التفسير الحديث لدروزة - دروزة  
{وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌۖ أُجِيبُ دَعۡوَةَ ٱلدَّاعِ إِذَا دَعَانِۖ فَلۡيَسۡتَجِيبُواْ لِي وَلۡيُؤۡمِنُواْ بِي لَعَلَّهُمۡ يَرۡشُدُونَ} (186)

{ أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ { 183 } أَيَّاماً مَّعْدُودَاتٍ فَمَن كَانَ مِنكُم مَّرِيضاً أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِّنْ أَيَّامٍ أُخَرَ وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ فَمَن تَطَوَّعَ خَيْراً [ 1 ] فَهُوَ خَيْرٌ لَّهُ وَأَن تَصُومُواْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ { 184 } شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِيَ أُنزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدًى لِّلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِّنَ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ فَمَن شَهِدَ مِنكُمُ الشَّهْرَ [ 2 ] فَلْيَصُمْهُ وَمَن كَانَ مَرِيضاً أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِّنْ أَيَّامٍ أُخَرَ يُرِيدُ اللّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلاَ يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ وَلِتُكْمِلُواْ الْعِدَّةَ وَلِتُكَبِّرُواْ اللّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ { 185 } وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُواْ لِي وَلْيُؤْمِنُواْ بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ { 186 } أُحِلَّ لَكُمْ لَيْلَةَ الصِّيَامِ الرَّفَثُ [ 3 ] إِلَى نِسَآئِكُمْ هُنَّ لِبَاسٌ لَّكُمْ وَأَنتُمْ لِبَاسٌ لَّهُنَّ عَلِمَ اللّهُ أَنَّكُمْ كُنتُمْ تَخْتانُونَ أَنفُسَكُمْ [ 4 ] فَتَابَ عَلَيْكُمْ وَعَفَا عَنكُمْ فَالآنَ بَاشِرُوهُنَّ [ 5 ] وَابْتَغُواْ مَا كَتَبَ اللّهُ لَكُمْ وَكُلُواْ وَاشْرَبُواْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ [ 6 ] ثُمَّ أَتِمُّواْ الصِّيَامَ إِلَى الَّليْلِ وَلاَ تُبَاشِرُوهُنَّ وَأَنتُمْ عَاكِفُونَ فِي الْمَسَاجِدِ تِلْكَ حُدُودُ اللّهِ فَلاَ تَقْرَبُوهَا كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللّهُ آيَاتِهِ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ { 187 } } .

تعليقات على آيات الصيام مع شروح متنوعة في صدد الصيام ورمضان

الآيات تحتوي فرض الصيام وحدوده وفوائده ورخصه ، وعبارتها واضحة وهي فصل تشريعي جديد . ومن المحتمل أن تكون نزلت بعد فصل الوصية التشريعي فوضعت بعده ، أو أن تكون وضعت بعده للمماثلة التشريعية كما كان الأمر بالنسبة للآيات السابقة .

والصيام من العبادات الرياضية الروحية القائمة على حرمان الجسم في سبيل تصفية النفس ، وهو ممارس على أشكال متنوعة منذ الأزمنة القديمة ومفروض على اليهود والنصارى ، وهذا ما أشارت إليه الآية الأولى {[235]} . وكثير من الأمم غير الكتابية تمارسه أيضاً ، ومما لا ريب فيه أن لهذه العبادة الرياضية الروحية إلهامات ومزايا وفضائل سواء في تعويدها الصائمين تحمّل الحرمان تحمّلاً تطوعياً لا رقيب عليه ولا محاسب إلا إيمان الصائم وضميره ، وما في هذا من وسيلة لتصفية النفس وتقوية الروح والإرادة ومغالبة الأهواء وكبح الشهوات . أم في تذكيرها بالمحرومين وما يقاسونه من آلام العوز والحرمان وما يؤدي هذا إليه من رقة النفس وإثارة الرغبة في البرّ والخير والمعونة والإحسان . فلا غرو أن يكون من فرائض الإسلام الذي انطوت فيه الدعوة إلى كل فضيلة ومكرمة وإلى قيام الإنسان بواجباته نحو الله والناس بكل وسيلة ومناسبة ، ثم إلى كبح جماح الشهوات وتصفية النفس وإعدادها لتلقي فيض الله ومدده وروحانيته .

ولقد أثرت عن النبي صلى الله عليه وسلم أحاديث عديدة في فضل الصيام وآدابه فيها الترغيب والبشرى والحضّ والتشجيع . منها حديث جاء فيه : «إن الله تبارك وتعالى فرض صيام رمضان عليكم وسننت لكم قيامه ، فمن صامه وقامه إيمانا واحتساباً خرج من ذنوبه كيوم ولدته أمّه » {[236]} . وحديث ثان جاء فيه : «كلّ عمل ابن آدم له إلا الصيام فإنه لي وأنا أجزي به ، والصيام جنة ، وإذا كان يوم صوم أحدكم فلا يرفث ولا يصخب فإن سابّه أحد أو قاتله فليقل إني امرؤ صائم ، والذي نفس محمد بيده لخلوفُ فم الصائم أطيب عند الله من ريح المسك . للصائم فرحتان يفرحهما إذا أفطر فرح وإذا لقي ربّه فرح بصومه » {[237]} وفي رواية : «كل عمل ابن آدم مضاعف الحسنة عشرة أمثالها إلى سبعمائة ضعف قال الله عزّ وجلّ : إلا الصوم فإنه لي وأنا أجزي به من يدع شهواته وطعامه لأجلي » . وحديث ثالث جاء فيه : «قال أبو أمامة ، قلت : يا رسول الله مرْني بأمر ينفعني الله به ؟ قال : عليك بالصيام فإنّه لا مثل له » {[238]} . وحديث رابع جاء فيه : «ألا أدلّك على أبواب الخير : الصوم جنة ، والصدقة تطفئ الخطيئة كما يطفئ الماء النار ، وصلاة الرجل من جوف الليل شعار الصالحين » {[239]} . وحديث خامس جاء فيه : «ثلاثة لا تردّ دعوتهم : الصائم حتى يفطر ، والإمام العادل ودعوة المظلوم يرفعها الله فوق الغمام ويفتح لها أبواب السماء ويقول الربّ : وعزّتي لأنصرنّك ولو بعد حين » {[240]} . وحديث رواه الخمسة وأحمد عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : «من صام رمضان إيمانا واحتسابا غفر الله ما تقدّم من ذنبه ، وفي رواية أحمد : وما تأخّر » {[241]} .

وهناك حديثان مهمّان في صدد آداب الصائم وأخلاقه أحدهما رواه الخمسة إلا مسلماً جاء فيه : «قال النبي صلى الله عليه وسلم : من لم يدع قول الزور والعمل به فليس لله حاجة في أن يدع طعامه وشرابه » {[242]} . وثانيهما رواه ابن ماجه وأحمد والحاكم جاء فيه : «قال النبي صلى الله عليه وسلم : ربّ صائم ليس له من صيامه إلا الجوع ، وربّ قائم ليس له من قيامه إلا السهر » {[243]} .

