السراج المنير في تفسير القرآن الكريم للشربيني - الشربيني  
{وَإِذۡ أَخَذۡنَا مِيثَٰقَكُمۡ وَرَفَعۡنَا فَوۡقَكُمُ ٱلطُّورَ خُذُواْ مَآ ءَاتَيۡنَٰكُم بِقُوَّةٖ وَٱسۡمَعُواْۖ قَالُواْ سَمِعۡنَا وَعَصَيۡنَا وَأُشۡرِبُواْ فِي قُلُوبِهِمُ ٱلۡعِجۡلَ بِكُفۡرِهِمۡۚ قُلۡ بِئۡسَمَا يَأۡمُرُكُم بِهِۦٓ إِيمَٰنُكُمۡ إِن كُنتُم مُّؤۡمِنِينَ} (93)

{ وإذ أخذنا ميثاقكم } على العمل بما في التوراة { و } قد { رفعنا فوقكم الطور } أي : الجبل حين امتنعتم من قبولها ليسقط عليكم ، وقلنا : { خذوا ما آتيناكم بقوّة } أي : بجد واجتهاد { واسمعوا } ما تؤمرون به سماع قبول { قالوا سمعنا } قولك { وعصينا } أمرك وقيل : سمعنا بالآذان وعصينا بالقلوب ، قال أهل المعاني : إنهم لم يقولوا هذا بألسنتهم ولكن لما سمعوا بالآذان وتلقوه بالعصيان نسب ذلك إلى القول اتساعاً { وأشربوا في قلوبهم العجل } أي : خالط حبه قلوبهم كما يتداخل الشراب أعماق البدن ، وفي قلوبهم بيان لمكان الإشراب كقوله تعالى : { إنما يأكلون في بطونهم ناراً } ( النساء ، 10 ) .

فائدة : قال البغويّ في «القصص » : إنّ موسى عليه الصلاة والسلام أمر أن يبرد العجل بالمبرد ثم يذر في النهر وأمر بالشرب منه فمن بقي في قلبه شيء من حب العجل ظهرت سحالة الذهب على شاربه . { بكفرهم } أي : بسبب كفرهم وذلك أنهم كانوا مجسمة أو حلولية ولم يروا جسماً أعجب منه فتمكن من قلوبهم ما سوّل لهم السامري { قل } لهم يا محمد { بئسما } أي : شيئاً { يأمركم به إيمانكم } بالتوراة عبادة العجل ، وإضافة الأمر إلى إيمانهم تهكم ، كما قال قوم شعيب : { أصلواتك تأمرك } ( هود ، 87 ) وكذلك إضافة الإيمان إليهم في قوله تعالى : { إن كنتم مؤمنين } بعبادة العجل .