الكشف والبيان في تفسير القرآن للثعلبي - الثعلبي  
{۞يَسۡـَٔلُونَكَ عَنِ ٱلۡخَمۡرِ وَٱلۡمَيۡسِرِۖ قُلۡ فِيهِمَآ إِثۡمٞ كَبِيرٞ وَمَنَٰفِعُ لِلنَّاسِ وَإِثۡمُهُمَآ أَكۡبَرُ مِن نَّفۡعِهِمَاۗ وَيَسۡـَٔلُونَكَ مَاذَا يُنفِقُونَۖ قُلِ ٱلۡعَفۡوَۗ كَذَٰلِكَ يُبَيِّنُ ٱللَّهُ لَكُمُ ٱلۡأٓيَٰتِ لَعَلَّكُمۡ تَتَفَكَّرُونَ} (219)

{ يَسْأَلُونَكَ عَنِ الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ } نزلت في عمر بن الخطاب ( رضي الله عنه ) ومعاذ بن جبل ونفر من الأنصار أتوا رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالوا : يا رسول الله أفتنا في الخمر والميسر فإنها مذهبة للعقل ، مسلبة للمال ، فأنزل الله تعالى هذه الآية

وجملة القول أن تحريم الخمر على أقوال المفسرون والحُفّاظ مختلفة وبعضها متفقة . هي أن الله أنزل في الخمر أربع آيات نزلت بمكة { وَمِن ثَمَرَاتِ النَّخِيلِ وَالأَعْنَابِ تَتَّخِذُونَ مِنْهُ سَكَراً } [ النحل : 67 ] وهو المسكر ، وكان المسلمون يشربونها وهي لهم يومئذ حلال ، ونزلت في مسألة عمر ومعاذ { يَسْأَلُونَكَ عَنِ الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ } { قُلْ فِيهِمَآ إِثْمٌ كَبِيرٌ وَمَنَافِعُ لِلنَّاسِ وَإِثْمُهُمَآ أَكْبَرُ مِن نَّفْعِهِمَا } فلمّا نزلت هذه الآية قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " إنّ ربكم تقدم في تحريم الخمر " فتركها قوم لقوله { فِيهِمَآ إِثْمٌ كَبِيرٌ } وقالوا : لا حاجة لنا في شيء فيه إثم كبير لقوله : { وَمَنَافِعُ لِلنَّاسِ } وكانوا يتمتعون بمنافعها ويجتنبون آثامها إلى أن صنع عبد الرحمن بن عوف طعاماً فدعا ناساً من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم وأمامهم الخمر فشربوا وسكروا ، وحضرت صلاة المغرب فقدّموا بعضهم ليصلّي بهم فقرأ ( قل يا أيها الكافرون أعبد ما تعبدون ) إلى آخر السورة فحذف { لاَ } فأنزل الله { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَقْرَبُواْ الصَّلاَةَ وَأَنْتُمْ سُكَارَى حَتَّى تَعْلَمُواْ مَا تَقُولُونَ } [ النساء : 43 ] فحرّم المسكر في أوقات الصلاة فقال عمر : إنّ الله يقارب في النهي عن شرب الخمرة ، فلا أراه إلاّ وسيحرّمها فلمّا نزلت [ حرّم الله ] تركها قوم وقالوا : لا خير في شيء يحول بيننا وبين الصلاة .

وكان قوم يشربونها ويجلسون في بيوتهم ، وكانوا يتركونها أوقات الصلاة ، ويشربونها في غير حين الصلاة إلى أن شربها رجل من المسلمين فجعل ينوح على قتلى بدر ويقول :

تحيّي بالسلامةِ أُم بكر *** وهل لك بعد رهطك من سلام

ذريني اصطبخ بكراً فإني *** ليت الموت يبعد عن خيام

وودّ بنو المغيرة لو فدوه *** بألف من رجال أو سوام

كأنّي بالطويّ طويّ بدر *** من الشيزي يكلل بالسنام

كأني بالطويّ طويّ بدر *** من الفتيان والحلل الكرام

فبلغ ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فخرج مسرعاً يجرّ رداءه حتى انتهى إليه ورفع شيئاً كان بيده ليضربه ، فلمّا عاينه الرجل قال : أعوذ بالله من غضب الله وغضب رسول الله ، والله لا أطعمها أبداً .

وكان من حمزة بن عبد المطلب ما روى الزهري عن علي بن الحسين عن أبيه عن جده ( عليهم السلام ) قال : كانت لي شارف من نصيبي من المغنم ودفع إليَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم نثاره من الخمس ، [ واعدتُ رجلاً صواغاً أن يرتحل معي فنأتي بأذخر أردت أن أبيعه ] من الصواغين وأستعين بثمنه على الدخول بفاطمة وعرسها .