ولقد اقتضت حكمة رسول الله صلى الله عليه وسلم تشريع زكاة الفطر لتكون مطهرة للصائمين مما قد يكونون ألموا به أثناء صومهم من هفوات حيث روى أبو داود وابن ماجه والحاكم وصححه عن ابن عباس قال : «فرض رسول الله صلى الله عليه وسلم زكاة الفطر طهرة للصائم من اللغو والرفث وطعمة للمساكين ، من أداها قبل الصلاة فهي زكاة مقبولة ومن أدّاها بعد الصلاة فهي صدقة من الصدقات » {[244]} . وحديث رواه الخمسة عن ابن عمر قال : «فرض رسول الله صلى الله عليه وسلم زكاة الفطر صاعا من تمر أو صاعا من شعير على العبد والحرّ والذكر والأنثى والصغير والكبير من المسلمين ، وأمر بها أن تؤدّى قبل خروج الناس إلى الصلاة » {[245]} .

وهناك أحاديث في فضل إطعام الطعام في رمضان والحثّ عليه ، منها حديث رواه الترمذي وأحمد عن زيد بن خالد عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : «من فطّر صائماً كان له مثل أجره لا ينقص من أجر الصائم شيئاً » {[246]} . وحديث رواه الترمذي بسند حسن عن أم عمارة قالت : «إن النبي صلى الله عليه وسلم دخل عليها فقدمت له طعاماً فقال : كلي ، فقالت : إني صائمة . فقال : إنّ الصائم تصلّي عليه الملائكة إذا أكل عنده حتى يفرغوا ، وربّما قال : حتى يشبعُوا . وفي رواية : الصائم إذا أُكل عنده المفاطير صلّت عليه الملائكة » {[247]} .

وهناك حديث عن وجود رسول الله صلى الله عليه وسلم بخاصة في رمضان ومدارسته القرآن مع جبريل فيه رواه الشيخان عن ابن عباس قال : «كان النبيّ صلى الله عليه وسلم أجود الناس بالخير وكان أجود ما يكون في رمضان حين يلقاه جبريل . وكان جبريل يلقاه كلّ ليلة في رمضان حتى ينسلخ يعرض عليه النبي القرآن وفي رواية فيدارسُه القرآن ، فإذا لقِيَه كان أجود بالخير من الريح المرسلة » {[248]} .

وهناك حديث في صدد الإفطار عمداً رواه الخمسة عن أبي هريرة جاء فيه ، قال النبي صلى الله عليه وسلم : «من أفطر يوما من رمضان في غير رخصة رخّصها الله له لم يقض عنه صيام الدهر وإن صامه » {[249]} .

ومع أن جملة : { يُرِيدُ اللّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلاَ يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ } هي في صدد الصوم وسياقه فإن إطلاقها ينطوي على تلقين عام يشمل مختلف شؤون المسلمين الدينية . ولقد علقنا على هذا المعنى في سياق الآية [ 78 ] من سورة الحج فنكتفي بهذا التنبيه .

هذا ، وفي كتب التفسير روايات وأقوال عن أهل التأويل وأئمة الفقه في صدد آيات الصيام وأحكامه نوجزها ونعلق عليها بما يلي :

1- قال المفسّرون ورووا {[250]} في صدد جملة : { كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ } إن صيام رمضان كان هو المفروض على أهل الكتاب وإن ذلك متصل بسنة إبراهيم وإن الصيام كان يبدأ من النوم بعد الإفطار إلى عتمة اليوم التالي . وإن ذلك شقّ عليهم فغيروا وبدّلوا كما قالوا : إن الصيام كتب على المسلمين كما كتب على كل الناس وإن الصيام الأول كان ثلاثة أيام من كل شهر . وليس لما قالوه سند وثيق ، والذي يتبادر لنا أن القصد من العبارة هو المماثلة ، فقد كان لليهود والنصارى ولغيرهم أوقات صيام معينة فأشير إلى ذلك في سياق فرض الصيام على المسلمين .

2- وقالوا ورووا في صدد جملة : { أَيَّاماً مَّعْدُودَاتٍ } إن الصيام فرض لأول مرة ثلاثة أيام من كل شهر وكان هذا مما فرض على أهل الكتاب ؛ وأن هذا مما كان يفعله النبي صلى الله عليه وسلم والمؤمنون تطوعا ثم فرضا ثم نسخ بفرض شهر رمضان . ومما قالوه ورووه أيضا أن جملة : { أَيَّاماً مَّعْدُودَاتٍ } هي أيام رمضان وإن جملة { شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِيَ أُنزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ } هي بدل بياني لتلك الأيام وليست ناسخة . ويتبادر لنا أن هذا هو الأوجه وأن جملة { فَمَن كَانَ مِنكُم مَّرِيضاً أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِّنْ أَيَّامٍ أُخَرَ } الأولى في الآية [ 184 ] قرينة على ذلك لأنها تفيد أن الأيام المعدودة معينة العين .

3- وقالوا ورووا في صدد جملة : { وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ } عدة أقوال منها إن هناك محذوفاً مقدراً وهو ( لا ) قبل يطيقونه لأن في هذا بياناً لحكمة الرخصة والفدية . ومنها إن معنى { يُطِيقُونَهُ } هو ( يتحملونه بجهد ومشقة ) وهم الشيوخ والمرضى الذين لا يرجى برؤهم . ومنهم من أدخل معهم الحبالى والمرضعات إذا خفن على أنفسهن . ومنها إن الصيام فرض في البدء على التخيير فمن شاء صام ومن شاء أفطر وأطعم مسكينا مع التنبيه الرباني على أن الصيام هو خير من الإفطار ، وأن ذلك نسخ بالآية [ 185 ] التي خلت من رخصة الإفطار وأوجبت الصوم على من شهد الشهر وقصرت الرخصة على المريض والمسافر بشرط القضاء . ولقد جاء في هذا الصدد حديث عن سلمة بن الأكوع جاء فيه أنه لما نزلت { وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ } كان من أراد منا أن يفطر ويفتدي فعل حتى نزلت الآية التي بعدها : { فَمَن شَهِدَ مِنكُمُ الشَّهْرَ [ 2 ] فَلْيَصُمْهُ } فنسختها {[251]} . ومع ذلك فإن بعض المفسرين لا يسلمون بأن هذه الآية نسخت ما قبلها ويقولون : إن حكم الآية : { وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ } باقٍ . وأوردوا حديثاً عن ابن عباس رواه البخاري وأبو داود والنسائي بنصوص ثانية . ونصّ البخاري : «ليست منسوخة هي للشيخ الكبير والمرأة الكبيرة لا يستطيعان » ونصّ أبي داود : «هي رخصة للشيخ الكبير والمرأة الكبيرة . وهما يطيقان الصوم أن يفطرا ويطعما مكان كل يوم مسكيناً ، والحبلى والمرضع إذا خافتا أفطرتا وأطعمتا » ونصّ النسائي : «لا يرخّص إلا للذي لا يطيق الصيام أو مريض لا يُشفى » {[252]} .

