تفسير مقاتل بن سليمان 150 هـ :
{ومن الناس من يعبد الله على حرف} يعنى على شك، نزلت في أناس من أعراب أسد بن خزيمة، وغطفان... كان الرجل يهاجر إلى المدينة، فإن أخصبت أرضه، ونتجت فرسه، وولد له غلام، وصح بالمدينة، وتتابعت عليه الصدقات، قال: هذا دين حسن، يعني: الإسلام. فذلك قوله تعالى: {فإن أصابه خير اطمأن به} يقول: رضي بالإسلام. وإن أجدبت أرضه، ولم تنتج فرسه، وولدت له جارية، وسقم بالمدينة، ولم يجد عليه بالصدقات، قال: هذا دين سوء، ما أصابني من ديني هذا الذي كنت عليه إلا شرا فرجع عن دينه، فذلك قوله سبحانه: {وإن أصابته فتنة} يعني: بلاء {انقلب على وجهه} يقول: رجع إلى دينه الأول كافرا. {خسر الدنيا والآخرة}: خسر دنياه التي كان يحبها، فخرج منها، ثم أفضى إلى الآخرة وليس له فيها شيء...
يقول الله عز وجل: {ذلك هو الخسران المبين} يقول: ذلك هو الغبن البين.
جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري 310 هـ :
يعني جلّ ذكره بقوله:"وَمِنَ النّاسِ مَنْ يَعْبُد اللّهَ عَلى حَرْفٍ" أعرابا كانوا يقدمون على رسول الله صلى الله عليه وسلم، مهاجرين من باديتهم، فإن نالوا رخاء من عيش بعد الهجرة والدخول في الإسلام، أقاموا على الإسلام، وإلا ارتدّوا على أعقابهم، فقال الله: "وَمِنَ النّاسِ مَنْ يَعْبُدُ اللّهَ "على شكّ، "فإنْ أصابهُ خير اطمأنّ بهِ" وهو السعة من العيش وما يشبهه من أسباب الدنيا "اطْمَأَنَ بِهِ" يقول: استقرّ بالإسلام وثبت عليه. "وَإنْ أصَابَتْهُ فِتْنَةٌ" وهو الضيق بالعيش وما يشبهه من أسباب الدنيا، "انْقَلَبَ عَلى وَجْهِهِ" يقول: ارتدّ فانقلب على وجهه الذي كان عليه من الكفر بالله...
وقوله: "خَسِرَ الدّنيا والآخِرَةَ" يقول: غبِن هذا الذي وصف جلّ ثناؤه صفته دنياه لأنه لم يظفر بحاجته منها بما كان من عبادته الله على الشك، ووضع في تجارته فلم يربح "والآخِرَةَ" يقول: وخسر الآخرة، فإنه معذّب فيها بنار الله الموقدة. وقوله: "ذلكَ هُوَ الخُسْرَانُ المُبِينُ" يقول: وخسارته الدنيا والآخرة هي الخسران، يعني الهلاك. "المُبِينُ" يقول: يبين لمن فكّر فيه وتدبره أنه قد خسر الدنيا والآخرة.
تأويلات أهل السنة للماتريدي 333 هـ :
... قال بعضهم: {على حرف} أي على شرط الإعطاء. يقول: إن أعطاني أملي عبدته، وإن لم يعطني ذلك لم أعبده، تكون عبادته على هذا الشرط...
الكشف والبيان في تفسير القرآن للثعلبي 427 هـ :
... {وَمِنَ النَّاسِ مَن يَعْبُدُ اللَّهَ عَلَى حَرْفٍ} أي: طرف واحد وجانب في الدين، لا يدخل فيها على الثبات والتمكين، والحرف: منتهى الجسم.
