{ أو كصيب من السماء } أو : حرف الشك لقصد التخيير بين المثلين أي مثلوهم بهذا ، وهي وإن كانت في الأصل للشك فقد توسع فيها حتى صارت لمجرد التساوي من غير شك ، وقال الفراء وغيره أنها بمعنى الواو ، والصيب المطر واشتقاقه من صاب يصوب إذا نزل ، وكل ما نزل من الأعلى إلى الأسفل فهو صيب ، والسماء في الأصل كل ما علاك فأظلمك ، ومنه قيل لسقف البيت سماء ، والسماء أيضا المطر سمي بها لنزوله منها ، وإطلاق السماء على المطر واقع كثير في كلام العرب ، وقيل من السماء بعينها ، وإنما ذكر الله تعالى من السماء وإن كان المطر لا ينزل إلا منها ليرد على زعم أن المطر ينعقد من أبخرة الأرض فأبطل مذهب الحكماء بقوله { من السماء } ليعلن أن المطر منها لا كما هو زعمهم الباطل .
{ فيه ظلمات } أي في الصيب ، وبه قال جمهور المفسرين ، وقال السيوطي في السحاب وهو خلاف ظاهر نظم الآية ، وقيل { في } بمعنى مع ، وإنما جمع الظلمات إشارة إلى أنه انظم إلى ظلمة الليل ، ظلمة الغيم والمطر { ورعد } اسم لصوت الملك الذي يزجر السحاب ، وقد أخرج الترمذي من حديث ابن عباس قال : سألت اليهود النبي صلى الله عليه وسلم عن الرعد ما هو ؟ ، قال ( ملك من الملائكة بيده مخاريق من نار يسوق بها السحاب حيث يشاء الله ) قالوا فما هذا الصوت الذي يسمع ؟ قال زجره بالسحاب إذا زجره حتى ينتهي إلى حيث أمر ، قالت صدقت ، الحديث بطوله وفي إسناده مقال ، وعلى هذا التفسير أكثر العلماء ، وقيل هو اضطراب أجرام السحاب عند نزول المطر منها وإلى هذا ذهب جمع من المفسرين تبعا للفلاسفة وجهلة المتكلمين ، وقيل غير ذلك ، قال ابن عباس : الرعد اسم ملك يسوق السحاب ، والبرق لمعان سوطه من نور يزجر به السحاب ، وقيل الرعد اسم ملك يزجر السحاب{[80]} إذا تبددت جمعها وضمها فإذا اشتد غضبه يخرج من فيه النار فهي البرق { وبرق } النار التي تخرج منه ، أي مخراق بيد الملك الذي يسوق السحاب ، وإليه ذهب كثير من الصحابة وجمهور علماء الشريعة للحديث السابق ، وقال بعض المفسرين تبعا للفلاسفة أن البرق ما ينقدح من اصطكاك أجرام السحاب المتراكمة من الأبخرة المتصعدة المشتملة على جزء ناري يلهب عند الاصطكاك .
{ يجعلون } أي أصحاب الصيب { أصابعهم في آذانهم من الصواعق } إطلاق الأصابع على بعضها مجاز مشهور ، والعلاقة الجزئية والكلية لأن الذي يجعل في الأذان إنما هو رأس الأصبع لا كلها ، والصواعق ، ويقال الصواعق هي قطعة نار تنفصل من مخراق الملك الذي يزمجر السحاب عند غضبه وشدة ضربه لها ، ويدل على ذلك حديث ابن عباس المذكور قريبا ، وبه قال كثير من علماء الشريعة ، ومنهم من قال إنها نار تخرج من فم الملك ، وقال الخليل هي الوقعة الشديدة من صوت الرعد يكون معها أحيانا قطعة نار تحرق ما أتت عليه ، وقال أبو زيد الصاعقة نار تسقط من السماء في رعد شديد ، وقال بعض المفسرين تبعا للفلاسفة ومن قال بقولهن إنها نار لطيفة تنقدح من السحاب إذا اصطكت أجرامها ، وسيأتي في سورة الرعد إن شاء الله تعالى في تفسير الرعد والبرق والصواعق ما له مزيد فائدة وإيضاح ، وعن ابن عمر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان إذا سمع صوت الرعد والصواعق قال : ( اللهم لا تقتلنا بغضبك ولا تهلكنا بعذابك وعافنا قبل ذلك ) ، أخرجه الترمذي وقال حديث غريب { حذر الموت } أي مخافة الهلاك ، والموت ضد الحياة { والله محيط بالكافرين } أي عالم بحالهم وقيل يجمعهم ويعذبهم والإحاطة الأخذ من جميع الجهات حتى لا يفوت المحاط به بوجه من الوجوه .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.