ثمَّ قال عزَّ من قائل { فِي بُيُوتٍ } نظم الآية : ذلك المصباح في بيوت ويجوز أن يكون معناه : توقد في بيوت وهي المساجد ، عن أكثر المفسّرين .
أخبرني ابن فنجويه الدينوري قال : حدّثنا ابن حنش المقري قال : حدّثنا محمد بن أحمد ابن إبراهيم الجوهري قال : حدّثنا علىّ بن أشكاب قال : حدّثنا محمد بن ربيعة الكلابي عن بكير ابن شهاب عن سعيد بن جبير عن ابن عباس قال : المساجد بيوت الله عزّ وجلّ في الأرض ، وهي تضيء لأهل السماء كما تضئ النجوم لأهل الأرض .
وقال عمرو بن ميمون : أدركت أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم وهم يقولون : المساجد بيوت الله وحقّ على الله أن يكرم من زاره فيها .
وأخبرنا الحسين بن محمد بن الحسين قال : حدّثنا أحمد بن إبراهيم بن شاذان قال : حدّثنا عبيد الله بن ثابت الحريري قال : حدّثنا أبو سعيد الأشجّ قال : حدّثنا أبو أُسامة عن صالح بن حيّان عن ابن أبي بريدة في قوله سبحانه { فِي بُيُوتٍ أَذِنَ اللَّهُ أَن تُرْفَعَ } الآية . قال : إنّما هي أربع مساجد لم يبنها إلاّ نبيّ : الكعبة بناها إبراهيم وإسماعيل فجعلاها قبلة ، وبيت المقدس بناه داود وسليمان ، ومسجد المدينة بناه رسول الله صلى الله عليه وسلم ومسجد قباء أُسّس على التقوى ، بناه رسول الله صلى الله عليه وسلم .
وأخبرني أبو عبد الله الحسين بن محمد الدينوري قال : حدّثنا أبو زرعة أحمد بن الحسين بن علي الرازي قال : حدّثنا أبو العباس أحمد بن محمد بن سعيد الهمذاني بالكوفة قال : حدّثنا المنذر بن محمد القابوسي قال : حدَّثني الحسين بن سعيد قال : حدّثني أبي عن أبان بن تغلب عن نفيع بن الحرث عن أنس بن مالك وعن بريدة قالا : " قرأ رسول الله صلى الله عليه وسلم هذه الآية { فِى بُيُوتٍ أَذِنَ اللَّهُ أَن تُرْفَعَ وَيُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ } إلى قوله { وَالأبْصَارُ } فقام رجل فقال : أيّ بيوت هذه يا رسول الله ؟
قال : فقام إليه أبو بكر فقال : يا رسول الله هذا البيت منها -لبيت عليّ وفاطمة - ؟
الصادق : بيوت النبي صلى الله عليه وسلم السدّي : المدينة .
وأولى الأقوال بالصواب أنّها المساجد لدلالة سياق الآية على أنها بيوت بنيت للصلاة والعبادة .
فإن قيل : ما الوجه في توحيده المشكاة والمصباح وجمع البيوت ، لا يكون مشكاة واحدة إلاّ في بيت واحد ؟ .
قلنا : هذا من الخطاب المتلوّن الذي يفتح بالتوحيد ويختم بالجمع كقوله سبحانه { يأيُّهَا النَّبِيُّ إِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَآءَ } ونحوها ، وقيل : رجع الى كلّ واحد من البيوت ، وقيل : هو مثل قوله سبحانه
{ وَجَعَلَ الْقَمَرَ فِيهِنَّ نُوراً } [ نوح : 16 ] وإنّما هو في واحدة منها .
{ أَن تُرْفَعَ } أي تبنى عن مجاهد نظيره قوله سبحانه
{ وَإِذْ يَرْفَعُ إِبْرَاهِيمُ الْقَوَاعِدَ مِنَ الْبَيْتِ وَإِسْمَاعِيلُ } [ البقرة : 127 ]وقال الحسن : تعظيم ، { وَيُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ } قال ابن عباس : يتلى فيها كتابهُ ، { يُسَبِّحُ لَهُ فِيهَا } قرأ قتادة وأشهب العقيلي ونصر بن عاصم الليثي وابن عامر وعاصم بفتح الباء على غير تسمية الفاعل .
ثم قال { رِجَالٌ } أي هم رجال كما يقال : ضرب زيد وأكل طعامك فيقال : من فعل ؟ فيبيّن فيقول : فلان ، وفلان والوقف على هذه القراءة عند قوله { وَالآصَالِ } . وقرأ الآخرون بكسر الباء جعلوا التسبيح فعلاً للرجال .
قال ابن عباس : كلّ تسبيح في القرآن صلاة يدلّ عليه قوله سبحانه { بِالْغُدُوِّ وَالآصَالِ } أي بالغداة والعشىّ .
قال المفسّرون : أراد الصلوات المفروضة ، فالصلاة التي تؤدّى بالغدوّ صلاة الفجر ، والتي تؤدّى في الآصال صلاة الظهر والعصر والعشاءين لأنّ اسم الأصيل لجميعها .
أخبرني ابن فنجويه قال : حدّثنا ابن شنبة قال : حدّثنا عمير بن مرداس قال : حدّثنا إسماعيل بن أبي أُويس قال : حدّثنا عبد الرَّحْمن بن زيد عن أبيه عن عطاء بن يسار عن أبي هريرة أنّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " ما من أحد يغدو ويروح إلى المسجد ويوثره على ما سواه إلاّ وله عند الله نزل معدّله في الجنّة كلّما غدا وراح ، كما لو أنّ أحدكم زارهُ من يحبّ زيارته في كرامته " .
وأخبرني ابن فنجويه قال : حدّثنا أحمد بن جعفر بن حمدان قال : حدّثنا إبراهيم بن سهلويه قال : حدّثنا أبو سلمة يحيى بن المغيرة المخزومي قال : حدّثنا إسحاق بن إبراهيم الحسني عن إبراهيم المدني عن أبي حازم عن سهل بن سعد الساعدي قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " مَن غدا الى المسجد وراح ليتعلّم خيراً أو يعلّمه كان كمثل المجاهد في سبيل الله رجع غانماً ، ومن غدا إليه لغير ذلك كان كالناظر إلى الشيء ليس له ، يرى المصلين وليس منهم ، ويرى الذاكرين وليس منهم " .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.