والمتبادر أن الفدية الدائمة لا تصح إلا ممن لا يطيق الصيام في أي وقت بسبب مرض لا يشفى أو سنّ متقدمة . أما الحبلى والمرضعة فيكون حكمهما إذا خافتا على نفسيهما الضرر والخطر حكم المريض الموقت الذي رخصت له الآية بالإفطار على أن يقتضي الأيام في وقت عافيته بعد والله تعالى أعلم . وهناك حديث رواه أصحاب السنن عن رجل قال : «أتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم لحاجة فإذا هو يتغذى قال : هلمّ إلى الغذاء ، فقال : إني صائم . قال : هل أخبرك عن الصوم ؟ إن الله وضع عن المسافر نصف الصلاة والصوم ورخص للحبلى والمرضع » {[253]} والمتبادر أن وضع الصوم هو وضع موقت بقرينة أنه جمع المسافر أيضاً ، والمسافر يقضي الصوم بنص الآية .

4- ومما قالوه ورووه أن جملة : { فَمَن تَطَوَّعَ خَيْراً فَهُوَ خَيْرٌ لَّهُ } بمعنى جمع الفدية إلى الصيام كما قالوا : إنها بمعنى الزيادة في الفدية لأن طعام مسكين واحد هو حدّ أدنى ، ويتبادر لنا أن القول الأخير هو الأوجه .

5- ومع كل ذلك فإنه يتبادر لنا والله أعلم أن الذين لا يطيقونه بسبب الشيخوخة والمرض الدائم الذي لا يبرأ منه صاحبه أو الذي يزيده الصوم شدة سيدخلون في عداد عدم التكليف : { لا يكلّف الله نفساً إلاّ وُسعها } ولا يقتضي هذا فدية . وأن الفدية كانت لمن يطيق الصوم على التخيير بينها وبين الصوم بدليل جملة { وَأَن تَصُومُواْ خَيْرٌ لَّكُمْ } لأن هنا لا يصح أن يقال إلا لمن يطيق الصوم ، وأنها نسخت بالآية التالية على الوجه المشروح الذي تؤيده بعض الأحاديث الصحيحة التي أوردناها والله أعلم .

6- والجمهور على أن طعام المسكين هو طعام يوم كامل من أوسط ما يطعم الصائم أهله . وأنه يصح أن يعطى بدل عن الطعام نصف صاع من برّ أو تمر ، وقد يقاس على هذا فيقال إنه يصح أن يعطى بدل نقدي حسب الظرف والمكان .

7- ومن المعاني التي ذكرها الخازن لجملة : { فَمَن شَهِدَ مِنكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ } أنها بمعنى من رأى منكم الهلال غير أن الجمهور على أن معناها من كان مقيماً غير مسافر . وهذا هو الأوجه الذي قد تؤيده جملة : { وَمَن كَانَ مَرِيضاً أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِّنْ أَيَّامٍ أُخَرَ } التي جاءت بعد الجملة .

8- وهناك أحاديث عديدة في صدد الصوم والإفطار في رمضان غير الحديث الذي أوردناه آنفاً ، منها حديث رواه الشيخان وأبو داود عن ابن عباس جاء فيه : «إن رسول الله صلى الله عليه وسلم خرج إلى مكة في رمضان فصام حتى بلغ الكديد ثم أفطر فأفطر الناس ، وكان صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم يتبعون الأحدث فالأحدث من أمره ، وفي رواية : خرج النبي صلى الله عليه وسلم من المدينة إلى مكة فصام حتى بلغ عسفان ثم دعا بماءٍ فرفعه إلى فيه ليراه الناس فأفطر حتى قدم مكة . وذلك في رمضان فكان ابن عباس يقول : قد صام رسول الله صلى الله عليه وسلم وأفطر . فمن شاء صام ومن شاء أفطر » {[254]} . وحديث رواه الشيخان وأبو داود والترمذي عن أنس قال : «سافرنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في رمضان فلم يعب الصائم على المفطر ولا المفطر على الصائم . وفي رواية كانوا يرون أن من وجد قوة فصام فحسن ومن وجد ضعفا فأفطر فحسن » [ نفسه ] . وحديث رواه الخمسة عن جابر قال : «وكان النبي صلى الله عليه وسلم في سفر فرأى زحاما ورجلا قد ظلّل عليه فقال : ما هذا ؟ قالوا : صائم . فقال : ليس من البرّ الصوم في السفر » [ نفسه ] . وحديث رواه مسلم والنسائي عن أنس قال : «كان النبي صلى الله عليه وسلم في سفر فصام بعض وأفطر بعض فتحزم المفطرون وعملوا وضعف الصوّام عن بعض العمل فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ذهب المفطرون اليوم بالأجر » [ نفسه ] . وهناك حديثان يرويهما الطبري لم يردا في الصحاح ؛ واحد عن أبي سلمة بن عبد الرحمن عن أبيه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : «الصائم في السفر كالمفطر في الحضر » . وثان عن حمزة الأسلمي جاء فيه : «أنه سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن ذلك ، فقال : إنما هي رخصة من الله لعباده فمن فعلها فحسن جميل ، ومن تركها فلا جناح عليه » .

ولقد تعددت المذاهب بناء على ذلك ، ففريق من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم وتابعيهم وأئمة الفقهاء ، ذهبوا إلى كراهية الصوم في السفر ، وقالوا : إن الله تصدّق على عباده برخصة الإفطار فلا يجوز ردّ صدقته . وفريق جعل ذلك في الخيار فمن شاء صام ومن شاء أفطر . وهناك فريق حبّذ عدم السفر في رمضان لئلا يضطرّ إلى الإفطار وقال : إنه إذا حلّ رمضان على مقيم وصام ثم سافر فعليه أن يستمرّ في الصوم .

9- ولم نطلع على أثر نبوي في صدد حدّ المرض والسفر اللذين يباح فيهما الإفطار . فهناك حديث رواه البخاري جاء فيه : «كان ابن عمر وابن عباس يقصران ويفطران في أربعة بُرُدٍ » [ التاج 2/69 والبريد أربعة فراسخ ، والفرسخ مشي ساعة ونصف ] . وحديث رواه أبو داود جاء فيه : «كان ابن عمر يخرج إلى الغابة فلا يقصر ولا يفطر » [ نفسه ] . ومما قاله المؤولون والفقهاء : إن حدّ المرض هو تمكن الظن بضرر النفس وازدياد العلّة . أما حدّ السفر فمنهم من قدره بسير ثمانية فراسخ ومنهم من قدره بستة عشر فرسخاً .