قال : فحملت شارفي عند حائط رجل من الأنصار ومضيت لأجمع الحبال والغرائر والأقتاب وجئت وقد بقر بطن شارفي واجتبَّ أسنمتهما قال : فلم أملك عيني أن بكيت ثم قلت : من فعل هذا بشارفي ؟ قالوا : عمّك حمزة فعله وهذا هو في البيت معه شرب ، عندهم قينة وحلفوا فقالت :ألا يا حمزُ المشرف النواء [ وهنّ معقّلات بالفناء ]

زج السكين في اللبات منها *** فضرجهن حمزة بالدماء

وأطعم من شراثحها كبابا *** مهلوجة على رهج الصلاء

فأصلح من أطايبها طبيخاً *** لشربك من قدير أو سواء

فأنت أبا عمارة المرجّى *** لكشف الضرّ عنّا والبلاء

فقام الى شارفيك فقتلهما ، [ قال علي : ] فجئت رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو في بيت أم سلمة معه مولاه زيد قال : [ ما جاء بك ] فداك أبي وأمي يا عليّ ، قلت [ ما فعل عمّك ] بشارفيَّ وخبّرته الخبر ، فقام رسول الله صلى الله عليه وسلم فلبس نعليه ورداءه ثم انطلق يمشي واتبعته أنا وزيد فسلّم وأستأذن ودخل البيت وقال : يا حمزة ما حملك على ما فعلت بشارفيّ ابن أخيك ؟ فرفع رأسه وجعل ينظر إلى يديّ رسول الله صلى الله عليه وسلم وإلى ساقيه ، فصوّب النظر إليه ، ثم قال : ألستم وآباؤكم عبيد لأبي ، فرجع رسول الله صلى الله عليه وسلم القهقرى وقال : إن غنمك وجمالك عليَّ [ فغرمهما ] لي رسول الله صلى الله عليه وسلم .

فلما أصبح غدا حمزة على رسول الله يعتذر فقال : مه يا عمّ فقد سألت الله فعفا عنك .

قالوا : واتخذ عتبان بن مالك طعاماً فدعا رجالاً من المسلمين فيهم سعد بن أبي وقاص وكان قد شوى لهم رأس بعير ، فأكلوا وشربوا الخمر حتى أخذت منهم ، ثم إنهم افتخروا عند عتبان وانتسبوا وتناشدوا الأشعار ، فأنشد سعد قصيدة فيها هجو الأنصار وفخر لقومه ، فقام رجل من الأنصار وأخذ لحيي البعير فضرب به رأس سعد [ فشجّه شجّةً ] ، فانطلق سعد إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وشكا إليه الأنصاري فقال عمر ( رضي الله عنه ) : اللهم بيّن لنا رأيك في الخمر بياناً وافياً ، فأنزل الله تحريم الخمر في سورة المائدة { إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ } [ 90 ] إلى { يَنتَهُونَ } [ التوبة : 12 ] وذلك بعد غزوة الأحزاب بأيام فقال عمر : انتهينا يا ربّ .

قال أنس : حرّمت ولم يكن يومئذ للعرب عيش أعجب منها إليهم يوم حرّمت عليهم ، ولم يكن شيء أثقل عليهم من تحريمها قال : فأخرجنا الحباب إلى الطريق فصببنا ما فيه ، فمنّا من كسر حبّه ، ومنّا من غسله بالماء والطين ، ولقد [ غدت ] أزقة المدينة بعد ذاك الحين كلّما مطرت استبان بها لون الخمر وفاحت ريحها .

فأمّا ماهية الخمر فاختلف الفقهاء فيها فقال بعضهم : هو خاص فيما اعتصر من العنبة والنخلة فغُلي بطبعه دون عمل النار فيه فإن ما سوى ذلك ليس بخمر ، وهذا مذهب سفيان الثوري وأبي حنيفة وأبي يوسف وأكثر أهل الرأي ، ثم اختلفوا في المطبوخ فقالوا : كل عصير طبخ حتى يذهب ثلثاه فهو حلال إلاّ أنه يكره ، فإن طبخ حتى يذهب ثلثاه وبقي ثلثه فهو حلال مباح شربه وبيعه إلاّ أن المسكر منه حرام ، واحتجوا في ذلك بما روى أبو كثير عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :

" الخمر من هاتين الشجرتين النخلة والعنبة " واختلفوا في المطبوخ بالمشمش ( . . . . . . . ) روى نباتة عن سويد بن غفلة قال : كتب عمر بن الخطاب إلى بعض عماله أن رزق المسلمين من الطلاء ما ذهب ثلثاه وبقي ثلثه .

