الهداية إلى بلوغ النهاية لمكي بن ابي طالب - مكي ابن أبي طالب  
{وَإِذۡ أَخَذۡنَا مِيثَٰقَكُمۡ وَرَفَعۡنَا فَوۡقَكُمُ ٱلطُّورَ خُذُواْ مَآ ءَاتَيۡنَٰكُم بِقُوَّةٖ وَٱسۡمَعُواْۖ قَالُواْ سَمِعۡنَا وَعَصَيۡنَا وَأُشۡرِبُواْ فِي قُلُوبِهِمُ ٱلۡعِجۡلَ بِكُفۡرِهِمۡۚ قُلۡ بِئۡسَمَا يَأۡمُرُكُم بِهِۦٓ إِيمَٰنُكُمۡ إِن كُنتُم مُّؤۡمِنِينَ} (93)

قوله : ( وَإِذَا اَخَذْنَا مِيثَاقَكُمْ وَرَفَعْنَا فَوْقَكُمُ الطُّورَ ) الآية( {[3017]} ) [ 92 ] .

أخذ الله( {[3018]} ) ميثاق بني إسرائيل بأن يعملوا( {[3019]} ) بما في التوراة بقوة أي : بجد وعزم ونشاط وكان ذلك إذ رفع فوقهم الطور .

قوله : ( وَاسْمَعُوا ) [ 92 ] : أي : استمعوا ما أمرتم( {[3020]} ) به ، وتقبلوه بالطاعة .

( قَالُوا سَمِعْنَا ) [ 92 ] : أي : سمعنا قولك وعصينا أمرك .

وخرج في هذا من لفظ الخطاب إلى لفظ الغيبة كما قال : ( حَتَّى إِذَا كُنْتُمْ فِي الفُلْكِ وَجَرَيْنَ بِهِمْ )( {[3021]} ) . وقد يخرج من الغيبة إلى الخطاب كما قال تعالى : ( الحَمْدُ لِلهِ )( {[3022]} ) ، ثم قال بعد ذلك : ( إِيَّاكَ نَعْبُدُ )( {[3023]} ) .

قوله : ( وَأُشْرِبُوا فِي قُلُوبِهِمُ العِجْلَ بِكُفْرِهِم ) [ 92 ] . أي : حب العجل من أجل كفرهم .

وقيل( {[3024]} ) : المعنى إنهم( {[3025]} ) سقوا من الماء الذي ذري فيه براية العجل .

وقال السدي : " إنهم شربوا من الماء الذي ذري فيه سحالة( {[3026]} ) العجل بأمر موسى صلى الله عليه وسلم/ لهم . فمن كان يحبه خرج على شاربه الذهب فذلك قوله : ( وَأُشْرِبُوا فِي قُلُوبِهِمُ العِجْلَ ) .

وأولى هذه الأقوال قول من قال : حب العجل . لأن الماء لا يقال فيه : أشربته بمعنى " سقيته " ( {[3027]} ) .

وروي أنهم قالوا لموسى صلى الله عليه وسلم : " إن عبادة العجل أسهل علينا من عبادة الرحمن ، لأن العجل إن عصيناه لم يعذبنا ، والرحمن إن عصيناه/ عذبنا " . فأنزل الله : ( قُلْ بِيسَمَا يَامُرُكُم بِهِ( {[3028]} ) إيمَانُكُمْ ) .

قوله : ( قُلْ بِيسَمَا يَامُرُكُم بِهِ إِيمَانُكُمُ( {[3029]} ) ) [ 92 ] .

معناه أي : ( {[3030]} ) قل يا محمد : بئس الإيمان إيمان يأمركم بالكفر بمحمد صلى الله عليه وسلم ، لأن التوراة تنهى عن الجحود بمحمد صلى الله عليه وسلم ، وتنهى عن القتل وعن تبديل( {[3031]} ) ما أنزل الله وأنتم على ذلك مصرون( {[3032]} ) .

( إِن كُنْتُم مُّومِنِينَ ) [ 92 ] : أي : في قولكم إن كنتم تؤمنون( {[3033]} ) بما أنزل إليكم .

وقيل : معناه : ما كنتم مؤمنين .


[3017]:- في ع3: أي.
[3018]:- في ع3: الله تبارك وتعالى.
[3019]:- في ق: يقتلوا. وفي ع3: يعلموا.
[3020]:- في ع3: أمرتكم.
[3021]:- يونس آية 22.
[3022]:- الفاتحة آية 1.
[3023]:- الفاتحة آية 4.
[3024]:- سقط من ق.
[3025]:- سقط من ع3.
[3026]:- في ق: سمانة. والسحالة ما سقط من الذهب والفضّة ونحوهما إذا سحلا أي نحتا يقال: سحله يسحله سحلاً فانسحل" إذا قشره ونحته. انظر: اللسان 2/110.
[3027]:- انظر: جامع البيان 2/358، والمحرر الوجيز 1/294.
[3028]:- سقط من ع3.
[3029]:- قوله: "قوله قل..إيمانكم" ساقط من ق.
[3030]:- سقط من ع3.
[3031]:- في ع1، ع2: تنزيل وهو تحريف.
[3032]:- انظر: هذا المعنى في جامع البيان 2/360-361.
[3033]:- في ع3: مؤمنين.