فتح الرحمن في تفسير القرآن لتعيلب - تعيلب  
{هَلۡ أَتَىٰ عَلَى ٱلۡإِنسَٰنِ حِينٞ مِّنَ ٱلدَّهۡرِ لَمۡ يَكُن شَيۡـٔٗا مَّذۡكُورًا} (1)

مقدمة السورة:

( 76 ) سورة الإنسان مدنية

وآياتها إحدى وثلاثون

كلماتها : 240 ؛ حروفها : 1053

بسم الله الرحمان الرحيم

{ هل أتى على الإنسان حين من الدهر لم يكن شيئا مذكورا ( 1 ) }

{ هل } للاستفهام أو للتحقيق .

{ حين } مدة ، ووقت من الدهر مبهم يصلح لجميع الأزمان كلها ، طالت ، أو قصرت .

{ الدهر } الأمد الممدود ، والزمان الطويل .

قد أتى على الإنسان قدر من الزمان كان فيه معدوما غير موجود ؛ ومضت مدة من الدهر وآدم فيها لم يكن شيئا يذكر في الخليقة ؛ وإن أريد ب { هل } الاستفهام فهو الاستفهام التقريري ؛ أو تكون بمعنى [ قد ] التي يراد بها التحقيق ؛ مما نقل الألوسي : أصله على ما قيل : [ أهل ] على أن الاستفهام للتقرير ، أي الحمل على الإقرار بما دخلت عليه ، والمقرر به : من ينكر البعث ؛ وقد علم أنهم يقولون : نعم قد مضى على الإنسان حين لم يكن كذلك ، فيقال : فالذين أوجده بعد أن لم يكن كيف يمتنع عليه إحياؤه بعد موته ؟ وعن ابن عباس وقتادة : هي هنا بمعنى قد ، وفسرها بها جماعة من النحاة . اه ؛ و{ الإنسان } ربما يكون المراد به آدم عليه السلام إذ هو أبو البشر وأصل الجنس الإنساني ، أي : بقي آدم جسدا مصورا ترابا وطينا ، لا يذكر ولا يعرف ، ثم نفخ فيه الروح فصار مذكورا ؛ قال يحيى بن سلام : لم يكن شيئا مذكورا في الخلق وإن كان عند الله شيئا مذكورا ؛ ومما أورد القرطبي : أي قد أتى على الإنسان حين لم يكن له قدرة عند الخليقة ، ثم لما عرف الله الملائكة أنه جعل آدم خليفة ، وحمله الأمانة التي عجزت عنها السماوات والأرض والجبال ، ظهر فضله على الكل فصار مذكورا اه . قال قتادة : إنما خلق الإنسان حديثا ، ما نعلم من خليقة الله جل ثناؤه خليقة كانت بعد الإنسان .