وعن ابن سيرين أن عبد الله بن سويد الخطمي قال : كتب إلينا عمر بن الخطاب : أما بعد فاطبخوا شرابكم حتى يذهب منه نصيب الشيطان فإن له اثنين ولكم واحد .

وعن أنس بن سيرين قال : سمعت أنس بن مالك يقول إن نوحاً عليه السلام نازعه الشيطان في عود الكرم فقال هذا : هذا لي ، وقال : هذا لي فاصطلحا على أن لنوح ثلثها وللشيطان ثلثاها .

ابن أُبيّ وأُبيّ عن داود قال : سألت سعيد بن المسيّب ما الرُّب الذي أحلّه عمر ( رضي الله عنه ) ، قال : الذي يطبخ حتى يذهب ثلثاه ويبقى ثلثه .

وعن قيس بن أُبيّ حدّث عن موسى الأموي أنه كان يشرب من الطلاء ما ذهب ثلثاه وبقي ثلثه .

وعن يحيى بن سعيد عن سعيد بن المسيّب قال : إذا طبخ الطلاء على الثلث فلا بأس ، وبه قال المسوّر .

وقال الثعلبي : والذي عندي أن هذه الأخبار وردت في ثلث غير مسكر . يدلّ عليه ما روى سويد بن نصير عن عبد الله بن عبد الملك بن الطفيل الجزري قال : كتب إلينا عمر بن عبد العزيز : لا تشربوا من الطلاء حتى يذهب ثلثاه ويبقى ثلثه ، كل مسكر حرام ، وقال قوم : إذا طبخ العصير أدنى طبخ فصار طلاء وهو قول إسماعيل بن علية وجماعة من أهل العراق .

وروي عن عيسى بن إبراهيم أنه لا يحرّم شيئاً من الأنبذة لا النيّ منها ولا المطبوخ إلاّ شراب واحد وهو عصير العنب النيّ الشديد الذي لم يدخله ( ماء وتغيّرات من ) الخمر فقط .

واستدلّ بما روى ابن الأحوص عن سماك عن القاسم بن عبد الرحمن عن أبيه عن أبي بردة بن سهل قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " اشربوا في الظروف ولا تسكروا " قال أبو عبد الرحمن السدّي الحديث منكر ، غلط فيه أبو الاحوص سلام بن سليم ، لا نعلم أحداً كان يعوّل عليه من أصحاب سماك ، وسماك أيضاً ليس بقوي ، وكان يقبل التلقين .

قال أحمد : قيل : كان أبو الأحوص غلى في هذا الحديث . خالفه شريك في إسناده ولفظه ، رواه شريك عن سماك بن حرب عن أبي بريدة عن أبيه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عن الدّيّا والحنتم والنقير والمزفت ، وأجمعوا أيضاً بما أسندوا إلى سماك عن قرصافة امرأة منهم عن عائشة قال : اشربوا ولا تسكروا .

قال الإمام أبو عبد الرحمن هذا غير ثابت ، وقرصافة لا ندري من هي ، والمشهور عن عائشة ما روى سويد بن نصر عن عبد الله عن قدامة العامري أن جسرة بنت دجاجة العامرية حدّثتنا قالت : سمعت عائشة سألها أياس عن النبيذ قالوا : ننبذ الخمر غدوة ونشربه عشيّاً ، وننبذه عشيّاً ونشربه غدوة ، قالت : لا أُحلّ مسكراً وإن كان خبزاً ، قالوا : قالته ثلاث مرات .

واعتلّوا بما روى هشيم عن ابن شبرمة قال : حدّثني الثقة عن عبد الله بن شدّاد عن ابن عباس قال : حرّمت الخمر منها ، قليلها وكثيرها ، والمسكر من كل شراب .

وهذا أولى بالصواب لما روى سفيان عن أبي الجويرية الجرمي قال : سألت ابن عباس عن الباذق قال : ما أسكر فهو حرام ، وعن شعبة عن سلمة بن كميل قال : سمعت أبا الحكم يحدّث قال : قال ابن عباس : من سرّه أن يحرّم ما حرّم الله ورسوله فليحرِّم النبيذ .

واعتلّوا أيضاً بما أسندوه إلى عبد الملك بن نافع قال : " رأيت ابن عمر رأيت رجلاً جاء الى رسول الله صلى الله عليه وسلم بقدح فيها نبيذ وهو عند الركن ، فدفع إليه القدح فرفعه إلى فيه فوجده شديداً فردّه الى صاحبه ، فقال له رجل من القوم : يا رسول الله أحرام هو ؟ قال ، عليَّ بالرجل فأُتي به فأخذ منه القدح ، ثم دعاهما فصبّه فيه ثم رفعه إلى فيه فصبّه ، ثم دعاهما أيضاً فصبّه فيه ثم قال : أما إذا عملت فيكم هذه الأوعية فاكسروا متونها بالماء " .