والذي يتبادر لنا من روح الجملة القرآنية ومن الأحاديث النبوية أن الرخصة بالإفطار للمسافر والمريض الموقت ، ويدخل في ذلك الحبالى والمرضعات والنفساء إنما هي بسبب الجهد والمشقة تمشيا مع المبدأ القرآني الذي يقرر أن الله لا يكلّف نفسا إلا وسعها ، وأن الله يريد بالناس اليسر لا العسر . وأن الأمر موكول لتقدير المسلم المفروض أنه مخلص لدينه وواجباته الدينية ، وأن الصيام في الأصل عمل ذاتي لا رقيب عليه إلا الله وإيمان المؤمن . ولقد جاء النص القرآني مطلقا مما ينطوي فيه حكمة بالغة متمشية مع الحكمة القرآنية العامة التي جرت على ترك تعيين الأشكال في الأعمّ الأغلب لظروف الأشخاص من الأزمنة والأمكنة . والعبرة قائمة اليوم بالنسبة للسفر في تبدل وسائط النقل ووسائل الأسفار ، بل وهذا يشاهد في المرض نتيجة لتقدم الطب ، فالمقاييس والأحوال تتغير بتغير الوسائل والظروف ، ولكن المبدأ القرآني يظل قائما ويكون هو الحكم في هذه المسائل كما هو في أمثالها وفي هذا ما فيه من القوة والروعة ومرشحات الخلود . وعلى ضوء هذا يمكن القول : إن حدّ السفر والمرض المبيحين للإفطار هو المشقة المحققة التي قد تؤدي إلى الضرر . وإن الأولى أن يأخذ المسلم بالرخصة ، ، وأن لا يتكلف مشقة ، ولا يعرض نفسه للخطر ، والله تعالى أعلم .

10- ومما قاله المؤولون في جملة { وَلِتُكْمِلُواْ الْعِدَّةَ } أنها في صدد الأيام التي يفطرها المريض والمسافر حيث يكون صومها عند الإقامة والشفاء ، إتماماً لعدة شهر رمضان وهذا وجه سديد .

11- وفي صدد كيفية قضاء الأيام التي يفطرها المريض والمسافر روى الدارقطني وابن الجوزي وصححه حديثاً عن ابن عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : «قضاء رمضان إن شاء فرّقه وإن شاء تابع » {[255]} .

12- ونستطرد إلى مسألة تشغل المسلمين في جميع أقطارهم كل سنة ، وهي مسألة رؤية القمر لبدء الصيام والانتهاء منه . ولقد روى الخمسة عن ابن عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : «لا تصوموا حتى تروا الهلال ولا تفطروا حتى تروه فإن غُمّ عليكم فاقدُروا له » {[256]} . ولفظ الترمذي : «لا تصوموا قبل رمضان ، صوموا لرؤيته وافطروا لرؤيته فإن حالت دون رؤيته غيابة فأكملوا ثلاثين يوما » وفي رواية البخاري : «فإن غُمَّ عليكم فأكملوا عدة شعبان ثلاثين » وفي رواية : «فإن غمّ عليكم فصوموا ثلاثين يوما » {[257]} . وهناك أحاديث أخرى منها حديث رواه الشيخان وأبو داود والنسائي عن ابن عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم جاء فيه : «إنّا أمّة أمّية لا نكتب ولا نحسب ، الشهر هكذا وهكذا يعني مرّة تسعة وعشرين ومرّة ثلاثين » {[258]} . وحديث رواه أبو داود والدارقطني وصححه عن حسين بن الحارث قال : «خطب أمير مكة ثم قال عهد إلينا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن ننسك للرؤية فإن لم نره وشهد شاهدا عدل نسكنا بشهادتهما » {[259]} . وحديث آخر رواه أبو داود وأحمد عن رجل من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : «اختلف الناس في آخر يوم رمضان ، فقدم أعرابيان فشهدا عند النبي صلى الله عليه وسلم بالله أنهما رأيا الهلال أمس عشية فأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم الناس أن يفطروا وأن يغدوا إلى مصلاّهم » {[260]} . وحديث رواه أبو داود وابن حبان والحاكم وصححه عن ابن عمر قال : «تراءى الناس الهلال فأخبرت رسول الله أني رأيته فقام وأمر الناس بصيامه » {[261]} . وحديث رواه أصحاب السنن وابن حبان والحاكم وصححه عن ابن عباس قال : «جاء أعرابي إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال : إني رأيت الهلال فقال : أتشهد أن لا إله إلا الله ؟ قال : نعم ، قال : أتشهد أن محمدا رسول الله ؟ قال : نعم . قال : يا بلال أذّن في الناس فليصوموا » {[262]} .

وروح الأحاديث تلهم أن القصد هو التيقن من دخول الشهر ونهايته . وأن رؤية واحد من المسلمين في مكان تكفي لصيام المسلمين وإفطارهم في مكان آخر وبخاصة إذا كان المكانان متساويين أو متقاربين في المطالع . وأنه ليس من الضروري أن تثبت الرؤية في كل بلد لحدته . ولقد روى الخمسة إلا البخاري عن كريب حديثا جاء فيه : «إن أمّ الفضل بنت الحارث بعثته إلى معاوية بالشام . قال : فقدمت الشام وقضيت حاجتها واستهلّ علي رمضان وأنا في الشام فرأيت الهلال ليلة الجمعة ثم قدمت إلى المدينة آخر الشهر فسألني ابن عباس متى رأيتم الهلال ؟ فقلت : رأيناه ليلة الجمعة . قال : أنت رأيته ؟ قلت : نعم ، ورآه الناس وصاموا وصام معاوية . فقال : ولكنا رأيناه ليلة السبت فلا نزال نصوم حتى نكمل ثلاثين أو نراه . فقلت : أو لا نكتفي برؤية معاوية وصيامه ؟ فقال : لا ، هكذا أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم » {[263]} .

ويتبادر لنا أن هذا اجتهاد من ابن عباس قائم على احتمال الظن أن يكون مطلع القمر في الشام غير مطلعه في المدينة ، وليس في الأحاديث النبوية المروية ما يدعمه بصراحة ، وليس من شأنه أن ينقض الحكم المستلهم من الأحاديث التي أوردناها . وقد يكون عدم رؤيتهم الهلال في المدينة لسبب سحاب أو عجز عن الرؤية ، وما دام أن من الثابت اليقيني اليوم أنه ليس فرق كبير في المطالع بين البلاد العربية في آسيا وأفريقيا بل وبين البلاد الإسلامية الآسيوية الأفريقية والأوروبية القريبة منها ، وأن الفرق لا يعدو أن يكون ساعة أو ساعتين بحيث يكون الشهر في اليوم التالي مؤكد الدخول في جميع هذه البلاد فإن ثبوت رؤية القمر في بلد منها كاف لبدء الصيام وانتهائه في البلاد الأخرى . وهذا صار يمكن العلم به في دقائق معدودة بحيث يكون خبر أول بلد يرى فيها القمر يؤخذ به في البلاد الأخرى صوما وانتهاء ، بل وإنه لمن السائغ ما دام القصد الشرعي هو التثبت من دخول الشهر ونهايته أن يكون ذلك بناء على الحساب الفلكي الرياضي المستند إلى علم وثيق أو رؤية الهلال بواسطة منظار المراصد الفلكية إذا تعذرت الرؤية العيانية المعتادة والله تعالى أعلم .

