مدارك التنزيل وحقائق التأويل للنسفي - النسفي  
{وَمِنَ ٱلنَّاسِ مَن يَعۡبُدُ ٱللَّهَ عَلَىٰ حَرۡفٖۖ فَإِنۡ أَصَابَهُۥ خَيۡرٌ ٱطۡمَأَنَّ بِهِۦۖ وَإِنۡ أَصَابَتۡهُ فِتۡنَةٌ ٱنقَلَبَ عَلَىٰ وَجۡهِهِۦ خَسِرَ ٱلدُّنۡيَا وَٱلۡأٓخِرَةَۚ ذَٰلِكَ هُوَ ٱلۡخُسۡرَانُ ٱلۡمُبِينُ} (11)

{ وَمِنَ الناس مَن يَعْبُدُ الله على حَرْفٍ } على طرف من الدين لا في وسطه وقلبه وهذا مثل لكونهم على قلق واضطراب في دينهم لا على سكون وطمأنينة وهو حال أي مضطرباً { فَإِنْ أَصَابَهُ خَيْرٌ } صحة في جسمه وسعة في معيشته { اطمأن } سكن واستقر { بِهِ } بالخير الذي أصابه أو بالدين فعبد الله { وَإِنْ أَصَابَتْهُ فِتْنَةٌ } شر وبلاء في جسده وضيق في معيشته { انقلب على وَجْهِهِ } جهته أي ارتد ورجع إلى الكفر كالذي يكون على طرف من العسكر ، فإن أحس بظفر وغنيمة قر واطمأن وإلا فر وطار على وجهه . قالوا : نزلت في أعاريب قدموا المدينة مهاجرين وكان أحدهم إذا صح بدنه ونتجت فرسه مهراً سوياً وولدت امرأته غلاماً سوياً وكثر ماله وماشيته قال : ما أصبت منذ دخلت في ديني هذا إلا خيراً واطمأن ، وإن كان الأمر بخلافه قال : ما أصبت إلا شراً وانقلب عن دينه { خَسِرَ الدنيا والآخرة } حال «وقد » مقدرة دليله قراءة روح وزيد { خاسر الدنيا والآخرة } والخسران في الدنيا بالقتل فيها وفي الآخرة بالخلود في النار { ذلك } أي خسران الدارين { هُوَ الخسران المبين } الظاهر الذي لا يخفى على أحد .