قال أبو عبد الرحمن : عبد الملك بن رافع هو مشهور ولكن حدّثنيه وأخبرنا عن الزبير خلاف حكاية ما روى وهب بن هارون عن محمد بن عمرو عن أبي سلمة عن ابن عمر قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " كل مسكر حرام ، وكل مسكر خمر " .

وروى ابن سيرين عن ابن عمر قال : المسكر قليله وكثيره حرام ، وروى أبو عوانة عن زيد ابن عمر قال : سألت ابن عمر عن الأشربة فقال : اجتنب كلَّ شيء فيه شيء مسكر ، واحتجوا أيضاً بما أسندوه إلى يحيى بن يمان عن سفيان عن منصور عن مخلد بن سعيد عن ابن مسعود قال : " عطش النبي صلى الله عليه وسلم حول الكعبة فاستسقى فأُتي بنبيذ من السقاية فشمّه وقطب وقال : " عليّ بذنوب من زمزم " فصبّه عليه ثم شرب فقال رجل : أحرام هو يا رسول الله قال : لا " .

قال أبو عبد الرحمن : هذا خبر ضعيف لأن يحيى بن يمان انفرد به دون أصحاب سفيان ، ويحيى بن يمان لا يحتج بحديثه ، لكثرة خطئهِ وسوء حفظه ، وعن زيد بن واقد عن خالد بن الحسين قال : سمعت أبا هريرة يقول : " علمت أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يصوم في بعض الأيام التي كان يصومها ، فتحيّنت فطره بنبيذ صنعته في دباء ، فلمّا كان المساء جئته أحملها إليه فقلت : يا رسول الله إني علمت أنك تصوم في هذا اليوم فتحيّنت فطرك بهذا النبيذ فقال : ادنُ مني يا أبا هريرة فرفعته إليه فإذا هو [ ينش ] فقال : «خذ هذه واضرب بها الحائط ، فإنّ هذا شراب من لا يؤمن بالله واليوم الآخر " .

واحتجّوا أيضاً بما أسندوه إلى سفيان عن يحيى بن سعيد قال : سمعت سعيد بن المسيّب يقول : تلقّت ثقيف عمر بشراب فدعا به ، فلمّا قرّبه إلى فيه كرهه فخلطه بالماء فقال : هكذا فافعلوا . واحتجّوا بما أسندوه إلى أبي رافع أن عمر بن الخطاب قال : إذا خشيتم من نبيذ لشدّته فاكسره .

واحتجوا بما قاله بعض أصحابنا وهو عبد الله بن المبارك معنى أكسره بالماء من قبل أن يشتدّ ، ودليل هذا التأويل ما روى ابن شهاب هو سفيان بن يزيد أن عمر خرج عليهم فقال : إني وجدت من فلان ريح الشراب فزعم أنه شرب الطلا فإني سائل عما يشرب فإن كان مسكراً جلدته فجلد عمر الحدّ تامّاً .

وروى إبراهيم عن ابن سيرين قال : يعد عصيراً ممن متّخذه طلا ولا يتخذه خمراً قال أبو سعيد الطلا الذي قد طبخ حتى ذهب ثلثاه وبقي ثلثه ، سمّي بذلك لأنه شبيه بطلاء الإبل في ثخنه وسواده .

قال عبيد بن الابرص :

هي الخمرتكنى الطلاء *** كما الذئب يكنى أبا جعدة

قال الثعلبي : الطلاء الذي ورد فيه الرخصة إنما هو الرُّبّ فإنه إذا طبخ حتى يرجع إلى الثلث فقد ذهب سكره وشرّه وخلا شيطانه .

واحتجوا أيضاً بما روى هشيم عن المغيرة عن إبراهيم أنه أُهدي له بطيخ خاثر فكان تبيّنه ويلغي فيه المسكر .

وعن مغيرة عن أبي معشر عن إبراهيم قال : لا بأس بنبيذ البطيخ .

عن أبي أسامة قال : سمعت ابن المبارك يقول : ما وجدت الرخصة في المسكر عن أحد صحيح إلاّ عن إبراهيم .

حماد بن سلمة عن عمر عن أنس قال : كان لأُم سلمة قدح فقالت : سقيت رسول الله صلى الله عليه وسلم كل الشراب : الماء والعسل واللبن والنبيذ .

