فتح الرحمن في تفسير القرآن لتعيلب - تعيلب  
{ثُمَّ قَسَتۡ قُلُوبُكُم مِّنۢ بَعۡدِ ذَٰلِكَ فَهِيَ كَٱلۡحِجَارَةِ أَوۡ أَشَدُّ قَسۡوَةٗۚ وَإِنَّ مِنَ ٱلۡحِجَارَةِ لَمَا يَتَفَجَّرُ مِنۡهُ ٱلۡأَنۡهَٰرُۚ وَإِنَّ مِنۡهَا لَمَا يَشَّقَّقُ فَيَخۡرُجُ مِنۡهُ ٱلۡمَآءُۚ وَإِنَّ مِنۡهَا لَمَا يَهۡبِطُ مِنۡ خَشۡيَةِ ٱللَّهِۗ وَمَا ٱللَّهُ بِغَٰفِلٍ عَمَّا تَعۡمَلُونَ} (74)

{ ثم قست قلوبكم من بعد ذلك فهي كالحجارة أو أشد قسوة وإن من الحجارة لما يتفجر منه الأنهار وإن منها ما يشقق فيخرج منه الماء وإن منها لما يهبط من خشية الله وما الله بغافل عما تعملون } .

يقول توبيخا لبني إسرائيل وتقريعا لهم على ما شهدوه من آيات الله تعالى وإحيائه الموتى . . . ولهذا نهى الله المؤمنين عن مثل حالهم فقال : ( ألم يأن للذين آمنوا أن تخشع قلوبهم لذكر الله وما نزل من الحق ولا يكونوا كالذين أوتوا الكتاب من قبل فطال عليهم الأمد فقست قلوبهم وكثير منهم فاسقون ){[310]} فصارت قلوب بني إسرائيل مع طول الأمد قاسية بعيدة عن الموعظة بعدما شاهدوه من الآيات والمعجزات فهي في قسوتها كالحجارة التي لا علاج للينها أو أشد قسوة من الحجارة . . . والمعنى إن من الحجارة لألين من قلوبكم عما تدعون إليه من الحق ؛ . . .

اختلف علماء العربية في معنى قوله تعالى : { فهي كالحجارة أو أشد قسوة } بعد الإجماع عن استحالة كونها للشك فقال بعضهم { أو } ههنا بمعنى الواو تقديره فهي كالحجارة وأشد قسوة كقوله تعالى { . . . ولا تطع منهم آثما أو كفورا }{[311]} وقوله : { عذرا أو نذرا }{[312]} ، . . . وقال آخرون { أو } ههنا بمعنى بل فتقديره فهي كالحجارة بل أشد قسوة- . {[313]}


[310]:سورة الحديد الآية 16.
[311]:سورة الدهر من الآية 24.
[312]:سورة المرسلات الآية 6.
[313]:ما بين العارضتين مما أورد صاحب تفسير القرآن العظيم.