فتح البيان في مقاصد القرآن للقنوجي - صديق حسن خان  
{إِنَّ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ سَوَآءٌ عَلَيۡهِمۡ ءَأَنذَرۡتَهُمۡ أَمۡ لَمۡ تُنذِرۡهُمۡ لَا يُؤۡمِنُونَ} (6)

{ إن الذين كفروا سواء عليهم أنذرتهم أم لم تنذرهم لا يؤمنون ختم الله

على قلوبهم وعلى سمعهم وعلى أبصارهم غشاوة ولهم عذاب عظيم ومن الناس من يقول آمنا بالله وباليوم الأخر وما هم بمؤمنين يخادعون الله والذين آمنوا وما يخدعون إلا أنفسهم وما يشعرون }

{ إن الذين } التعريف للعهد أو للجنس ، والثاني أولى { كفروا } أي جحدوا وأنكروا ، وأصل الكفر في اللغة الستر والتغطية ومنه سمي الكافر كافرا لأنه يغطي بكفره ما يحب أن يكون عليه من الإيمان { سواء عليهم } أي متساو لديهم ، وسواء اسم مصدر بمعنى الاستواء وارتفاعه على أنه خبر لأن { أأنذرتهم } أي خوفتهم وحذرتهم ، والإنذار الإبلاغ والإعلام مع التخويف فكل منذر معلم ، وليس كل معلم منذرا ، قرئ بتحقيق الهمزتين وإبدال الثانية ألفا ، قال البيضاوي وهذا الإبدال لحن ، ورد عليه على القارئ بأن ما قاله تقليدا للكشاف خطأ لأن القراءة به متواترة عن النبي صلى الله عليه وسلم فإنكارها كفر ، وتمام هذا البحث في الجمل { أم لم تنذرهم لا يؤمنون } أي لا يصدقون .

قال القرطبي واختلف العلماء في تأويل هذه الآية فقيل هي عامة ومعناها الخصوص فيمن حقت عليه كلمة العذاب وسبق في علم الله أنه يموت على كفره أراد الله تعالى أن يعلم الناس أن فيهم من هذا حاله دون أن يعين أحدا ، وقال ابن عباس والكلبي نزلت في رؤساء اليهود حيي بن أخطب وكعب ابن الأشرف ونظرائهما وقال الربيع بن أنس نزلت فيمن قتل يوم بدر من قادة الأحزاب ، والأول أصح فإن من عين أحدا فإنما مثل عن كشف الغيب بموته على الكفر انتهى .