وعن ابن شبرمة قال : قال طلحة بن مصرف لأهل الكوفة في النبيذ فقال : يربو فيها الصغير ويهرم فيها الكبير ، قال : وكان المقداد والزبير يسقيان اللبن في العسل فقيل لطلحة : ألا نسقيهم النبيذ ؟ قال : إني أكره أن يسكر مسلم في سنتي .

وعن سفيان قال : ذُكر قول طلحة عند أبي إسحاق في النبيذ فقال ابن إسحاق : قد سقيته أصحاب عليّ وأصحاب عبد الله في الخوافي قبل أن يولد طلحة ، وعن ابن شبرمة قال : رحم الله إبراهيم شدّد الناس في النبيذ ورخّص فيه .

واحتجّوا أيضاً بما أسندوه إلى عبد الله بن بريدة عن أبيه " أن رسول الله صلى الله عليه وسلم بينما هو يسير إذ حلّ بقوم فسمع لهم لغطاً فقال : ما هذا الصوت ؟ قالوا : يا نبيّ الله لهم شراب يشربونه ، فبعث النبي إليهم فدعاهم فقال : في أي شيء تنبذون ؟ قالوا : ننبذ في النقير وفي الدباء وليس لنا ظروف ، فقال : لا تشربوا إلاّ ما أوكيتم عليه ، قال : فلبث بذلك ما شاء الله أن يلبث ، فرجع إليهم فإذا هم قد أصابهم وباء وصفروا فقال : ما لي أراكم قد هلكتم ؟ قالوا : يا نبيّ الله أرضنا وبيئة وحرّمتَ علينا إلاّ ما أوكينا عليه قال : اشربوا ، وكل مسكر حرام " .

قالوا : أراد بهذا الخمر الذي يحصل منه السكر ، لأن التنبّذ ذلك الطرب والنشاط ولا يحصلان إلاّ عن شراب مسكر .

أبو الزبير عن جابر أن النبي صلى الله عليه وسلم كان ينبذ له في ( قدر من عفاره ) .

قال الثعلبي : ويحتمل أنّ لهذه الأخبار وأمثالها معنيين : أحدهما أنها كانت قبل تحريم الخمر ، والمعنى الآخر وهو أقربهما إلى الصواب أنهم أرادوا بالنبيذ الماء الذي ألقي فيه التمر أو الزبيب حتى أخذ من قوته وحلاوته قبل أن يشتدّ ويُسكر ، يدلّ عليه ما روي عن ابن عباس " أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يصنع له النبيذ فيشربه يومه والغد وبعد الغد " .

وروى الأعمش عن يحيى بن أبي عمرو عن ابن عباس قال : " كان النبي صلى الله عليه وسلم يُنبذ له نبيذ الزبيب من الليل ويُجعل في سقاء فيشربه يومه ذلك والغد وبعد الغد ، فإذا كان من آخر الآنية سقاه أو شربه فإن أصبح منه شيء أراقه " .

وعن عبد الله بن الديلمي عن أبيه فيروز قال : قدمت على رسول الله صلى الله عليه وسلم فقلت : " يا رسول الله إنّا أصحاب كرم وقد أنزل الله تحريم الخمر ، فماذا نصنع ؟ قال : تتخذونه زبيباً ، قلت : فنصنع بالزبيب ماذا ؟ قال : تنقعونه على غدائكم ، وتشربونه على عشائكم ، وتنقعونه على عشائكم ، وتشربونه على غدائكم ، قلت : أفلا نؤخّره حتى يشتدّ ؟ قال : فلا تجعلوه في السلال واجعلوه في الشنان ، فإنه إن تأخّر صار خمراً " .

وعن نافع عن ابن عمر أنه كان يُنبذ له في سقاء للزبيب غدوة فيشربه من الليل ، ويُنبذ له عشوة فيشربه غدوة ، وكان يغسل الأسقية ولا يجعل فيها نرديّاً ولا شيئاً ، قال نافع : وكنّا نشربه مثل العسل .

وعن بسام قال : سألت أبا جعفر عن النبيذ قال : كان عليّ بن الحسين يُنبذ له من الليل فيشربه غدوة ، ويُنبذ له غدوة فيشربه من الليل .

وعن عبد الله قال : سمعت سفيان وسئل عن النبيذ قال : أنبذ عشاءً وأشربه غدوة .

فهذه الأخبار تدلّ على أنه نقيع الزبيب والتمر قبل أن يشتد ، وبالله التوفيق .

