فتح البيان في مقاصد القرآن للقنوجي - صديق حسن خان  
{صُمُّۢ بُكۡمٌ عُمۡيٞ فَهُمۡ لَا يَرۡجِعُونَ} (18)

{ صم } : أي استماع الحق لأنهم لا يقبلونه وإذا لم يقبلوه فكأنهم لم يسمعوه والصم الانسداد { بكم } أي خرس عن النطق بالخير فهم لا يقولونه والأبكم الذي لا ينطق ولا يفهم ، فإذا فهم فهو الأخرس وقيل الأبكم والأخرس واحد { عمي } أي لا بصائر لهم يميزون بها بين الحق والباطل ، ومن لا بصيرة له كمن لا بصر له فهو أعمى ، والعمى ذهاب البصر ، كانت حواسهم سليمة ولكن لما سدوا عن سماع الحق آذانهم وأبوا أن تنطق به ألسنتهم ، وأن ينظروا إليه بعيونهم ، جعلوا كمن تعطلت حواسه ، وذهب إدراكه كما قال الشاعر{[79]} :

صم إذا سمعوا خيرا ذكرت به وإن ذكرت بسوء كلهم أذن

{ فهم لا يرجعون } أي عن ضلالتهم ونفاقهم . صحابه بما نظهر لهم من الإسلام لنأمن من شرهم ونقف على سرهم ، ونأخذ من غنائمهم ، تأكيد لما قبله أو بدل منه أو استئناف .


[79]:ومن ذلك قوله مسكين الداري: ما ضر جارا لي أجاروه ألا يكون لبابه ستر أعمى إذا ما جارتي خرجت حتى يواري جارتي الخدر وتصم عما بينهم أذنى حتى يكون كأنه وقر