وقال بعض أهل المعاني: يريد على ضعف في العبادة كضعف القائم على حرف مضطرباً فيه. وقال بعضهم: أراد على لون واحد في الأحوال كلّها يتّبع مراده، ولو عبدوا الله في الشكر على السرّاء والصبر على الضرّاء لما عبدوا الله على حرف... {فَإِنْ أَصَابَهُ خَيْرٌ} صحة في جسمه وسعة في معيشته {اطْمَأَنَّ بِهِ} أي رضي واطمأن إليه وأقام عليه. {وَإِنْ أَصَابَتْهُ فِتْنَةٌ} بلاء في جسمه وضيق في معاشه وتعذّر المشتهى من حاله {انْقَلَبَ عَلَى وَجْهِهِ} ارتدّ فرجع إلى وجهه الذي كان عليه من الكفر {خَسِرَ الدُّنْيَا وَالأَخِرَةَ}...
التبيان في تفسير القرآن للطوسي 460 هـ :
معنى قوله:"ومن الناس من يعبد الله على حرف" أي في الناس من يوجه عبادته إلى الله على ضعف في العبادة، كضعف القيام على حرف جرف، وذلك من اضطرابه في استيفاء النظر المؤدي إلى المعرفة. فأدنى شبهة تعرض له ينقاد لها، ولايعمل في حلها.
لطائف الإشارات للقشيري 465 هـ :
يعني يكون على جانبٍ، غير مخلص... لا له استجابة توجب الوفاق، ولا جَحْداً يبين الشقاق، ومَنْ كانت هذه صفته فقد خسر في الدارين، وأخفق في المنزلتين.
الكشاف عن حقائق التنزيل للزمخشري 538 هـ :
على طرف من الدين لا في وسطه وقلبه. وهذا مثل لكونهم على قلق واضطراب في دينهم، لا على سكون وطمأنينة، كالذي يكون على طرف من العسكر، فإن أحسّ بظفر وغنيمة قرّ واطمأن، وإلا فرّ وطار على وجهه... المصاب بالمحنة بترك التسليم لقضاء الله والخروج إلى ما يسخط الله: جامع على نفسه محنتين، إحداهما: ذهاب ما أصيب به. والثانية: ذهاب ثواب الصابرين، فهو خسران الدارين...
المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية 542 هـ :
{على حرف} معناه على انحراف منه عن العقيدة البيضاء أو على شفى منها معد للزهوق
... اعلم أنه تعالى لما بين حال المظهرين للشرك المجادلين فيه على ما ذكرنا عقبه بذكر المنافقين فقال: {ومن الناس من يعبد الله على حرف} وفي تفسير الحرف وجهان. الأول: ما قاله الحسن وهو أن المرء في باب الدين معتمده القلب واللسان فهما حرفا الدين، فإذا وافق أحدهما الآخر فقد تكامل في الدين، وإذا أظهر بلسانه الدين لبعض الأغراض وفي قلبه النفاق جاز أن يقال فيه على وجه الذم: يعبد الله على حرف... {فإن أصابه خير اطمأن به وإن أصابته فتنة انقلب على وجهه} لأن الثبات في الدين إنما يكون لو كان الغرض منه إصابة الحق وطاعة الله والخوف من عقابه فأما إذا كان غرضه الخير المعجل فإنه يظهر الدين عند السراء ويرجع عنه عند الضراء فلا يكون إلا منافقا مذموما وهو مثل قوله تعالى: {مذبذبين بين ذلك} وكقوله: {فإن كان لكم فتح من الله قالوا ألم نكن معكم}...
وأما قوله: {وإن أصابته فتنة انقلب على وجهه} ففيه سؤالات الأول: كيف قال: {وإن أصابته فتنة انقلب على وجهه} والخير أيضا فتنة لأنه امتحان وقال تعالى: {ونبلوكم بالشر والخير فتنة}، والجواب: مثل هذا كثير في اللغة لأن النعمة بلاء وابتلاء لقوله: {فأما الإنسان إذا ما ابتلاه ربه فأكرمه ونعمه} ولكن إنما يطلق اسم البلاء على ما يثقل على الطبع، والمنافق ليس عنده الخير إلا الخير الدنيوي، وليس عنده الشر إلا الشر الدنيوي، لأنه لا دين له. فلذلك وردت الآية على ما يعتقدونه، وإن كان الخير كله فتنة، لكن أكثر ما يستعمل فيما يشتد ويثقل.
