وكرر ذكر رفع الطور للتأكيد ، ولما نيط به من زيادة قولهم { سمعنا وعصينا } الدال على نهاية لجاجهم وذلك أنه قال لهم : اسمعوا سماع تقبل وطاعة . فقالوا : سمعنا ولكن لا سماع طاعة ، وظاهر الآية يدل على أنهم قالوا هذا القول أعني سمعنا وعصينا وعليه الأكثرون . وعن أبي مسلم أنه يجوز أن يكون المعنى سمعوه وتلقوه بالعصيان ، فعبر عن ذلك بالقول مثل { قالتا أتينا طائعين } [ فصلت : 11 ] { وأشربوا في قلوبهم العجل } أي تداخلهم حبه والحرص على عبادته كما يتداخل الثوب الصبغ . وقوله تعالى { في قلوبهم } بيان لمكان الإشراب كقوله { إنما يأكلون في بطونهم ناراً } [ النساء : 10 ] وفي هذه الاستعارة لطيفة وهي أنه كما أن الشرب مادة لحياة ما تخرجه الأرض فكذا تلك المحبة كانت مادة للقبائح الصادرة عنهم . وفي قوله { وأُشربوا } دلالة على أن فاعلاً غيرهم فعل ذلك بهم كالسامري وإبليس وشياطين الجن والإنس ، وذلك بسبب كفرهم واعتقادهم التشبيه على الله تعالى ولا ريب أن جميع الأسباب تنتهي إلى الله تعالى وقد عرفت التحقيق في أمثال ذلك مراراً . { بئسما يأمركم } المخصوص بالذم محذوف أي بئس شيئاً يأمركم به إيمانكم بالتوراة عبادة العجل ، فليس في التوراة عبادة العجاجيل . وإضافة الأمر إلى إيمانهم تهكم كما قال قوم شعيب { أصلاتك تأمرك } [ هود : 87 ] وكذلك إضافة الإيمان إليهم . واعلم أن الإيمان عرض ولا يصح منه الأمر والنهي ، لكن الداعي إلى الفعل والسبب فيه قد يشبه بالأمر كقوله { إن الصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر } [ العنكبوت : 45 ] .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.