1- سورة " الفيل " وسماها بعضهم سورة " ألم تر . . . " من السور المكية الخالصة ، وعدد آياتها خمس آيات ، وكان نزولها بعد سورة " قل يأيها الكافرون " ، وقبل سورة " القيامة " ، فهي السورة التاسعة عشرة في ترتيب النزول من بين السور المكية .
2- ومن أهم مقاصدها تذكير أهل مكة بفضل الله –تعالى- عليهم ، حيث منع كيد أعدائهم عنهم ، وعن بيته الحرام ، وبيان أن هذا البيت له مكانته السامية عنده –تعالى- ، وأن من أراده بسوء قصمه الله –تعالى- ، وتبشير النبي صلى الله عليه وسلم بأنه –سبحانه- كفيل برعايته ونصره على أعدائه ، كما نصر أهل مكة على أبرهة وجيشه ، وتثبيت المؤمنين على الحق ، لكي يزدادوا إيمانا على إيمانهم ، وبيان أن الله –سبحانه- غالب على أمره .
3- وقصة أصحاب الفيل من القصص المشهورة عند العرب ، وملخصها : أن أبرهة الأشرم الحبشي أمير اليمن من قبل النجاشي ملك الحبشة ، بنى كنيسة بصنعاء لم ير مثلها في زمانها . . وأراد أن يصرف الناس من الحج إلى بيت الله الحرام ، إلى الحج إليها . . ثم جمع جيشا عظيما قدم به لهدم الكعبة . . فأهلكه الله –تعالى- وأهلك من معه من رجال وأفيال . .
وكانت ولادته صلى الله عليه وسلم في هذا العام . . ( {[1]} ) .
الاستفهام فى قوله - تعالى - : { أَلَمْ تَرَ . . . } للتقرير بما تواتر نقله وعمله صلى الله عليه وسلم وعلمه غيره علما مستفيضا . . حتى إن العرب كانوا يؤرخون بتلك الحادثة ، فيقولون : هذا الأمر حدث فى عام الفيل ، أو بعده أو قبله . . والمراد بالرؤية هنا : العلم المحقق .
وعبر - سبحانه - عن العلم بالرؤية ؛ لأن خبر هذه القصة - كما أشرنا -كان من الشهرة بمكان ، فالعلم الحاصل بها مساو فى قوة الثبوت للرؤية والمشاهدة .
والمعنى : لقد علمت - أيها الرسول الكريم - علما لا يخالطه ريب أو لبس ، ما فعله ربك بأصحاب الفيل ، الذين جاءوا لهدم الكعبة ، حيث أهلكناهم إهلاكا شنيعا ، كانت في العبرة والعظة ، والدلالة الواضحة على قدرتنا ، وعلى حمايتنا لبيتنا الحرام .
وأوقع - سبحانه - الاستفهام عن كيفية ما أنزله بهم ، لا عن الفعل ذاته ؛ لأن الكيفية أكثر دلالة على قدرته - تعالى - ، وعلى أنه - سبحانه - لا يعجزه شيء .
وفى التعبير بقوله : { فَعَلَ رَبُّكَ . . . } إشارة إلى أن هذا الفعل لا يقدر عليه أحد سواه - سبحانه - ، فهو الذى ربى نبيه صلى الله عليه وسلم وتعهده بالرعاية ، وهو الكفيل بنصره على أعدائه ، كما نصر أهل مكة على جيوش الحبشة . . وهم أصحاب الفيل .
ووصفوا بأنهم " أصحاب الفيل " ؛ لأنهم أحضروا معهم الفيلة ، ليستعينوا بها على هدم الكعبة ، وعلى إذلال أهل مكة .