وقال مالك والشافعي وأحمد بن حنبل وأبو ثور وأكثر أهل الآثار : إن الخمر كل شراب مسكر سواء كان عصير العنب ما أُريد منها ، مطبوخاً كان أو نيّاً وكل شراب مسكر فهو حرام قليله وكثيره ، وعلى شاربه الحدّ إلاّ أن يتناول المطبوخ [ بعد ذهاب ثلثه ] فإنه لا يحدّ وشهادته لا تُرد ، والذي يدلّ على حجّة هذا المذهب من اللغة أن الخمر أصله الستر ، ويقال لكل شيء ستر شيئاً من شجر أو حجر أو غيرهما خمر ، وقال : وخمر فلان في خمار الناس ، ومنه خمار المرأة وخمرة السجادة ، والخمر سُميّ بذلك لأنه يستر العقل ، يدلّ عليه ما روى الشعبي عن ابن عمر قال : خطب عمر فقال : إن الخمر نزل تحريمها ، وهي من خمسة أشياء : العنب والتمر والحنطة والشعير والعسل ، والخمر ما خامر العقل . وقال أنس بن مالك : سُمّيت خمراً لأنهم كانوا يَدَعونها في الدّنان حتى تختمر وتتغيّر .

وقال سعيد بن المسيّب : إنّما سُمّيت الخمر لأنها تُركتْ حتى صفا صفورها ورسب كدرها .

وقال أنس : لقد حُرّمت الخمر وإنّما عامة خمورهم يومئذ الفضيخ قال : وما كان بالمدينة يصنعون الخمر وما عندهم من العنب ما يتخذون وإنما نسمع الخمور في بلاد الأعاجم وكنا نشرب الفضيخ من التمر والبسر ، والفضيخ ما افتضخ من التمر والبسر من غير أن تمسّه النار .

وفيه روي عن ابن عمر أنه قال : ليس بالفضيخ ولكنه الفضوخ ، ودليلهم من السنّة ما روى نافع عن ابن عمر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " كل مسكر خمر ، وكل خمر مسكر حرام " .

سالم بن عبد الله عن أبيه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " كل مسكر خمر وما أسكر كثيره فقليله حرام " .

عن أبي عثمان عمرو بن سالم الأنصاري عن القاسم عن عائشة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : ما أسكر الغرق منه فملء كفك منه حرام والغرق إناء يحمل ستة عشر رطلاً .

وعن أبي الغصن الملقب بحجى قال : قال لي : هشام بن عروة : هل تشرب النبيذ ؟ قلت نعم والله إني لأشربه قال : إن أبي حدّثني عن عائشة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " كل مسكر حرام أوّله وآخره " .

وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " إنّ من التمر لخمراً ، وإنّ من العنب لخمراً ، وإنّ من الزبيب لخمراً ، وإنّ من العسل لخمراً ، وإنّ من الحنطة لخمراً ، وإنّ من الشعير لخمراً ، وإنّ من الذرة لخمراً وأنا أنهاكم عن كل مسكر " .

وعن ابن سيرين قال : جاء رجل إلى ابن عمر فقال : إنّ أهلنا ينبذون لنا شراباً عشاءً فاذا أصبحنا شربناه . فقال : أنهاك عن المسكر قليله وكثيره واعبد الله عزّ وجلّ ، أنا أنهاك عن المسكر قليله وكثيره وأعبد الله عزّوجل ، عليك أن أهل خيبر ينبذون شراباً لهم كذا وكذا يسمّونه كذا وكذا ، وأن أبيك ينبذ شراباً من كذا وكذا يسمّونه كذا وكذا وهي الخمر ، حتى عدّ له أربعة أشربة آخرها العسل .

وعن عكرمة قال : " دخل النبي صلى الله عليه وسلم على بعض أزواجه وقد نبذوا العصير لهم في كوز فأراقه وكسر الكوز " .

روى عبادة بن الصامت أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " ليستحلّنّ ناس من أُمتي الخمر باسم يسمّونها إيّاه " .

ويُروى عنه أنه قال صلى الله عليه وسلم : " أما الخمر لم تحرّم لإسمها إنّما حرّمت لما فيها ، وكل شراب عاقبته الخمر فهو حرام " .

وحكي أنّ رجلاً من حكماء العرب قيل له : لم لا تشرب النبيذ ؟ فقال : الله منحني عقلي صحيحاً ، فكيف أدخل عليه ما يفسده . { وَالْمَيْسِرِ } يعني القمار قال ابن عباس : كان الرجل في الجاهلية يقامره الرجل على أهله وماله فأيهما قمر صاحبه ذهب بماله وأهله فأنزل الله تعالى هذه الآية .

والميسر مفعل من قول القائل : يسر هذا الشيء إذا وجب فهو ييسر يسراً وميسراً ، والياسرالرامي بقداح وجب ذلك أو مباحه أو غيرهما ، ثم قيل للقمار : ميسر ، وللمقامر : ياسر ويسر قال النابغة :

أو ياسر ذهب القداح بوفره *** أسف نأكله الصديق مخلع

وقال الآخر :

فبتّ كأنني يسر غبين *** يقلب بعدما اختلع القداحا

وقال مقاتل : سمّي ميسراً لأنهم كانوا يقولون : يسر هو لنا ثمن الجزور ، وكان أصل اليسر في الجزور ، وذلك أنّ أهل الثروة من العرب كانوا يشترون جزوراً فيحزّونها ويجزونها اجتزاءً .