السؤال الثاني: إذا كانت الآية في المنافق فما معنى قوله: {انقلب على وجهه} وهو في الحقيقة لم يسلم حتى ينقلب ويرتد؟ والجواب: المراد أنه أظهر بلسانه خلاف ما كان أظهره فصار يذم الدين عند الشدة وكان من قبل يمدحه وذلك انقلاب في الحقيقة.
السؤال الثالث: قال مقاتل: الخير هو ضد الشر فلما قال: {فإن أصابه خير اطمأن به} كان يجب أن يقول: وإن أصابه شر انقلب على وجهه. الجواب: لما كانت الشدة ليست بقبيحة لم يقل تعالى وإن أصابه شر بل وصفه بما لا يفيد فيه القبح.
أما قوله تعالى: {خسر الدنيا والآخرة} فذلك لأنه يخسر في الدنيا العزة والكرامة وإصابة الغنيمة وأهلية الشهادة والإمامة والقضاء ولا يبقى ماله ودمه مصونا، وأما في الآخرة فيفوته الثواب الدائم ويحصل له العقاب الدائم {وذلك هو الخسران المبين}.
نظم الدرر في تناسب الآيات و السور للبقاعي 885 هـ :
ولما بين قسمي المصارحين بالكفر الكثيف والأكثف صريحاً، وأفهم المؤمن المخلص، عطف على ذلك المذبذب فقال: {ومن الناس} ولذلك عبر بالناس الذي مدلوله الاضطراب والتردد دون أن يضمر {من يعبد الله} أي يعمل على سبيل الاستمرار والتجدد بما أمر به الإله الأعظم من طاعته {على حرف} فهو مزلزل كزلزلة من يكون على حرف شفير أو جبل أو غيره، لا استقرار له، وكالذي على طرف من العسكر، فإن رأى غنيمة قر، وإن توهم خوفاً طار وفر، وذلك معنى قوله: {فإن أصابه خير} أي من الدنيا {اطمأن به} أي بسببه، وثبت على ما هو عليه {وإن أصابته فتنة} أي مصبية ولو قلت -بما يشير إليه التأنيث- في جسده أو معيشته يختبر بها ويظهر خبأه للناس {انقلب على وجهه} لتهيئه للانقلاب بكونه على شفا جرف فسقط عن ذلك الطرف من الدين سقوطاً لا رجوع له بعده إليه ولا حركة له معه، فإن الإنسان مطبوع على المدافعة بكل عضو من أعضائه عن وجهه فلا يمكن منه إلا بعد نهاية العجز، والمعنى أنه رجع إلى الوجه الذي كان عليه من الكفر أو الشك رجوعاً متمكناً، وهذا بخلاف الراسخ في إيمانه، فإنه إن أصابته سراء شكر، وإن أصابته ضراء حمد وصبر، فكل قضاء الله له خير.
ولما كان انقلاب هذا مفسداً لآخرته بما ناله من الوزر، وغير نافع له في استدراك ما فاته من الدنيا، كانت فذلكة ذلك قوله: {خسر الدنيا} أي بسبب أن ذلك لا يرد ما فاته منها ويكون سبب التقتير عليه وذهاب بركته
{ولو أنهم أقاموا التوراة والإنجيل وما أنزل إليهم من ربهم لأكلوا من فوقهم ومن تحت أرجلهم} [المائدة: 66] "إن الرجل ليحرم الرزق بالذنب يصيبه "{والآخرة} بفوات أجر الصبر وحصول إثم الجزع. ثم عظم مصيبته بقوله: {ذلك} أي الأمر العظيم {هو} أي لا غير {الخسران المبين}...