بسم الله الرحمن الرحيم { ألم تر كيف فعل ربك بأصحاب الفيل } الخطاب للرسول صلى الله عليه وسلم ، وهو وإن لم يشهد تلك الوقعة لكن شاهد آثارها ، وسمع بالتواتر أخبارها ، فكأنه رآها . وإنما قال{ كيف } ولم يقل :ما ؛ لأن المراد تذكير ما فيها من وجوه الدلالة على كمال علم الله تعالى وقدرته ، وعزة بيته ، وشرف رسوله صلى الله عليه وسلم ، فإنها من الإرهاصات ؛ إذ روي أنها وقعت في السنة التي ولد فيها رسول الله صلى الله عليه وسلم . قصتها أن أبرهة بن الصباح الأشرم ملك اليمن من قبل أصحمة النجاشي بنى كنيسة بصنعاء وسماها القليس ، وأراد أن يصرف الحاج إليها ، فخرج رجل من كنانة فقعد فيها ليلا فأغضبه ذلك ، فحلف ليهدمن الكعبة ، فخرج بجيشه ومعه فيل قوي اسمه محمود وفيلة أخرى ، فلما تهيأ للدخول وعبى جيشه قدم الفيل ، وكان كلما وجهوه إلى الحرم برك ولم يبرح ، وإذا رجعوه إلى اليمن أو إلى جهة أخرى هرول ، فأرسل الله تعالى طيرا مع كل واحد في منقاره حجر وفي رجليه حجران أكبر من العدسه وأصغر من الحمصة ، فترميهم فيقع الحجر في رأس الرجل فيخرج من دبره ، فهلكوا جميعا . وقرئ ( ألم تر ) جدا في إظهار أثر الجازم ، وكيف نصب بفعل ، لا ب( تر ) ، لما فيه من معنى الاستفهام .
{ كيف } نصب بفعل ، والجمهور على أنه فيل واحد ، وقال الضحاك : ثمانية ، فهو اسم الجنس ، وقوله مردود ، وحكى النقاش : ثلاثة عشر . وهذه السورة تنبيه على الاعتبار في أخذ الله تعالى لأبرهة ملك الحبشة ولجيشه حين أم به الكعبة ليهدمها ، وكان صاحب فيل يركبه ، وقصته مشروحة في السير الطويلة ، واختصاره أنه بنى في اليمن بيتاً وأراد أن يرد إليه حج العرب ، فذهب أعرابي فأحدث في البيت الذي بنى أبرهة ، فغضب لذلك ، واحتفل في جموعه ، وركب الفيل وقصد مكة ، وغلب من تعرضه في طريقه من قبائل العرب ، فلما وصل ظاهر مكة وفر عبد المطلب وقريش إلى الجبال والشعاب ، وأسلموا له البلد ، وغلب طغيانه ، ولم يكن للبيت من البشر من يعصمه ويقوم دونه ، جاءت قدرة الواحد القهار وأخذ العزيز المقتدر ، فأصبح أبرهة ليدخل مكة ويهدم الكعبة فبرك فيله بذي المغمس{[11985]} ولم يتوجه قبل مكة فبضعوه بالحديد{[11986]} فلم يمش إلى ناحية مكة ، وكان إذا وجهوه إلى غيرها هرول ، فبينا هم كذلك في أمر الفيل بعث الله { عليهم طيراً } جماعات جماعات سوداً من البحر وقيل : خضراً ، عند كل طائر ثلاثة أحجار في منقاره ورجليه ، وكل حجر فوق العدسة ودون الحمصة ، فرمتهم بتلك الحجارة ، فكان الحجر منها يقتل المرمي وتتهرى لحومهم جذرياً ، وأسقاماً ، فانصرف أبرهة بمن معه يريد اليمن فماتوا في طريقهم متفرقين في كل مرحلة ، وتقطع أبرهة أنملة أنملة حتى مات وحمى الله بيته المرفع ، فنزلت الآية منبهة على الاعتبار بهذه القصة ، ليعلم الكل أن الأمر كله لله ، ويستسلموا للإله الذي ظهرت في ذلك قدرته ، حين لم تغن الأصنام شيئاً ف { أصحاب الفيل } : أبرهة الملك ورجاله ، وقرأ أبو عبد الرحمن : «ألم ترْ » بسكون الراء .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.