الدر المنثور في التفسير بالمأثور للسيوطي - السيوطي  
{فِي بُيُوتٍ أَذِنَ ٱللَّهُ أَن تُرۡفَعَ وَيُذۡكَرَ فِيهَا ٱسۡمُهُۥ يُسَبِّحُ لَهُۥ فِيهَا بِٱلۡغُدُوِّ وَٱلۡأٓصَالِ} (36)

أخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنهما { في بيوت أذن الله أن ترفع } قال : هي المساجد تكرم ، ونهى عن اللغو فيها ، { ويذكر فيها اسمه } ، يتلى فيها كتابه ، يسبح : يصلي له فيها ، بالغدوة : صلاة الغداة ، والآصال : صلاة العصر ، وهما أول ما فرض الله من الصلاة ، وأحب أن يذكرهما ويذكرهما عباده .

وأخرج الحاكم وصححه وابن مردويه عن عقبة بن عامر عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : « يجمع الناس في صعيد واحد ، ينفذهم البصر ، ويسمعهم الداعي ، فينادي مناد : سيعلم أهل الجمع لمن الكرم اليوم ثلاث مرات ثم يقول : أين الذين كانت تتجافى جنوبهم عن المضاجع ؟ ثم يقول : أين الذين كانت لا تلهيهم تجارة ولا بيع عن ذكر الله ؟ ثم يقول : أين الحمادون الذين كانوا يحمدون ربهم ؟ » .

وأخرج عبد بن حميد عن قتادة { في بيوت أذن الله أن ترفع } قال : هي المساجد . أذن الله في بنيانها ورفعها ، وأمر بعمارتها وبطهورها .

وأخرج عبد بن حميد وابن جرير عن مجاهد { في بيوت أذن الله أن ترفع } قال : في مساجد أن تبنى .

وأخرج عبد الرزاق وابن جرير عن الحسن في قوله { أذن الله أن ترفع } يقول : أن تعظم بذكره { يسبح } يصلي له فيها .

وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن زيد { في بيوت أذن الله أن ترفع } قال : إنما هي أربع مساجد لم يُبْنِهُنَّ إلا نبي : الكعبة بناها إبراهيم واسمعيل ، وبيت المقدس بناه داود وسليمان ، ومسجد المدينة بناه رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ومسجد قباء أسس على التقوى بناه رسول الله صلى الله عليه وسلم .

وأخرج ابن مردويه عن أنس بن مالك وبريدة قال : « قرأ رسول الله صلى الله عليه وسلم هذه الآية { في بيوت أذن الله أن ترفع } فقام إليه رجل فقال : أي بيوت هذه يا رسول الله ؟ قال : بيوت الأنبياء . فقام إليه أبو بكر فقال : يا رسول الله هذا البيت منها ؟ البيت علي وفاطمة قال : نعم . من أفاضلها » .

وأخرج ابن أبي شيبة ومسلم والنسائي وابن ماجة وابن مردويه عن ابن بريدة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم سمع رجلاً يقول : من دعا إلى الجمل الأحمر في المسجد فقال : " لا وجدته ثلاثاً إنما بنيت هذه المساجد للذي بنيت له " وقال أبو سنان الشيباني في قوله { في بيوت أذن الله أن ترفع } قال : تعظم .

وأخرج أحمد وأبو داود والترمذي وابن ماجة عن عائشة قالت : أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم ببناء المساجد في الدور ، وأن تنظف وتطيب .

وأخرج أحمد عن عروة بن الزبير عمن حدثه من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم قالوا : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يأمرنا أن نصنع المساجد في دورنا ، وأن نصلح صنعتها ، ونطهرها .

وأخرج ابن أبي شيبة ، وأبو يعلى عن ابن عمر . أن عمر كان يجمر المسجد في كل جمعة .

وأخرج ابن أبي شيبة عن أنس قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم « التفل في المسجد خطيئة وكفارته أن يواريه » .

وأخرج ابن أبي شيبة وأحمد والطبراني عن أبي أمامة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم « البزاق في المسجد خطيئة ودفنه حسنة » .

وأخرج الطبراني في الأوسط عن ابن عباس قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم « البزاق في المسجد خطيئة وكفارته دفنه » .

وأخرج البزار عن ابن عمر قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم « البزاق في المسجد خطيئة وكفارته دفنه » .

وأخرج البزار عن ابن عمر قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم « تبعث النخامة يوم القيامة في القبلة وهي في وجه صاحبها » .

وأخرج الطبراني عن أبي أمامة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال « من بزق في قبلة ولم يوارها جاءت يوم القيامة أحمى ما تكون حتى تقع بين عينيه » .

وأخرج ابن أبي شيبة عن حذيفة قال « من صلى فبزق تجاه القبلة جاءت البزقة يوم القيامة في وجهه » .

وأخرج ابن أبي شيبة عن ابن عمر قال « إذا بزق في القبلة جاءت أحمى ما تكون يوم القيامة حتى تقع بين عينيه » .

وأخرج ابن أبي شيبة عن أبي هريرة قال : إن المسجد لينزوي من المخاط أو النخامة كما تنزوي الجلدة من النار .