واختلفوا في عدد الأجزاء فقال أبو عمرو : عشرة وقال الأصمعي : إنما هي عشرون ثم يضمّون عليها عشرة قداح ويقال : منه الأزلام والأقلام سبعة منها لها أنصباء هي : الفذ وله نصيب واحدة ، والتّوأم وله نصيبان ، والرفت وله ثلاثة ، والجلس وله أربعة ، والنافس وله خمسة ، والمسيل وله ستة ، والمغلّي وله سبعة ، وثلاثة منها لا أنصباء لها وهي النسيج والسفنج والوغد .

ثم يجعلون القداح في خريطة تسمى الربابة ، قال أبو ذؤيب :

وكأنّهنّ ربابة وكأنّه *** يسر يفيض على القداح ويصدع

ويضعون الربابة على يد رجل عدل عندهم ويسمى المجيل والمفيض ، ثم يجيلها ويخرج قدحاً منها باسم رجل منهم ، فأيّهم خرج سهمه أخذ نصيبه على قدر ما يخرج ، فانْ خرج له واحد من هذه الثلاثة التي لا أنصباء لها فاختلفوا فيه فكل منهم كان لا يعهد شيئاً ويغرّم ثمن الجزور كلّه .

وقال بعضهم : لا يأخذ ولا يغرّم ، ويكون ذلك القداح لغواً فيعاد سهمه ثانياً فهؤلاء الياسرون والايسار ثم يدفعون ذلك الجزور إلى الفقراء ولا يأكلون منه شيئاً ، وكانوا يفتخرون بذلك ويذمّون من لم يفعل ذلك منهم ويسمّونه البرم ، قال متمم بن نويرة :

ولا برماً تهدى النساء لعرسه *** إذا القشع في برد الشتاء تقعقعا

فأصل هذا القمار الذي كانت العرب تفعله وإنما نهى الله تعالى في هذه الآية عن أنواع القمار كلّها .

ليث عن طاوس ومجاهد وعطاء قالوا : كل شيء فيه قمار فهو الميسر حتى لعب الصبيان بالعود والكعاب .

عن أبي الأحوص عن عبد الله قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " إياكم وهاتين الكعبتين الموسومتين فإنّهما من ميسر العجم " . وعن جعفر بن محمد عن أبيه أن عليًّا كرّم الله وجهه قال في النرد والشطرنج : هي من الميسر .

وعن القاسم بن محمد أنه قال : كل شيء ألهى عن ذكر الله وعن الصلاة فهو الميسر . { يَسْأَلُونَكَ عَنِ الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ قُلْ فِيهِمَآ إِثْمٌ كَبِيرٌ } ووزر كبير من المخاصمة والمشاتمة وقول الفحش والزور ، وزوال العقل والمنع من الصلاة واستحلال مال الغير بغير حق .

قرأ أهل الكوفة إلاّ عاصم : كثير بالثاء ، وقرأ الباقون بالباء واختاره أبو عبيد وأبو حاتم لقوله : وإثمهما أكبر من نفعهما ، وقوله : حوباً كبيراً { وَمَنَافِعُ لِلنَّاسِ } وهي ما كانوا يصيبونها في الخمر من التجارة واللّذة عند شربهما يقول الأعشى :

لنا من صحاها خبث نفس وكابة *** وذكرى هموم ما تفك أذاتها

وعند العشاء طيب نفس ولذّة *** ومال كثير عدّة نشواتها

ومنفعة الميسر ما يصاب من القمار ويرتفق به الفقراء . { وَإِثْمُهُمَآ أَكْبَرُ مِن نَّفْعِهِمَا } قال المفسّرون : إثم الخمر هو أن الرجل يشرب فيسكر فيؤذي الناس ، وإثم الميسر أن يقامر الرجل فيمنع الحق ويظلم .