وفي هذا خلاص من البلبلة التي يقع المسلمون فيها في كل سنة من جراء تمسكهم بالحرف وإهمالهم الجوهر فيه ، فيكون صيامهم وإفطارهم واحداً في كل بلادهم . وقد وصل علم الفلك إلى درجة بعيدة جدا من الدقة والضبط ، وساعد اللاسلكي على اتصال البلاد ببعضها في لمحة البصر ولم يكن من هذا شيء من قبل . وفي التقريرات والمبادئ القرآنية ما يبيح للمسلمين بأخذ كل ما فيه مصلحة وتيسير ولم يكن فيه معصية وتعطيل . وفي الآية التي نحن في صددها تلقين عظيم في هذه المسألة بالذات ؛ حيث قررت أن الله إنما يريد بالمسلمين اليسر ولا يريد بهم العسر ، وكل ما يريده منهم هو إتمام عدة الشهر الذي أمروا بصيامه وذكر الله وعبادته لأن في ذلك رشدهم وصلاحهم وخيرهم .

13- وقالوا ورووا في صدد الآية [ 187 ] { أُحِلَّ لَكُمْ لَيْلَةَ الصِّيَامِ الرَّفَثُ إِلَى نِسَآئِكُمْ } الخ . . . عدة أقوال وروايات منها : إن الصيام كان يبدأ عند النوم في عتمة المساء فلا يجوز للمسلم أن يرفث ويأكل ويشرب إذا ما استيقظ ولو كان ذلك قبل الفجر ، بل وكان من غلبه النوم قبل الإفطار يظل طاوياً ولو استيقظ قبل الفجر وإن ذلك كان تطوعا من المسلمين واجتهاداً فأنزل الله الآية رفقا بهم وتحليلاً لما حرموه على أنفسهم . ومنها إن ذلك كان بأمر النبي صلى الله عليه وسلم وإن بعض المسلمين ومنهم عمر بن الخطاب نكحوا وأكلوا وشربوا بعد الاستيقاظ من النوم قبل الفجر فراجعوا النبي صلى الله عليه وسلم تائبين خائفين فأنبهم ، ثم نزلت الآية بالعفو والتوبة والتخفيف . ومنها إن الآية لم تنزل منفصلة وإن الله قد أعلم المسلمين فيها في سياق فرض الصيام عليهم أنه قد أحل لهم الأكل والشرب والرفث ليلة الصيام إلى الفجر لأنه علم أنهم قد يظلمون أنفسهم ويخونونها لو لم يحل لهم ذلك . ولقد روى البخاري عن البراء قال : «لما نزل صوم رمضان كانوا لا يقربون النساء رمضان كلّه . وكان رجال يخونون أنفسهم فأنزل الله الآية » {[264]} . وروى البخاري وأبو داود والنسائي عن البراء أيضا قال : «كان أصحاب محمد إذا كان الرجل صائما فحضر الإفطار فنام قبل أن يفطر لم يأكل ليلته ولا يومه حتى يمسي وإن قيس بن صرمة كان صائما فلما حضر الإفطار أتى امرأته فقال لها : أعندك طعام ؟ قالت : لا ، ولكن أنطلق فأطلب لك وكان يومه يعمل فغلبته عيناه ، فجاءت امرأته فلما رأته قالت خيبةٌ لك . فلما انتصف النهار أغمي عليه فذكر ذلك للنبي صلى الله عليه وسلم فنزلت الآية ففرحوا بها فرحاً شديداً . وفي رواية كان الناس على عهد النبي صلى الله عليه وسلم إذا صلوا العتمة حَرُمَ عليهم الطعام والشراب والنساء ، وصاموا إلى القابلة فاختان رجل نفسه فجامع امرأته وقد صلى العشاء ولم يفطر فأراد الله أن يجعل ذلك يسرا لمن بقي ورخصة ومنفعة ، فأنزل الآية {[265]} .

ويتبادر لنا أن جملة { الْئَنَ } ثم جملة { فَتَابَ عَلَيْكُمْ وَعَفَا عَنكُمْ } في الآية قد تؤيدان ما جاء في الحديث الثاني وما روي عن عمر ، ولا يمنع هذا أن يكون ما روي في الحديث الأول قد وقع فاقتضت حكمة التنزيل الإيحاء بالآية ليكون فيه تيسير للمسلمين في الصيام . وفي هذه الحالة تكون الآية قد نزلت منفصلة عن أخواتها بعد مدة ما ثم ألحقت بها للمناسبة .

14- وقالوا ورووا في صدد : { وَلاَ تُبَاشِرُوهُنَّ وَأَنتُمْ عَاكِفُونَ فِي الْمَسَاجِدِ } إن بعض المسلمين الذين كانوا ينذرون الاعتكاف في المساجد ليلاً ونهاراً في شهر رمضان أو بعض أيامه كانوا يخرجون ليلا من المسجد فينكحون ثم يغتسلون ويعودون فنهوا عن ذلك . ولم نر قولاً آخر في هذا الصدد . ويظهر أن بعض المسلمين خالفوا حدود سنة الاعتكاف التي سنها النبي صلى الله عليه وسلم كما خالفوا أمره بعدم الأكل والشرب والجماع بعد النوم فاحتوت الآية النهي عن ذلك .

ونقول استطراداً : إن من المفسرين من جعل المباشرة الجلدية دون الجماع في حكم الجماع المنهي عنه ، والذي هو مفسد للصوم إطلاقا في حالة الاعتكاف وغيرها . ومنهم من ألحق التقبيل والمعانقة ، ومنهم من أباح كل ذلك . استناداً إلى حديث رواه الخمسة عن عائشة رضي الله عنها جاء فيه : «كان النبي صلى الله عليه وسلم يقبّل ويباشر وهو صائم وكان أملككم لإربه » {[266]} . وهناك حديث آخر رواه أبو داود والبيهقي وصححه عن أبي هريرة جاء فيه {[267]} : أن رجلا سأل النبي صلى الله عليه وسلم عن المباشرة فرخص له وأن شخصا آخر سأله عنها فنهاه وكان الأول شيخا والثاني شابا .

والذي يتبادر لنا أن الجوهري في المسألة هو ملك الإرب مع التيسير للهو والتحبب . وأن من لا يظن في نفسه القدرة على ذلك فالمنع هو الحكم . بل يتبادر لنا أن المنع هو الأولى في كل حال من باب الاحتياط ؛ لأن الإنزال في حالة المباشرة في اليقظة مفسد للصيام بالإجماع .

