تفسير مقاتل بن سليمان - مقاتل  
{وَإِذۡ أَخَذۡنَا مِيثَٰقَكُمۡ وَرَفَعۡنَا فَوۡقَكُمُ ٱلطُّورَ خُذُواْ مَآ ءَاتَيۡنَٰكُم بِقُوَّةٖ وَٱسۡمَعُواْۖ قَالُواْ سَمِعۡنَا وَعَصَيۡنَا وَأُشۡرِبُواْ فِي قُلُوبِهِمُ ٱلۡعِجۡلَ بِكُفۡرِهِمۡۚ قُلۡ بِئۡسَمَا يَأۡمُرُكُم بِهِۦٓ إِيمَٰنُكُمۡ إِن كُنتُم مُّؤۡمِنِينَ} (93)

{ وإذ أخذنا ميثاقكم } ، يعني : وقد أخذنا ميثاقكم في التوراة ، يعني : اليهود ، يعني :على أن تعبدوا الله ، ولا تشركوا به شيئا ، وأن تؤمنوا بالكتاب والنبيين ، { ورفعنا فوقكم الطور } ، حين لم يقبلوا التوراة ، قال موسى : يا رب ، إن عبادك لم يقبلوا كتابك ، وعصوا أمرك ، فأمر الله عز وجل الملائكة وجبريل ، فرفعوا من الأرض المقدسة جبلا فوق رءوسهم ، فحال الجبل بينهم وبين السماء ، فقال موسى ، عليه السلام ، لبني إسرائيل : إن لم تقبلوا التوراة طرح هذا الجبل ، فيرضخ به رءوسكم ، وكان الجبل منهم قدر ميل ، فلما رأوا ذلك قبلوها ، فذلك قوله سبحانه : { وإذ نتقنا الجبل فوقهم كأنه ظلة وظنوا أنه واقع بهم } ( الأعراف : 171 ) ، { خذوا ما آتيناكم بقوة } ، يعني : ما آتيناكم من التوراة بالجد والمواظبة عليه ، فرجع الجبل إلى مكانه ، فقال موسى لبني إسرائيل : { واسمعوا } ، يقول : اسمعوا ما في التوراة من الحدود ، والأحكام ، والشدة ، { قالوا سمعنا } بذلك الذي تخوفنا به من أمر الجبل ، { وعصينا } أمرك ، فلا نتبع ما جئتنا به من الشدة في التوراة ، والعجل كان أرفق بنا ، وأهون علينا مما جئتنا به من الشدة ، يقول الله عز وجل : { وأشربوا في قلوبهم العجل بكفرهم } ، قال لهم موسى : أن تحبوا شيئا دونه يعدل حبه في قلوبكم ، كحب الله خالقكم ، { قل بئسما يأمركم به إيمانكم أن كنتم مؤمنين } كما تزعمون .

ثم أخبر أنه حين رفع الجبل عليهم والبحر من ورائهم ، خافوا الهلكة ، فقبلوا التوراة .