محاسن التأويل للقاسمي - القاسمي  
{وَمِنَ ٱلنَّاسِ مَن يَعۡبُدُ ٱللَّهَ عَلَىٰ حَرۡفٖۖ فَإِنۡ أَصَابَهُۥ خَيۡرٌ ٱطۡمَأَنَّ بِهِۦۖ وَإِنۡ أَصَابَتۡهُ فِتۡنَةٌ ٱنقَلَبَ عَلَىٰ وَجۡهِهِۦ خَسِرَ ٱلدُّنۡيَا وَٱلۡأٓخِرَةَۚ ذَٰلِكَ هُوَ ٱلۡخُسۡرَانُ ٱلۡمُبِينُ} (11)

{ وَمِنَ النَّاسِ مَن يَعْبُدُ اللَّهَ عَلَى حَرْفٍ فَإِنْ أَصَابَهُ خَيْرٌ اطْمَأَنَّ بِهِ وَإِنْ أَصَابَتْهُ فِتْنَةٌ انقَلَبَ عَلَى وَجْهِهِ خَسِرَ الدُّنْيَا وَالْآخِرَةَ ذَلِكَ هُوَ الْخُسْرَانُ الْمُبِينُ } .

{ وَمِنَ النَّاسِ مَن يَعْبُدُ اللَّهَ عَلَى حَرْفٍ } شروع في حال المذبذبين ، إثر بيان حال المجاهرين . أي ومنهم من يعبده تعالى على طرف من الدين ، لا في وسطه وقلبه . وهذا مثل لكونهم على قلق واضطراب في دينهم ، لا على سكون وطمأنينة . كالذي ينحرف إلى طرف الجيش . فإن أحس بظفر وغنيمة قر وإلا فر { فَإِنْ أَصَابَهُ خَيْرٌ } أي دنيوي من صحة وسعة { اطْمَأَنَّ بِهِ } أي ثبت على ما كان عليه ظاهرا { وَإِنْ أَصَابَتْهُ فِتْنَةٌ } أي ما يفتتن به من مكروه ينزل به { انقَلَبَ عَلَى وَجْهِهِ } أي رجع إلى ما كان عليه من الكفر { خَسِرَ } أي بهذا الانقلاب { الدُّنْيَا وَالْآخِرَةَ } أي ضيعهما بذهاب عصمته ، وحبوط عمله ، بالارتداد { ذَلِكَ هُوَ الْخُسْرَانُ الْمُبِينُ } أي الواضح الذي لا يخفى على ذي بصيرة .

تنبيه :

قال ابن جرير {[5520]} : يعني جل ذكره بقوله : { ومن الناس } الخ أعرابا كانوا يقدمون على رسول الله صلى الله عليه وسلم ، مهاجرين من باديتهم . فإن نالوا رخاء ، من عيش بعد الهجرة ، والدخول في الإسلام ، أقاموا على الإسلام . وإلا ارتدوا على أعقابهم . وبنحو الذي قلنا قال أهل التأويل . ثم أسنده من طرق .

وهذا مما يؤيد أن السورة مدنية كما قاله جمع . وتقدم ذلك .


[5520]:(انظر الصفحة رقم 122 من الجزء السابع عشر (طبعة الحلبي الثانية).