وننبه على أن هناك أحاديث نبوية عديدة في الاعتكاف في رمضان فيها توضيح لما جاء في هذه النبذة . منها حديث رواه الخمسة عن عائشة قالت : «كان النبي صلى الله عليه وسلم يعتكف العشر الأواخر من رمضان حتى توفّاه الله ثم اعتكف أزواجه من بعده » {[268]} . وحديث رواه أبو داود عن أبي هريرة قال : «كان النبي صلى الله عليه وسلم يعتكف في كلّ رمضان عشرة أيام فلمّا كان العام الذي قبض فيه اعتكف عشرين يوما » {[269]} . وحديث رواه ابن ماجه عن ابن عمر قال : «كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا اعتكف طرح له فراش أو وضع له سرير وراء اسطوانة التوبة » {[270]} . وحديث رواه الخمسة عن عائشة قالت : «كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا اعتكف يدني إليّ رأسه فأرجّله ، وكان لا يدخل البيت إلا لحاجة الإنسان » {[271]} . وحديث رواه أبو داود والنسائي عن عائشة قالت : «السّنة على المعتكف ألا يعود مريضا ولا يشهد جنازة ولا يمسّ امرأة ولا يباشرها ولا يخرج لحاجة إلا لما لا بدّ له . ولا اعتكاف إلا بصوم ولا اعتكاف إلا في مسجد وجامع » {[272]} . وحديث رواه ابن ماجه عن ابن عباس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال في المعتكف : هو يعكف الذنوب ويجري له من الحسنات كعامل الحسنات كلّها » {[273]} . وحديث رواه الطبراني والبيهقي والحاكم وصححه عن ابن عباس قال : «سمعت صاحب هذا القبر يقول : «من مشى في حاجة أخيه وبلغ فيها كان خيراً له من اعتكاف عشر سنين . ومن اعتكف يوماً ابتغاء وجه الله تعالى جعل الله بينه وبين النار ثلاثة خنادق أبعد مما بين الخافقين » {[274]} . وحديث رواه البيهقي عن الحسين بن علي عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : «من اعتكف عشرا في رمضان كان كحجتين وعمرتين » {[275]} . وهناك حديث يساق في صدد قضاء سنّة الاعتكاف في غير رمضان وفيه صورة لكيفية الاعتكاف رواه الخمسة إلا الترمذي عن عائشة قالت : «كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا أراد أن يعتكف صلّى الفجر ثم دخل معتكفه . وإنه أمر بخبائه فضرب فأراد الاعتكاف في العشر الأخير من رمضان فأمرت زينب بخبائها فضرب ، وأمر غيرها من أزواج النبي صلى الله عليه وسلم بخبائه فضرب فلما صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم الفجر نظر فإذا الأخبية فقال : البرّ تردن ؟ فأمر بخبائه فقوّض ، وترك الاعتكاف في رمضان حتى اعتكفه في العشر الأول من شوال » {[276]} .

15- وقد قالوا ورووا في صدد جملة : { شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِيَ أُنزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ } أنها عنت أن القرآن أُنزل دفعة واحدة في رمضان إلى سماء الدنيا ثم صار ينزل منجّما ، وهذا القول قيل في سياق الآية : { إِنَّا أَنزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ { 1 } } في سورة القدر والآية : { إِنَّا أَنزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةٍ مُبَارَكَةٍ } [ 3 ] في سورة الدخان وعلقنا على ذلك بما يغني عن التكرار . ولقد أورد ابن كثير في سياق الجملة أحاديث نبوية تذكر نزول القرآن وصحف إبراهيم والتوراة والزبور والإنجيل في رمضان أيضا وكأنها تساق لتأييد هذا القول . منها حديث برواية الإمام أحمد عن واثلة بن الأسقع عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : «إنّ صحف إبراهيم نزلت في أول ليلة من رمضان والتوراة لستٍ مضين منه والإنجيل لثلاث عشرة خلت والقرآن لأربع وعشرين » وحديث مروي عن جابر جاء فيه : «إن الزبور نزل لثنتي عشرة مضت من رمضان والإنجيل لثماني عشرة » وهذه الأحاديث لا تعدّ من الصحاح ، والثاني بخاصة لا يستند إلى سند معروف . ويجوز التوقف فيها . وصحف إبراهيم وتوراة موسى وزبور داود وإنجيل عيسى الأصلية ( عليهم السلام ) ليست في أيدينا . وبالنسبة للقرآن الذي في أيدينا كما نزل نقول : إن هذا القول بالإضافة إلى كونه غير مفهوم الحكمة هو غير منسجم مع حقيقة كون فصول القرآن كانت تنزل في مناسبات أحداث السيرة المتجددة والمتبدلة . ولقد روى المفسرون عن الشعبي في تأويل : { إِنَّا أَنزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ } سورة القدر [ 1 ] أنها بمعنى إنا بدأنا بإنزاله ، وهذا هو ما تطمئن إليه النفس كما ذكرنا ذلك في تعليقنا على هذه المسألة في سورتي الدخان والقدر ، والمتفق عليه المؤيد بحديث عائشة في أولية الوحي الذي أوردناه في تفسير سورة العلق أن الآيات الخمس الأولى من هذه السورة هي أول ما نزل على النبي صلى الله عليه وسلم في ليلة القدر إحدى ليالي أواخر رمضان على ما شرحناه في تفسير سورة القدر . والذي يتبادر لنا أن الآية التي نحن في صددها قد قصدت ذلك للتنويه ببركة شهر رمضان وفضله ؛ لأنه كان فيه أعظم الأحداث الإسلامية وأكثرها بركة وخيراً وهو إعلان النبي صلى الله عليه وسلم نبوته واتصال الوحي الرباني به وتلقيه عنه أولى آيات القرآن الذي فيه الهدى والبينات والفرقان الذي يفرق بين الحق والباطل .

والمتبادر أن فرض صيام هذا الشهر المبارك على المسلمين متصل من ناحية ما بذلك الحادث العظيم حيث اقتضت حكمة التنزيل فرض صيامه عليهم ليكون لهم شهر عبادة خالصة لله تعالى يؤدونها في مشارق الأرض ومغاربها سنويا إلى ما شاء الله لهذه الدنيا أن يدوم فيها معنى الشكر وواجبه على رحمة الله ونعمته وفيها معنى التذكير المتجدد بهذه الرحمة والنعمة ، بالإضافة إلى ما فيها من حكم اجتماعية ونفسية وبدنية وتعبدية على ما ذكرناه قبل .

ونستطرد إلى القول في صدد شهر رمضان فنقول : إننا ذكرنا في سياق تفسير سورة القدر أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يعتكف اعتكافاته الروحية في غار حراء في شهر رمضان قبل نزول الوحي عليه وأن التحنّث – أي التعبد والاعتكاف في شهر رمضان – كان ممارساً من قبل بعض الورعين المتقين في مكة {[277]} . فيسوغ القول والحالة هذه أنه كان لشهر رمضان خصوصية دينية ما وإن لم يعرف كنهها بجزم فاقتضت الحكمة الربانية اختصاصه بنزول القرآن والوحي على النبي صلى الله عليه وسلم لأول مرة ثم بفرض صيامه على المسلمين .

