{ في بُيُوتٍ أَذِنَ الله أَن تُرْفَعَ وَيُذْكَرَ فِيهَا اسمه } لمَّا ذُكر شأنُ القرآن الكريم في بيانه للشَّرائع والأحكام ومباديها وغاياتها المترتِّبةِ عليها من الثَّوابِ والعقاب وغير ذلك من أحوال الآخرة وأهوالِها وأُشير إلى كونِه في غاية ما يكونُ من التَّوضيحِ والإظهار حيثُ مُثِّل بما فُصِّل من نور المشكاة ، وأُشير إلى أنَّ ذلك النُّورَ مع كونِه في أقصى مراتبِ الظُّهور إنَّما يهتدي بهداه من تعلَّقتْ مشيئةُ الله تعالى بهدايته دُونَ مَن عداه عقَّب ذلك بذكر الفريقينِ وتصوير بعض أعمالهم المُعربةِ عن كيفيَّةِ حالهم في الاهتداءِ وعدمه . والمرادُ بالبيوتِ المساجدُ كلِّها حسبما رُوي عن ابن عبَّاسٍ رضي الله عنهما وقيل : هي المساجدُ التي بناها نبيٌّ من أنبياء الله تعالى : الكعبةُ التي بناها إبراهيمُ وإسماعيلُ عليهما السَّلامُ وبيتُ المقدسِ الذي بناه داودُ وسليمانُ عليهما السَّلامُ ومسجدُ المدينةِ ومسجدُ قُباءَ اللذانِ بناهما رسولُ الله صلى الله عليه وسلم . وتنكيرُها للتَّفخيم والمرادُ بالإذنِ في رفعها الأمرُ ببنائها رفيعةً لا كسائر البيوتِ وقيل : هو الأمر برفعِ مقدارها بعبادة الله تعالى فيها فيكونُ عطفُ الذِّكرِ عليه من قبيل العطفِ التفسيريِّ . وأيًّا ما كان ففي التَّعبير عنه بالإذن تلويحٌ بأنَّ اللائقَ بحال المأمور أنْ يكونَ متوجِّهاً إلى المأمور به قبل ورود الأمر به ناوياً لتحقيقِه كأنَّه مستأذنٌ في ذلك فيقع الأمرُ به موقعَ الإذن فيه . والمرادُ بذكر اسمه تعالى ما يعمُّ جميعَ أذكارِه تعالى . وكلمةُ في متعلِّقةٌ بقوله تعالى : { يُسَبّحُ لَهُ } وقولُه تعالى : { فِيهَا } تكريرٌ لها للتَّأكيد والتَّذكيرِ لما بينهما من الفاصلةِ وللإيذانِ بأنَّ التَّقديمَ للاهتمام لا لقصر التَّسبيحِ على الوقوع في البيوت فقط . وأصلُ التَّسبيحِ التَّنزيهُ والتَّقديسُ ، يُستعملُ باللامِ وبدونِها أيضاً كما في قوله تعالى : { سَبِّحِ اسم رَبّكَ الأعلى } قالوا : أُريد به الصَّلواتُ المفروضةُ كما ينبئ عنه تعيينُ الأوقاتِ بقوله تعالى : { بالغدو والآصال } أي بالغَدَواتِ والعَشَايا على أنَّ الغُدوَّ إمَّا جمعُ غداةٍ كقُنيَ في جمع قَنَاةٍ كما قيل . أو مصدرٌ أُطلق على الوقت حسبما يُشعر به اقترانُه بالآصالِ وهو جمع أَصيلٍ وهو العَشِيُّ وهو شامل لأوقاتِ ما عدا صلاةَ الفجرِ المؤدَّاةَ بالغداةِ ، ويجوزُ أنْ يرادَ به نفسُ التَّنزيه على أنَّه عبارة عمَّا يقعُ منه في أثناء الصَّلواتِ وأوقاتها لزيادةِ شرفِه وإنافتِه على سائر أفراده أو عمَّا يقعُ في جميع الأوقاتِ . وإفرادُ طَرَفي النَّهارِ بالذِّكرِ لقيامِهما مقامَ كلِّها لكونِهما العمدةَ فيها بكونِهما مشهورينَ وكونِهما أشهرَ ما يقعُ فيه المباشرةُ للأعمال والاشتغالُ بالأشغالِ . وقرئ والإيصالِ وهو الدُّخولُ في الأصيلِ .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.