فتح البيان في مقاصد القرآن للقنوجي - صديق حسن خان  
{يَكَادُ ٱلۡبَرۡقُ يَخۡطَفُ أَبۡصَٰرَهُمۡۖ كُلَّمَآ أَضَآءَ لَهُم مَّشَوۡاْ فِيهِ وَإِذَآ أَظۡلَمَ عَلَيۡهِمۡ قَامُواْۚ وَلَوۡ شَآءَ ٱللَّهُ لَذَهَبَ بِسَمۡعِهِمۡ وَأَبۡصَٰرِهِمۡۚ إِنَّ ٱللَّهَ عَلَىٰ كُلِّ شَيۡءٖ قَدِيرٞ} (20)

{ يكاد البرق } أي يقرب يقال كاد يفعل ولم يفعل { يخطف أبصارهم } أي يختلسها والخطف استلاب الشيء والأخذ بسرعة { كلما أضاء لهم } يعني البرق { مشوا فيه } أي في إضاءته ونوره { وإذا أظلم عليهم قاموا } أي وقفوا متحيرين { ولو شاء الله لذهب بسمعهم } أي بصوت الرعد { وأبصارهم } بوميض البرق { إن الله على كل شيء قدير } أي هو الفاعل لما يشاء لا منازع له فيه ، والآية على عمومها بلا استثناء ، وفيه دليل على أن الحادث حال حدوثه والممكن حال بقائه مقدوران لا كما زعم المعتزلة من أن الاستطاعة قبل الفعل .

وهذا مثل آخر ضربه الله للمنافقين ، والمنافقون أصناف منهم من يظهر الإسلام ويبطن الكفر ، ومنهم من قال فيه النبي صلى الله عليه وآله وسلم ثلاث من كن فيه كان منافقا خالصا ومن كانت فيه واحدة منهن كان فيه خصلة من النفاق حتى يدعها ، من إذا حدث كذب وإذا خاصم فجر ، وورد بلفظ إذا عاهد غدر ، وقد ذكر ابن جرير ومن تبعه من المفسرين أن هذين المثلين لصنف واحد من المنافقين .