قوله : { فِي بُيُوتٍ } : فيها ستةُ أوجهٍ . أحدُها : أنها صفةٌ ل " مِشْكاةٍ " أي : كمِشْكاةٍ في بيوتٍ أي : في بيتٍ من بيوتِ الله . الثاني : أنه صفةٌ لمصباح . الثالث : أنه صفةٌ ل " زجاجة " . الرابع : أنه متعلقٌّ ب " تُوْقَدُ " . وعلى هذه الأقوالِ لا يُوقف على " عليم " . الخامس : أنه متعلِّقٌ بمحذوفٍ كقولِه
{ فِي تِسْعِ آيَاتٍ } [ النمل : 12 ] أي : يُسَبِّحونه في بيوت . السادس : أَنْ يتعلَّقَ ب " يُسَبِّحُ " أي : يُسَبِّحُ رجالٌ في بيوت . وفيها تكريرٌ للتوكيدِ كقولِه : { فَفِي الْجَنَّةِ خَالِدِينَ فِيهَا } [ هود : 108 ] . وعلى هذه القولَيْن فيُوْقَفُ على " عليم " . وقال الشيخ : " وعلى هذه الأقوالِ الثلاثةِ " ولم يُذْكر سوى قولين .
قوله : { أَذِنَ اللَّهُ } في محلِّ جرٍّ صفةً ل " بيوتٍ " ، و " أن تُرفع " على حَذْفِ الجارِّ أي : في أَنْ تُرْفَعَ . ولا يجوزُ تَعَلُّقُ " في بيوت " بقوله : " ويُذْكَرُ " لأنه عطفٌ على ما في حَيِّز " أَنْ " ، وما بعد " أَنْ " لا يتقدَّم عليها .
قوله : { يُسَبِّحُ } قرأ ابنُ عامرٍ وأبو بكر بفتح الباء مبنياً للمفعولِ . والقائمُ مَقامَ الفاعلِ أحدُ المجروراتِ الثلاثة . والأَوْلَى منها بذلك الأولُ لاحتياجِ العاملِ إلى مرفوعِه ، والذي يليه أَوْلَى . و " رجالٌ " على هذه القراءةِ مرفوعٌ على أحدِ وجهين : إمَّا بفعلٍ مقدرٍ لِتَعَذُّرِ إسنادُ الفعلِ إليه ، وكأنه جوابُ سؤالٍ مقدَّرٍ ، كأنه قيل : مَنْ يُسَبِّحه ؟ فقيل : يُسَبِّحُه رجالٌ . وعليه في أحدِ الوجهين قولُ الشاعر :
لِيُبْكَ يََزِيْدُ ضارعٌ لخُصُومَةٍ *** ومُخْتَبِطٌ مِمَّا تُطيحُ الطَّوائحُ
كأنه قيل : مَنْ يبكيه ؟ فقيل : يَبْكيه ضارعٌ . إلاَّ أنَّ في اقتياس هذا خلافاً ، منهم مَنْ جَوَّزَه ، ومنهم مَنْ مَنعه . والوجهُ الثاني في البيت : أنَّ " يَزيدُ " منادى حُذِف منه حرفُ النداءِ أي : يا يزيد ، وهو ضعيف جداً .
والثاني : أنَّ رجالاً خبرُ مبتدأ محذوفٍ أي : المُسَبِّحه رجالٌ . وعلى هذه القراءةِ يُوْقفُ على الآصال .
وباقي السبعةِ بكسرِ الباءِ مبنياً للفاعل . والفاعلُ " رجال " فلا يُوْقَفُ على الآصال .
وقرأ ابن وثاب وأبو حيوة " تُسَبِّح " بالتاءِ مِنْ فوقُ وكسرِ الباء ؛ لأنََّ جَمْعَ التكسيرِ يُعامَلُ مُعامَلَةَ المؤنثِ في بعض الأحكامِ وهذا منها . وقرأ أبو جعفر كذلك إلاَّ أنَّه فَتَح الباءَ . وخَرَّجها الزمخشري على إسنادِ الفعل إلى الغُدُوّ والآصال على زيادة الباء ، كقولهم : " صِيْد عليه يومان " أي : وَحْشُها . وخَرَّّجها غيرُه على أنَّ القائمَ مَقامَ الفاعلِ ضميرُ التسبيحة أي : تُسَبَّح التسبيحةُ ، على المجازِ المُسَوَّغ لإِسنادِه إلى الوقتين ، كما خَرَّجوا قراءةَ أَبي جعفرٍ أيضاً { لِيُجْزَى قَوْماً بِمَا كَانُواْ يَكْسِبُونَ } [ الجاثية : 14 ] أي : ليُجْزَى الجزاءُ قوماً ، بل هذا أَوْلى مِنْ آيةِ الجاثية ؛ إذ ليس هنا مفعولٌ صريح .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.