الجواهر الحسان في تفسير القرآن للثعالبي - الثعالبي  
{فِي بُيُوتٍ أَذِنَ ٱللَّهُ أَن تُرۡفَعَ وَيُذۡكَرَ فِيهَا ٱسۡمُهُۥ يُسَبِّحُ لَهُۥ فِيهَا بِٱلۡغُدُوِّ وَٱلۡأٓصَالِ} (36)

وقوله تعالى : { فِي بُيُوتٍ أَذِنَ الله أَن تُرْفَعَ } [ النور : 36 ] .

قال ابن عباس وغيره : هي المساجد المخصوصةُ بعبادة اللّه التي من عادتها أنْ تُنَوَّرَ بهذا النوع من المصابيح . وقوله : { أَذِنَ الله } : بمعنى : أمر وقضى ، و{ تُرْفَعَ } قيل : معناه تُبْنَى وتُعَلَّى ، قاله مجاهد وغيره كقوله تعالى : { وَإِذْ يَرْفَعُ إبراهيم القواعد مِنَ البيت } [ البقرة : 127 ] ، وقال الحسن : معناه تُعظَّم ويُرْفَعُ شأنها ، وذكر اسمه تعالى هو بالصلاة والعبادة قولاً وفعلاً ، و{ يُسَبِّحُ لَهُ فِيهَا } أي : في المساجد ، { بالغدو والآصال } قال ابن عباس : أراد ركعتي الضُّحَى . والعصر ، وإنَّ ركعتي الضحى لفي كتاب اللّه وما يغوص عليها إلاَّ غَوَّاصٌ ثم وصف تعالى المسبحين بأنهم لمراقبتهم أمرَ اللّه تعالى وطلبهم رضاه ، لا يشغلهم عن الصلاة وذكرِ اللّه شيءٌ من أمور الدنيا .

قلت : وعن عمر رضي اللّه عنه أنَّ النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( يُجْمَعُ النَّاسُ فِي صَعِيدٍ وَاحَدٍ ، يَنْفُذُهُمُ البَصَرُ ، ويُسْمعُهُمُ الدَّاعِي ، فَيْنَادِي مُنَادٍ : سَيَعْلَمُ أَهْلُ الْجَمْعِ لَمِنَ الْكَرَمُ اليَوْمَ ثَلاَثَ مَرَّاتٍ ، ثُمَّ يَقُولُ : أَيْنَ الَّذِينَ كَانَتْ { تَتَجَافَى جُنُوبُهُمْ عَنِ المَضَاجِع } [ السجدة : 16 ] ؟