سؤال كل أحدٍ يدلُّ على حاله ؛ لم يسألوا عن حكم ولا عن مخلوق ولا عن دين ولا عن دنيا ولا عن عقبى بل سألوا عنه فقال تعالى : { وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّى } . وليس هؤلاء من جملة من قال :{ ويسألونك عَنِ الجِبَالِ }[ طه : 105 ] ، ولا من جملة من قال :
{ ويسألونك عَنِ اليَتَامَى }[ البقرة : 220 ] ولا من جملة من قال :{ وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ المَحِيضِ }[ البقرة : 222 ] ، ولا من جملة من قال :{ ويسألونك عَنِ الرُّوحِ }[ الإٍسراء : 85 ] ، ولا من جملة من قال : و{ يسألونك عَنِ الخَمْرِ والمَيْسِرِ }[ البقرة : 219 ] ، و{ يسألونك عِنِ الشَّهْرِ الحَرَامِ قِتَالٍ فِيهِ }[ البقرة : 217 ] .
هؤلاء قوم مخصوصون : { وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّى } . أي إذا سألك عبادي عني فبماذا تجيبهم ؟ ليس هذا الجواب بلسانك يا محمد ، فأنت وإنْ كنتَ السفير بيننا وبين الخلْق فهذا الجواب أنا أتولاه { فَإِنِّي قَرِيبٌ } ( رَفَعَ الواسطة من الأغيار عن القربة فلم يَقُل قل لهم إني قريب بل قال جل شأنه : { فَإِنِّي قَرِيبٌ } .
ثم بَيَّن أن تلك القربة ما هي : حيث تقدَّس الحقُّ سبحانه عن كل اقتراب بجهة أو ابتعاد بجهة أو اختصاص ببقعة فقال : { أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ } وإن الحق سبحانه قريب - من الجملة والكافة - بالعلم والقدرة والسماع والرؤية ، وهو قريب من المؤمنين على وجه التبرية والنصرة وإجابة الدعوة ، وجلَّ وتقدَّس عن أن يكون قريباً من أحد بالذات والبقعة ؛ فإنه أحديٌّ لا يتجه في الأقطار ، وعزيز لا يتصف بالكُنْهِ والمقدار .
قوله جلّ ذكره : { أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتِجِيبُوا لي وَلْيُؤْمِنُوا بِى لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ } .
لم يَعِدْ إجابة من كان باستحقاق زهد أو في زمان عبادة ، بل قال دعوة الداعي متى دعاني وكيفما دعاني وحيثما دعاني ثم قال : { فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي } هذا تكليف ، وقوله : { أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ } تعريف وتخفيف ، قدَّم التخفيف على التكليف ، وكأنه قال : إذا دعوتني - عبدي - أَجَبْتُك ، فأَجِبنِي أيضاً إذا دَعَوْتُك ، أنا لا أرضى بِرَدِّ دعائِك فلا تَرْضَ - عبدي - بردِّي من نفسك . إجابتي لك بالخير تحملك - عبدي - على دعائي ، ولا دعاؤك يحملني على إجابتك . { فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِى } : وليثقوا في ، فإني أجيب من دعاني ، قال قائلهم :
يا عَزُّ أُقْسِم بالذي أنا عبده *** وله الحجيج وما حوت عرفات
لا أبتغي بدلاً سِواكِ خليلة *** فشقِي بقولي والكرامُ ثِقات
ثم قال في آخر الآية : { لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ } أي ليس القصد من تكليفك ودعائك إلا وصولك إلى إرشادك .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.