المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية - ابن عطية  
{وَمِنَ ٱلنَّاسِ مَن يَعۡبُدُ ٱللَّهَ عَلَىٰ حَرۡفٖۖ فَإِنۡ أَصَابَهُۥ خَيۡرٌ ٱطۡمَأَنَّ بِهِۦۖ وَإِنۡ أَصَابَتۡهُ فِتۡنَةٌ ٱنقَلَبَ عَلَىٰ وَجۡهِهِۦ خَسِرَ ٱلدُّنۡيَا وَٱلۡأٓخِرَةَۚ ذَٰلِكَ هُوَ ٱلۡخُسۡرَانُ ٱلۡمُبِينُ} (11)

هذه الآية نزلت في أعراب وقوم لا يقين لهم كان أحدهم اذا أسلم فاتفق له اتفاقات حسان من نمو ماله وولد ذكر يرزقه وغير ذلك قال هذا دين جيد وتمسك به لهذه المعاني ، وإن كان الأمر بخلاف ، تشاءم به وارتد كما صنع العرنيون{[8314]} وغيرهم ، قال هذا المعنى ابن عباس ومجاهد وقتادة وغيرهم ، وقوله تعالى : { على حرف } معناه على انحراف منه عن العقيدة البيضاء أو على شفى منها{[8315]} معد للزهوق ، و «الفتنة » : الاختبار ، وقوله تعالى : { انقلب على وجهه } عبارة للمولي عن الأمور وخسارته { الدنيا والآخرة } ، أما { الدنيا } فبالمقادير التي جرت عليه ، وأما { الآخرة } فبارتداده وسوء معتقده ، وقرأ مجاهد وحميد والأعرج «خاسراً الدنيا والآخرة » نصباً على الحال .


[8314]:بنو عرين: بطن من تميم، وعرينة ـ مصغر ـ: بطن من بجيلة، وفي اللسان: "العرنيون مثال الجهنيين: ارتدوا فقتلهم النبي صلى الله عليه وسلم".
[8315]:الشفا: حرف الشيء وحده، قال تعالى: {على شفا جرف هار}، وقال: {وكنتم على شفا حفرة من النار}.