في ظلال القرآن لسيد قطب 1387 هـ :
ويمضي السياق إلى نموذج آخر من الناس -إن كان يواجه الدعوة يومذاك فهو نموذج مكرور في كل جيل- ذلك الذي يزن العقيدة بميزان الربح والخسارة؛ ويظنها صفقة في سوق التجارة: إن العقيدة هي الركيزة الثابتة في حياة المؤمن، تضطرب الدنيا من حوله فيثبت هو على هذه الركيزة ونتجاذبه الأحداث والدوافع فيتشبث هو بالصخرة التي لا تتزعزع؛ وتتهاوى من حوله الأسناد فيستند هو إلى القاعدة التي لا تحول ولا تزول.ومن ثم يجب أن يستوي عليها، متمكنا منها، واثقا بها، لا يتلجلج فيها، ولا ينتظر عليها جزاء، فهي في ذاتها جزاء. فالعقيدة حق يعتنق لذاته، بانفعال القلب المتلقي للنور والهدى الذي لا يملك إلا أن ينفعل بما يتلقى. والعقيدة تحمل جزاءها في ذاتها، بما فيها من طمأنينة وراحة ورضى، فهي لا تطلب جزاءها خارجا عن ذاتها. والمؤمن يعبد ربه شكرا له على هدايته إليه، وعلى اطمئنانه للقرب منه والأنس به. فإن كان هنالك جزاء فهو فضل من الله ومنة. استحقاقا على الإيمان أو العبادة! والمؤمن لا يجرب إلهه. فهو قابل ابتداء لكل ما يقدره له، مستسلم ابتداء لكل ما يجربه عليه راض ابتداء بكل ما يناله من السراء والضراء. وليست هي صفقة في السوق بين بائع وشار، إنما هي إسلام المخلوق للخالق، صاحب الأمر فيه، ومصدر وجوده من الأساس. والذي ينقلب على وجهه عند مس الفتنة يخسر الخسارة التي لا شبهة فيها ولا ريب: (ذلك هو الخسران المبين).. يخسر الطمأنينة والثقة والهدوء والرضى. إلى جوار خسارة المال أو الولد، أو الصحة، او أعراض الحياة الأخرى التي يفتن الله بها عباده، ويبتلي بها ثقتهم فيه، وصبرهم على بلائه، وإخلاصهم أنفسهم له، واستعدادهم لقبول قضائه وقدره.. ويخسر الآخرة وما فيها من نعيم وقربى ورضوان. فيا له من خسران!
التحرير والتنوير لابن عاشور 1393 هـ :
وفي حديث « الموطأ»: أن أعرابياً أسلم وبايع النبي صلى الله عليه وسلم فأصابه وعكٌ بالمدينة، فجاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم يستقيله بَيعته فأبى أن يقيله، فخرج من المدينة فقال النبي صلى الله عليه وسلم "المدينة كالكير تنفي خبَثها وينصَع طيبها "فجعله خبثاً لأنه لم يكن مؤمناً ثابتاً.والظاهر أن هذه الآية نزلت بالمدينة وهذا كله ناشىء عن الجهل وتخليط الأسباب الدنيوية بالأسباب الأخروية، وجعل المقارنات الاتفاقية كالمعلومات اللزومية. وهذا أصل كبير من أصول الضلالة في أمور الدين وأمور الدنيا. ولنعم المعبّر عن ذلك قوله تعالى {خسر الدنيا والآخرة} إذ لا يهتدي إلى تطلب المسببات من أسبابها.
{يعبد الله على حرف} تمثيل لحال المتردد في عمله، يريد تجربة عاقبته بحال من يمشي على حرف جَبَل أو حرف وادٍ فهو متهيّىء لأن يزِل عنه إلى أسفله فينقلب، أي ينكَب.وحرف الاستعلاء ظاهر وهو أيضاً الملائم لتمثيل أول حاله بحال من هو على حرف. والخسران: تلف جزء من أصل مال التجارة، فشبه نفع الدنيا ونفع الآخرة بمال التاجر الساعي في توفيره لأن الناس يرغبون تحصيله، وثني على ذلك إثبات الخسران لصاحبه الذي هو من مرادفات مال التجارة المشبه به، فشبه فوات النفع المطلوب بخسارة المال. وتعليق الخسران بالدنيا والآخرة على حذف مضاف. والتقدير خسر خير الدنيا وخير الآخرة. فخسارة الدنيا بسبب ما أصابه فيها من الفتنة، وخسارة الآخرة بسبب عدم الانتفاع بثوابها المرجوّ له. والمبين: الذي فيه ما يبين للناس أنه خسران بأدنى تأمل. والمراد أنه خسران شديد لا يخفى. والإتيان باسم الإشارة لزيادة تمييز المسند إليه أتم تمييز لتقرير مدلوله في الأذهان.
