل : { فَلَمَّا جَاءهُ وَقَصَّ عَلَيْهِ القصص قَالَ لاَ تَخَفْ نَجَوْتَ مِنَ القوم الظالمين } يعني : خرجت من ولاية فرعون ، ولا سلطان له في أرضنا . وقال في رواية الكلبي : كان هذا الرجل اسمه نيرون ابن أخي شعيب ، وشعيب كان توفي قبل ذلك . وقال عامة المفسرين : إن هذا كان شعيباً .