اللباب في علوم الكتاب لابن عادل - ابن عادل  
{رَّبُّ ٱلۡمَشۡرِقِ وَٱلۡمَغۡرِبِ لَآ إِلَٰهَ إِلَّا هُوَ فَٱتَّخِذۡهُ وَكِيلٗا} (9)

قوله : { رَّبُّ المشرق والمغرب } .

قرأ الأخوان وأبو بكر{[58338]} وابن عامرٍ : بجر " ربِّ " على النعت ل " ربِّك " ، أو البدل منه ، أو البيان له .

وقال الزمخشري : وعن ابن عباس : على القسم بإضمار حرف القسمِ ، كقولك : " والله لأفعلنَّ " وجوابه " لا إله إلاَّ هُو " ، كما تقول : " والله لا أحد في الدار سوى زيد " .

قال أبو حيَّان{[58339]} : لعل هذا التخريج لا يصح عن ابن عباس ، لأن فيه إضمار الجار ، ولا يجيزه البصريون إلاَّ مع لفظ الجلالةِ المعظمة خاصة ، ولأن الجملة المنفية في جواب القسم إذا كانت اسمية فإنما تنفى ب " مَا " ، وحدها ، فلا تنفى ب " لا " إلا الجملة المصدرة بمضارع كثيراً ، أو بماض في معناه قليلاً .

نحو قول الشاعر : [ البسيط ]

4927 - رِدُوا فَواللَّهِ لا زُرْنَاكُمُ أبَداً*** مَا دَامَ في مائنَا وِرْد لِوُرَّادِ{[58340]}

والزمخشري أورد ذلك على سبيل التجويزِ ، والتسليم ، والذي ذكره النحويون هو نفيها ب " مَا " ؛ كقوله : [ الطويل ]

4928 - لَعمْرُكَ ما سَعْدٌ بخُلَّةِ آثمٍ***ولا نَأنَإٍ يَوْمَ الحِفَاظِ ولا حَصِرْ{[58341]}

قال شهاب الدين{[58342]} : " قد أطلق ابن مالك أن الجملة المنفية سواء كانت اسمية ، أم فعليه تنفى ب «ما » ، أو «لا » ، أو «إن » بمعنى : «ما » ، وهذا هو الظاهر " .

وباقي السبعة : ترفعه ، على الابتداء وخبره الجملة من قوله " لا إله إلا الله " ، أو على خبر ابتداء مضمر ، أي : " هُو ربُّ " ، وهذا أحسن لارتباط الكلام بعضه ببعض .

وقرأ زيد{[58343]} بن علي : " ربَّ " بالنصب على المدح .

وقرأ العامة : " المشْرِق والمَغْرِب " موحدين .

وعبد الله وابن عباس : " المشَارِق والمغَارِب " {[58344]} .

ويجوز أن ينصب " ربَّ " في قراءة زيد من وجهين :

أحدهما : أنه بدل من " اسم ربِّك " ، أو بيان له ، أو نعت له ، قاله أبو البقاء ، وهذا يجيء على أن الاسم هو المسمى .

والثاني : أنه منصوب على الاشتغال بفعل مقدر ، أي : فاتخذ ربَّ المشرق فاتخذه ، وما بينهما اعتراض .

والمعنى : أن من علم أنه رب المشارق ، والمغارب انقطع بعمله إليه " واتَّخذهُ وَكِيْلاً " ، أي : قائماً وقيل : كفيلاً بما وعدك .


[58338]:ينظر: السبعة 658، والحجة 6/336، وإعراب القراءات 2/407، وحجة القراءات 731.
[58339]:البحر المحيط 8/364.
[58340]:ينظر: الهمع 2/41، والبحر 8/356، والدر المصون 6/406.
[58341]:البيت لامرئ القيس. ينظر: ديوانه (74)، والبحر 8/357، والدر المصون 6/406.
[58342]:الدر المصون 6/406.
[58343]:ينظر: البحر المحيط 8/355، والدر المصون 6/406.
[58344]:ينظر: الكشاف 4/640، والمحرر الوجيز 5/355، والبحر المحيط 8/355.