وقال الضحّاك والربيع : المنافع قبل التحريم ، والإثم بعد التحريم . { وَيَسْأَلُونَكَ مَاذَا يُنفِقُونَ } وذلك أنّ رسول الله صلى الله عليه وسلم حثّهم على الصدقة ورغّبهم فيها من غير عزم قالوا : يا رسول الله ماذا ننفق ؟ وعلى من نتصدق ؟ فأنزل الله تعالى { وَيَسْأَلُونَكَ مَاذَا يُنفِقُونَ } أي شيء ينفقون وللاستفهام { قُلِ الْعَفْوَ } قرأ الحسن وقتادة وابن أبي إسحاق وأبو عمرو { قُلِ الْعَفْوَ } بالرفع ، واختاره محمد بن السدّي على معنى : الذي ينفقون هو العفو ، دليله قوله : { وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ مَّاذَآ أَنْزَلَ رَبُّكُمْ قَالُواْ أَسَاطِيرُ الأَوَّلِينَ } [ النحل : 24 ] وقرأ الآخرون بالنصب واختاره أبو عبيد وأبو حاتم : قل ينفقون العفو .

واختلفوا في معنى العفو ، فقال عبد الله بن عمرو ومحمد بن كعب وقتادة وعطاء والسدّي وابن أبي ليلى : هو ما فضل من المال عن العيال ، وهي رواية مقسم عن ابن عباس .

الحسن : هو أن لا تجهد مالك في النفقة ثم تقعد تسأل الناس .

الوالبي عن ابن عباس : ما لا يتبيّن في أموالكم .

مجاهد : صدقة عن تطهير غني .

عمرو بن دينار وعطاء : الوسط من النفقة ما لم يكن إسرافاً ولا إقتاراً . الضحّاك : الطّاقة . العوفي عن ابن عباس : ما اتوك به من شيء قليلٌ أو كثير فاقبله منهم .

طاووس وعطاء الخراساني : سمعنا [ بشراً ] قال : العفو اليسر من كل شيء .

الربيع : العفو الطيب ، يقول : أفضل مالك هو النفقة .

وكلها متقاربة في المعنى ، ومعنى العفو في اللغة الزيادة والكثرة قال الله : { حَتَّى عَفَوْاْ } [ الأعراف : 95 ] أي كثروا ، وقال النبي صلى الله عليه وسلم : " أعفوا اللّحى " قال الشاعر :

ولكنا يعضّ السيف منا *** بأسوق عافيات الشحم كوم

أي كثيرات الشحوم ، والعفو ما يغمض الانسان فيه فيأخذه أو يعطيه سهلاً بلا كلف من قول العرب : عفا أي نال سهلاً من غير إكراه ، ونظير هذه الآية من الأخبار ما روى أبو هريرة أن رجلاً قال : " يا رسول الله عندي خير ، قال : " أنفقه على نفسك " قال : عندي آخر ، قال : " انفقه على أهلك " قال : عندي آخر ، قال : " أنفقه على ولدك " قال : عندي آخر ، قال : " أنفقه على والديك " قال عندي آخر ، قال : " أنفقه على قرابتك " قال : عندي آخر قال : " أنت أبصر " .

وروى محمود بن سهل عن عامر بن عبد الله قال : أتى رسول الله رجل ببيضة من ذهب [ استلّها ] من بعض المعادن فقال : يا رسول الله خذها مني صدقة ، فوالله ما أمسيت أملك غيرها ، فأعرض عنه ، فأتاه من ركنه الأيمن فقال له مثل ذلك فأعرض عنه . فأتاه من ركنه الأيسر فقال له مثل ذلك فأعرض عنه ، ثم قال له مثل ذلك فقال مغضباً : هاتها فأخذها منه وحذفه بها حذفة لو أصابه لفجّه أو عقره ، ثم قال : هل يأتي أحدكم بما يملكه ليتصدق به ويجلس يكفّف الناس ، أفضل الناس ما كان عن طهر غنيّ ، وليبدأ أحدكم بمن يعول .

قال الكلبي : فكان الرجل بعد نزول هذه الآية إذا كان له مال من ذهب أو فضة أو زرع أو ضرع نظر إلى ما يكفيه وعياله نفقة سنة أمسكه وتصدّق بسائره ، وإن كان ممن يعمل بيده أمسك ما يكفيه وعياله يومه ذلك وتصدّق بالباقي ، حتى نزلت آية الزكاة المفروضة فنسخت هذه الآية وكل صدقة أمروا بها قبل نزول الزكاة . { كَذلِكَ يُبيِّنُ اللَّهُ } قال الزجاج : إنما قال : كذلك على الواحد وهو يخاطب جماعة لأن الجماعة معناها القبيل كأنّه قال : أيّها القبيل يبيّن الله لكم ، وجائز أن يكون خطاباً للنبيّ صلى الله عليه وسلم ؛ لأن خطابه مشتمل على خطاب أُمّته كقوله { يأيُّهَا النَّبِيُّ إِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَآءَ } [ الطلاق : 1 ] وقال المفضل بن سلمة : معنى الآية { كَذلِكَ يُبيِّنُ اللَّهُ لَكُمُ الآيَاتِ } في النفقة