وأخرج ابن أبي شيبة عن العباس بن عبد الرحمن الهاشمي قال : « أول ما خلقت المساجد أن رسول الله صلى الله عليه وسلم رأى في المسجد نخامة ، فحكها ثم أمر بخلوق فلطخ مكانها قال " فخلق الناس المساجد " .

وأخرج ابن أبي شيبة عن الشعبي أن رسول الله صلى الله عليه وسلم رأى في قبلة المسجد نخامة ، فقام إليها فحكها بيده ، ثم دعا بخلوق فقال الشعبي : هو سنة .

وأخرج ابن أبي شيبة عن يعقوب بن زيد ؛ أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يتبع غبار المسجد بجريدة .

وأخرج ابن أبي شيبة عن زيد بن أسلم قال : كان المسجد يرش ويقم على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبي بكر .

وأخرج ابن أبي شيبة وأحمد عن رجل من الأنصار قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم « إذا وجد أحدكم القملة في المسجد فليصرها في ثوبه حتى يخرجها » .

وأخرج ابن ماجة عن ابن عمر قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم « خصال لا ينبغين في المسجد : لا يتخذ طريقاً ، ولا يشهر فيه سلاح ، ولا يقبض فيه بقوس ، ولا يتخذ سوقاً » .

وأخرج ابن ماجة عن واثلة بن الأسقع عن رسول الله صلى الله عليه وسلم « جنبوا مساجدكم صبيانكم ، ومجانينكم ، وشراركم ، وبيعكم ، وخصوماتكم ، وإقامة حدودكم ، وسل سيوفكم ، واتخذوا على أبوابها المطاهر ، وبخروها في الجمع » .

وأخرج ابن أبي شيبة والبخاري ومسلم وأبو داود وابن ماجة عن أبي موسى قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم « إذا مر أحدكم بالنبل في المسجد فليمسك على نصولها » .

وأخرج ابن أبي شيبة وأحمد وأبو داود والترمذي والنسائي وابن ماجة عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده قال : نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن البيع والشراء في المسجد ، وعن تناشد الأشعار ، ولفظ ابن أبي شيبة عن إنشاد الضوال .

وأخرج الطبراني عن ثوبان قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول « من رأيتموه ينشد شعراً في المسجد فقولوا له فض الله فاك ثلاث مرات ، ومن رأيتموه ينشد ضالة في المسجد فقولوا لا وجدتها ثلاث مرات ، ومن رأيتموه يبيع أو يبتاع في المسجد فقولوا : لا أربح الله تجارتك » .

وأخرج الطبراني عن جبير بن مطعم قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم « لا تسل السيوف ، ولا تنثر النبل في المساجد ، ولا يحلف بالله في المساجد ، ولا تمنع القائلة في المساجد مقيماً ولا مضيفاً ، ولا تبنى التصاوير ، ولا تزين بالقوارير ، فإنما بنيت بالأمانة ، وشرفت بالكرامة » .

وأخرج الطبراني عن جبير بن مطعم قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم « لا تقام الحدود في المساجد » .

وأخرج ابن أبي شيبة عن ابن عباس أنه قال لرجل أخرج حصاة من المسجد : ردها وإلا خاصمتك يوم القيامة .

وأخرج ابن أبي شيبة عن كعب قال : إن الحصاة إذا أخرجت من المسجد تناشد صاحبها .

وأخرج ابن أبي شيبة عن مجاهد قال : إذا خرجت الحصاة من المسجد صاحت أو سبحت .

وأخرج ابن أبي شيبة عن سعيد بن جبير قال : الحصاة تسب وتلعن من يخرجها من المسجد .

وأخرج ابن أبي شيبة عن سليمان بن يسار قال : الحصاة إذا خرجت من المسجد تصيح حتى ترد إلى موضعها .

وأخرج ابن أبي شيبة والترمذي وابن ماجة عن فاطمة بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم قالت : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا دخل المسجد يقول : « بسم الله والسلام على رسول الله . اللهم اغفر لي ذنوبي ، وافتح لي أبواب رحمتك » . وإذا خرج قال : « بسم الله والسلام على رسول الله . اللهم اغفر لي ذنوبي ، وافتح لي أبواب فضلك » .

وأخرج ابن أبي شيبة عن قتادة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : « اعطوا المساجد حقها قيل : وما حقها ؟ قال : ركعتان قبل أن تجلس » .

وأخرج ابن أبي شيبة عن ابن مسعود قال : من أشراط الساعة أن تتخذ المساجد طرقاً . والله أعلم .

أما قوله تعالى : { يسبح له فيها بالغدوّ والآصال } .

وأخرج عبد بن حميد عن عاصم أنه قرأ ( يسبح ) بنصب الباء .

وأخرج ابن أبي شيبة والبيهقي في شعب الإِيمان عن ابن عباس قال : إن صلاة الضحى لفي القرآن ، وما يغوص عليها الأغواص . في قوله { في بيوت أذن الله أن ترفع ويذكر فيها اسمه يسبح له فيها بالغدوّ والآصال } .