الآية 36 : وقوله تعالى : ]في بيوت أذن الله أن ترفع[ اختلف فيه : قال بعضهم : قوله : ]أن ترفع[ أي تعظم ، ويرفع قدرها وهي المساجد ، على غيرها من البيوت المسكونة ، يذكر اسم الله فيها والتسبيح والتنزيه من الأقذار والأنجاس ومن الأمور الدنيوية .
وقال بعضهم : قوله ]أن ترفع[ أي تبنى ، وتتخذ .
فإن كان التأويل هذا ففيه الأمر ببناء المساجد واتخاذها . وإن كان الأول ففيه الأمر بتنظيم المساجد ورفع قدرها بما ذكر من ذكر الله والتسبيح فيها .
ثم الإذن في هذا الأمر وجهين : أحدهما : لحق إقامة الجماعات فيها في هذه الصلوات المعروفة ؛ إذ الأرض كلها في الأصل جعلت مسجدا حين{[14079]} قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " جعلت لي الأرض مسجدا وطهورا " ( البخاري : 335 ) فهي في حق جواز الصلاة مسجد . فيخرج الأمر من مخرج الأمر ببنائها لإقامة الجماعات .
والثاني : أمر بها خصوصا للمساجد ؛ إذ غيرها من البيوت المسكونة إنما اتخذت وبنيت بالإذن والإباحة ، فخص المساجد بالإذن ببنائها خصوصا لها ؛ إذ لو كان إذنا على ظاهر ما ذكر لكانت المساجد وغيرها من البيوت سواء ، والله أعلم .
وقوله تعالى : ]ويذكر فيها اسمه[ فإن كان تأويل قوله : ]أن ترفع[ أي تعظم ، ويرفع قدرها فيكون قوله ]ويذكر فيها اسمه يسبح له فيها[ تفسيرا لذلك التعظيم ( ورفع القدر ){[14080]} الذي أمر ، أي أن تعظم ، ويرفع قدرها ، بذكر اسم الله فيها وما ذكر من التسبيح .
وإن كان التأويل هو الأمر بالبناء يكن{[14081]} قوله : ]ويذكر فيها اسمه ويسبح له فيها[ كذا على الابتداء أي أمر أن تبنى بيوت أي مساجد ، وأمر أن يذكر فيها اسمه ، ويسبح له في الغدو والآصال .
ثم اختلف في تلاوة{[14082]} قوله : ]يسبح له[ قرأ بعضهم : يسبح له بنصب الباء{[14083]} وقرأ بعضهم : يسبح بخفض الباء .
فمن قرأها بالنصب صيره على الأول : يذكر فيها اسمه يسبح له بالغدو والآصال . ثم ابتدأ ، فقال : ]رجال لا تلهيهم تجارة( .
ومن قرأها بالخفض ؛ أعني خفض الباء صيره مقطوعا من الأول مبتدأ به ، أي يسبح له بالغدو والآصال . ثم ابتدأ من قوله : ]لا تلهيهم تجارة( . ثم قوله : ]ويذكر فيها اسمه[ جائز ( أن يراد ){[14084]} بذكر اسمه الصلوات وكذلك ( المراد ){[14085]} بالتسبيح .
ويحتمل أن يراد بذكر اسمه جميع أنواع الأذكار من الخير ، ويراد بالتسبيح بالغدو والآصال الصلوات المفروضة .
ثم قال بعضهم : الغدو صلاة الغداة ، والآصال : صلاة الظهر والعصر والمغرب والعشاء ، فيجعل الأصيل عبارة عن هده الصلوات في أوقاتها .
وقال بعضهم : الآصال صلاة العصر خاصة . وأما غيرها من الصلاة ( فإنها عرفت ){[14086]} لا بهذا ، ولكن بشيء آخر ، والغدو هو صلاة الفجر ، والله أعلم .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.