التيسير في أحاديث التفسير للمكي الناصري 1415 هـ :
وقوله تعالى هنا: {على حرف} يشبه قوله تعالى في آية أخرى: {على شفا جرف هار فانهار به في نار جهنم} [التوبة: 109]، إشارة إلى أن هذا النوع من الناس يكون على وشك السقوط لأول دفعة.
تفسير من و حي القرآن لحسين فضل الله 1431 هـ :
وهذا نموذجٌ آخر، وهو الإنسان الذي لا ينطلق في إيمانه من موقع تأمّلٍ وتفكير، ولا يتحرك في عبادته لله من قاعدةٍ روحيةٍ عميقة، أو من رؤيةٍ واضحةٍ شاملةٍ قوامها الانفتاح على الله والمعرفة الواعية به، ولذلك فإنه يبقى ثابتاً ما دامت الأمور منسجمةً مع أوضاعه النفسية والحياتية، وما دامت العبادة لا تكلّفه جهداً كبيراً، أو تضحيةً ماديةً أو معنوية، ولا تربك له ما اعتاده في حياته من تصرفات وعلاقات. أمّا إذا هدد الإيمان مصالحه بالتعقيد، وشكلت العبادة خطراً على اتجاهه في الحياة، وأصبح التزامه يؤدّي به إلى بعض الخسارة أو بعض المشاكل، أو يفرض عليه اتخاذ مواقف رافضة لشخص يحبّه أو موقف يلتزمه، أو يفرض عليه الانسجام مع من لا ينسجم معهم، أو السير في طريق أو نحو غاية لا يرى فيها فرصةً طيبةً لأطماعه وشهواته، فإنه يبادر إلى الانقلاب على إيمانه، والابتعاد عن عبادته، بسرعة وحسم، خوفاً من خسارة فرص الربح، أو التعرض لتجربة الخسارة.. {خَسِرَ الدُّنْيَا} التي كان يؤمِّل فيها فخاب ظنه وخسر صفقة يمينه {والآخرة} بخسارته الجنة بابتعاده عن رسالة الله، واقترابه من نار جهنم، و {ذلِكَ هُوَ الخسران الْمُبِينُ} لأنه يمثل الخسارة الشاملة المطلقة التي لا ينفع معها أيّ ربحٍ طارئ، لأن أيّ قدر منه يبدو ضئيلاً أمام حجم الخسارة.
الأمثل في تفسير كتاب الله المنزل - لجنة تأليف بإشراف الشيرازي 2009 هـ :
وممّا يلفت النظر أنّ القرآن الكريم يعبّر عن إقبال الدنيا على هؤلاء الأشخاص بالخير. وعن إدبارها بالفتنة (وسيلة الإمتحان) ولم يطلق عليها كلمة الشرّ، إشارة إلى أنّ هذه الأحداث غير المرتقبة ليست شرّاً ولا سوءاً وإنّما هي وسيلة للإمتحان... (ذلك هو الخسران المبين) مؤكّداً أنّ أفدح الضرر وأفظع الخسران، هو أن يفقد الإنسان دينه ودنياه. وهؤلاء الأشخاص الذين يقيسون الحقّ بإقبال الدنيا عليهم ينظرون إلى الدين وفق مصالحهم الخاصّة، وهذه الفئة موجودة بكثرة في كلّ مجتمع، وإيمانها مزيج بالشرك وعبادة الأصنام، إلاّ أنّ أصنامهم هي وأزواجهم وأبناؤهم وأموالهم ومواشيهم، ومثل هذا الإيمان أضعف من بيت العنكبوت!