فتح الرحمن في تفسير القرآن لتعيلب - تعيلب  
{صُمُّۢ بُكۡمٌ عُمۡيٞ فَهُمۡ لَا يَرۡجِعُونَ} (18)

{ صم } سدت مسامعهم { بكم } خرس لا ينطقون

{ عمي } ذهبت أبصارهم { لا يرجعون } لا يعودون إلى الاهتداء

{ صم بكم عمي فهم لا يعقلون } صم عن سماع الحق ، فآذانهم مغلقة دونه ، عمي عن سبيل السلام فلا يبتغونه ، بكم عن القول الحق فلا يقولونه ، وإنما تتحرك به ألسنتهم مخاتلة وغدرا ولكنهم يتجافون عنه ولا يقدسونه بل لا يحبون أهل الحق ولا يكادون يطيقون رؤيتهم : { . . وإذا لقوكم قالوا آمنا وإذا خلو عضوا عليكم الأنامل من الغيظ . . }{[155]}- ولا يرغبون الرجوع عن صفقتهم التي باعوا فيها الإخلاص واشتروا المكر والمخاتلة ؛ { . . ثم لا يتوبون ولا هم يذكرون }{[156]} ؛ وليس الغرض مما ذكرناه نفى الإدراكات عن حواسهم جملة ، وإنما الغرض مما ذكرناه نفيها من جهة ما ؛ . . ولقد أحسن الشاعر حيث قال : أصم عما ساءه سميع

وقال الدرامي :

أعمى إذا ما جارتي خرجت *** حتى يواري جارتي الخدر{[157]}


[155]:من سورة آل عمران من الآية 119.
[156]:سورة التوبة من الآية 126.
[157]:ما بين العارضتين مما اورد القرطبي.