16- ورووا في صدد الآية : { وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي . . . الخ } عدة روايات . منها أنها نزلت جواباً على سؤال من أحد أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم : أين الله ؟ أو على سؤال سائل : أقريب ربنا فنناجيه أم بعيد فنناديه ؟ أو على سؤال سائل عن أي الساعات التي يحسن أن يدعى الله فيها . وليس للروايات سند وثيق . ويتبادر لنا أن الآية غير منفصلة عن الآيات السابقة وأنها بمثابة استطراد وتنبيه : فالله قد أمر عباده بالصيام فعليهم أن يستجيبوا له ويؤمنوا به ففي ذلك خيرهم ورشدهم وعليهم أن يتيقنوا أنه قريب منهم إذا دعوه فإنه يستجيب لدعوتهم وعلى كل حال ففي الآية معالجة نفسية للمسلمين تبثّ فيهم الأمل في فضل الله ونصره وتيسيره وتوفيقه واليقين في الاستجابة لهم إذا دعوه في الملمات والحاجات . ولقد أورد المفسرون وعلماء الحديث في سياق هذه الآية أحاديث عديدة فيها توكيد لهذا المعنى . وقد ورد بعضها في الكتب الخمسة {[278]} . منها حديث رواه أبو داود والترمذي عن سلمان عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : «إن ربّكم حيي كريم ، يستحيي من عبده إذا دعاه أن يردّ يديه إليه صفرا » {[279]} . وحديث رواه الترمذي عن عبادة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : «ما على الأرض مسلم يدعو الله بدعوة إلا أتاه الله إيّاها أو صرف عنه من السوء مثلها ما لم يدع بإثم أو قطيعة رحم . فقال رجل من القوم : إذاً نكثر ؟ قال : الله أكثر » {[280]} . وحديث رواه الترمذي عن عبد الله عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : «سلوا الله من فضله فإن الله عز وجل يحبّ أن يسأل . وأفضل العبادة انتظار الفرج » {[281]} . وحديث رواه الشيخان وأبو داود والترمذي عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : «يستجاب لأحدكم ما لم يعجل يقول : دعوت فلم يستجب لي » {[282]} . وحديث رواه الترمذي والحاكم عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : «ادعوا الله وأنتم موقنون بالإجابة ، واعلموا أن الله لا يستجيب دعاءً من قلب غافل لاه {[283]} .

17- وقالوا في صدد جملة : { هُنَّ لِبَاسٌ لَّكُمْ وَأَنتُمْ لِبَاسٌ لَّهُنَّ } إنها تشير إلى شدة المخالطة بين الأزواج وصعوبة الصبر وإن فيها تعليلاً للإباحة . وعلى كل حال فإن فيها أيضا على ما يتبادر لنا تنويها بعلاقة الزوجين ببعضهما وما يجب أن تقوم هذه العلاقة عليه من الصفاء والتعاطف والتوادّ والتمازج حتى يغدوان كشخص واحد وروح واحدة وقلب واحد . وهذه المعاني انطوت في آيات عديدة سابقة نبهنا عليها وخاصة آية سورة الروم [ 21 ] والأعراف [ 189 ] .

18- وقالوا ورووا في صدد جملة : { وَابْتَغُواْ مَا كَتَبَ اللّهُ لَكُمْ } أنها تتمة للترخيص الرباني في الرفث والأكل والشرب إلى الفجر ، كما قالوا ورووا أنها في معنى ابتغوا الخير الذي أراده الله لكم في الصيام . والمتبادر أن القول الأول هو الأكثر وروداً والله أعلم .

19- وقالوا ورووا في صدد جملة : { حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ ثُمَّ أَتِمُّواْ الصِّيَامَ إِلَى الَّليْلِ } إن معنى الشطر الأول ( حتى يظهر بياض النهار بعد الفجر ) . وأوردوا في تأييد ذلك حديثاً رواه البخاري والترمذي عن عدي بن حاتم قال : «قلت يا رسول الله ما الخيط الأبيض من الخيط الأسود من الفجر أهما الخيطان ؟ قال : إنك لعريض القفا إن أبصرت الخيطين ، ثم قال بل هو سواد الليل وبياض النهار » {[284]} . أما معنى الشطر الثاني فالمتفق عليه أنه دخول الليل الذي يباح به الإفطار هو غروب الشمس .

ولقد استنبط الفقهاء من الآية عدم جواز مواصلة الصوم إلى اليوم التالي بدون إفطار . وهناك أحاديث عديدة عن النبي صلى الله عليه وسلم فيها نهي عن الوصال تؤيد ذلك . من ذلك حديث يرويه الطبري عن أبي سعيد قال : «سمعت رسول الله يقول لا تواصلوا ، فأيّكم أراد أن يواصل فليواصل حتى السحر » . وحديث رواه الشيخان وأبو داود عن أبي هريرة في صيغ عديدة منها : «إيّاكم والوصال مرتين ، قيل إنك تواصل يا رسول الله ؟ قال : إني أبيت عند ربي يطعمني ويسقيني فاكلفوا من العمل ما تطيقون » {[285]} . والحكمة الملموحة في الأحاديث هي الإهابة بالمسلمين لئلا يحملوا أنفسهم ما لا يطيقون . وأن يسيروا في عباداتهم بما هو اليسر دون العسر ، وما دام الله تعالى قد جعل حد الصيام اليومي دخول الليل فالأولى التقيد بذلك .

هذا ، وهناك تشريعات نبوية في صدد صيام رمضان حكى عنها القرآن وصارت تتمة لأحكام هذا الصيام نشير إليها بإيجاز في ما يلي :

1- تشريع للحائض بالإفطار على تقضي الأيام التي تفطر بها في أيام أخر غير رمضان [ جاء ذلك في حديث رواه الخمسة عن معاذ عن عائشة . التاج 2/71 ] . وليس هناك أثر نبوي عن حالة النفاس في رمضان والمتبادر أنها تقاس على حالة الحيض والله أعلم .

2- استحباب نبوي للسحور وحثّ عليه ووصفه بالغذاء المبارك [ جاء ذلك في أحاديث عديدة رواها الخمسة مجتمعين ومتفردين ، التاج 2/54 ] .

3- صلاة التراويح ، إن الأحاديث النبوية المروية تفيد أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يجعلها سنة ملزمة متواصلة ، وكان يصلّيها بعض الليالي ويتركها بعض الليالي حتى لا تكون كذلك ولم يحدد عددها ، ولم تصبح معتادة وبإمامة إمام إلا في شطر من خلافة عمر رضي الله عنه لإقبال الناس عليها مع صلاتهم منفردين . ومما يروى أنها كانت ثلاثا وعشرين ركعة [ انظر التاج ، 2/58-59-60 ] .

9- وليس في الحجامة أي فصد الدم أثناء الصوم بأس على ما جاء في بعض الأحاديث النبوية {[286]} .

10- استطراد السيد رشيد رضا إلى قطرة العين وحقنة الشرج ، وأورد كلاما للإمام ابن تيمية جاء فيه أن هناك من يقول بإفسادهما للصوم ومن يقول بعدم ذلك وأن الأظهر أنهما لا تفطران . لأنه لم يرو أحد عن النبي صلى الله عليه وسلم حديثاً ما من أي رتبة في منع ذلك ، وأنهما ليس فيهما تغذية قياسا على الأصل المنهي عنه . ولا يخلو الكلام من سداد . وقد نبّه السيد رشيد رضا على أن حقنة التغذية مفسدة للصوم خلافاً لذلك وهذا سديد . ولم يذكر حقنة العلاج في العضل والوريد ويرى أن عدم إفسادها للصوم من باب أولى والله أعلم .

11- والمستفاد من الأحاديث أن مجامعة الرجل امرأته في يوم رمضان توجب كفارة ومغلظة أي عتق رقبة أو صيام شهرين متتابعين إن لم يقدر على عتق رقبة أو إطعام ستين مسكينا {[287]} إن لم يستطع فصيام شهرين متتابعين . فضلا عن أنه مفسد للصيام ويجب قضاء اليوم {[288]} .

12- هناك أحاديث تجبر قضاء أيام الفطر في رمضان عن الميت أو تحثّ عليه أو تحثّ على إطعام مسكين عن كل يوم أفطره الميت {[289]} .

13- يكره الصيام أو يحرم في يوم الشك ، وهو اليوم الذي يشك أنه من شعبان {[290]} .

14- هناك أحاديث تنهى عن الصيام يومي عيدي الفطر والأضحى ، وأيام التشريق أي ثاني وثالث ورابع أيام عيد الأضحى {[291]} .

15- وهناك أحاديث تحثّ على الصيام التطوعي في غير رمضان ، ولكنها تنهى عن المواصلة فيه . وتحثّ بخاصة على صيام التاسع والعاشر من المحرم ويوم النصف من شهر شعبان . وكان النبي صلى الله عليه وسلم يصوم كثيرا في شهر شعبان ورجب ويصوم التسع الأوائل من شهر ذي الحجة أحياناً والتاسع على الأغلب . والأيام الستة الأولى من شوال بعد يوم العيد ويحث على ذلك {[292]} . ولا قضاء على من يفطر في صوم تطوعي إلا إذا كان نذراً {[293]} .

16- وصلاة العيدين سنّة نبوية بعد شروق الشمس وهي ركعتان ، وكان النبي صلى الله عليه وسلم يصليها في مصلّى عام غير مسجده ، ويأمر جميع الناس بشهودها بما فيهم النساء من مختلف الأسنان والحيض وإن كن في الحيض لا يصلين {[294]} .


[235]:في أسفار العهد القديم والجديد المتداولة اليوم نصوص عديدة في ذلك. انظر الإصحاح 2 من سفر عزرا و58 من أشعيا و1 و3 من يوئيل و8 من زكريا و17 من إنجيل متى و4 من لوقا و6 و11 من رسالة بولس الثانية لأهل كورنتوسز
[236]:رواه النسائي وأحمد. انظر التاج، 2/ 42 وكثير من أهل الملل الأخرى كانت قبل الإسلام وما زالت تمارس نوعاً من الصوم كما يستفاد من مدوناتها
[237]:رواه الخمسة، التاج 2/43
[238]:رواه النسائي والحاكم، التاج 2/ 46
[239]:رواه الترمذي، التاج 2/46
[240]:التاج 5/106-107
[241]:التاج 2/44
[242]:المصدر نفسه، ص: 56-57
[243]:انظر المصدر نفسه
[244]:انظر المصدر نفسه، ص: 22 و24. والمراد بالصلاة صلاة العيد وفي التاج حديثان في صدد مقدار الزكاة أحدهما عن ابن عباس يذكر أن الزكاة صاع من تمر أو شعير أو نصف صاع من قمح حيث يبدو أن القمح كان أغلى من الشعير والتمر. وثانيهما يذكر أن عليا رضي الله عنه قال: أوسع الله عليكم فلو جعلتموه صاعاً من كل شيء. وطبيعي أن هذا المقدار هو الحدّ الأدنى
[245]:التاج 2/57
[246]:التاج 2/57
[247]:المصدر نفسه، 57-58
[248]:المصدر نفسه، 63
[249]:المصدر نفسه، ص: 63
[250]:انظر الطبري والبغوي والخازن والطبرسي وابن كثير في تفسير الآيات، وأكثرهم استيعاباً الطبري وابن كثير. وجميع ما أوردناه في النبذ مقتبس من هذه الكتب وبخاصة من الطبري وابن كثير
[251]:التاج 2/48 رواه الخمسة
[252]:انظر المصدر نفسه، ص: 70
[253]:انظر التاج 2/70
[254]:التاج 2/68-69
[255]:التاج 2/71
[256]:نفسه، ص: 50-51
[257]:نفسه
[258]:نفسه
[259]:نفسه، ص: 51-52 ومعنى ننسك بالرؤية: نصوم بالرؤية
[260]:نفسه
[261]:نفسه
[262]:نفسه
[263]:نفسه
[264]:التاج 4/48-49
[265]:التاج 2/47-48
[266]:التاج 2/65
[267]:نفسه
[268]:التاج 2/94-95 والمسجد الجامع أي الذي تقام فيه الجمعة. ويقصد الإمام مالك أن إطلاق العبارة القرآنية يجعل هذا الشرط غير ضروري إلا في حالة وجود مسجد جامع. الموطأ، ص: 174
[269]:نفسه
[270]:نفسه
[271]:نفسه
[272]:نفسه
[273]:التاج 2/97
[274]:نفسه
[275]:نفسه
[276]:نفسه، ص: 94
[277]:انظر أيضا تاريخ الطبري، 2/48
[278]:أكثر المفسرين استيعاباً لهذا ابن كثير وقد نقلنا ما أوردنا من الأحاديث من التاج لأن بين ما أورده ابن كثير وبين ما جاء في التاج بعض التباين واكتفينا بما نقلناه عن التاج لأنه جامع للكتب الخمسة وفيه الكفاية
[279]:التاج 5/100-104
[280]:نفسه
[281]:نفسه
[282]:نفسه
[283]:نفسه
[284]:التاج 4/48
[285]:رواه الأربعة، التاج 2/64
[286]:المصدر نفسه، ص: 54
[287]:ص: 66
[288]:ص: 79
[289]:ص: 71-72
[290]:ص: 78
[291]:ص: 78
[292]:ص: 80، 81، 82، 83، 84، 85، 86، 87، 88، 89، 90، 91
[293]:ص: 92
[294]:ص: 92