بحر العلوم لعلي بن يحيى السمرقندي - السمرقندي  
{وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌۖ أُجِيبُ دَعۡوَةَ ٱلدَّاعِ إِذَا دَعَانِۖ فَلۡيَسۡتَجِيبُواْ لِي وَلۡيُؤۡمِنُواْ بِي لَعَلَّهُمۡ يَرۡشُدُونَ} (186)

{ وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنّي } ؛ وذلك أنه لما نزلت هذه الآية : { وَقَالَ رَبُّكُمْ ادعوني أَسْتَجِبْ لَكُمْ إِنَّ الذين يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِى سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ داخرين } [ غافر : 60 ] ، قال أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم : يا رسول الله في أي وقت ندعو الله حتى يستجاب دعاؤنا ؟ فنزلت هذه الآية : { وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنّي فَإِنّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الداع إِذَا دَعَانِ } ، يعني أجيبكم في أي وقت تدعونني . وقال بعضهم : سأله بعض أصحابه فقالوا : يا رسول الله ، أقريب ربنا فنناجيه أم بعيد فنناديه ؟ فنزلت هذه الآية : { وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنّي فَإِنّي قَرِيبٌ } . وقال مقاتل : إن عمر واقع امرأته بعدما صلى العشاء ، فندم على ذلك وبكى إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخبره بذلك ورجع من عنده مغتماً ، وكان ذلك قبل الرخصة ، فنزلت هذه الآية : { وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنّي فَإِنّي قَرِيبٌ } .

قرأ أبو عمرو ونافع وعاصم في إحدى الروايتين : «دَعْوَةَ الدَّاعِي إِذَا دَعَانِي » بالياء والباقون كلهم بحذف الياء . وأصله بالياء إلا أن الكسر يقوم مقام الياء . ويقال فإني قريب في الإجابة ، أجيب دعوة الداعي إذا دعاني ، { فَلْيَسْتَجِيبُواْ لِي } بالطاعة ، { وَلْيُؤْمِنُواْ بِي } وليصدقوا بوعدي . قال ابن عباس في رواية الكلبي : { فَلْيَسْتَجِيبُواْ لِي } الاستجابة أن تقولوا بعد صلاتكم : لبيك اللهم لبيك ، لبيك لا شريك لك لبيك ، إن الحمد والنعمة لك والملك لا شريك لك . { وَلْيُؤْمِنُواْ بِي } والإيمان أن تقول : آمنت بالله وكفرت بالطاغوت ، وأن وعدك حق وأن لقاءك حق ، وأشهد أنك أحد فرد صمد ، لم تلد ولم تولد ولم يكن لك كفواً أحد ، وأشهد أن الساعة آتية لا ريب فيها ، وأنك باعث من في القبور .

وروي عن ابن عباس أنه قال : ما تَرَكْتُ هذه الكلمات دبر كل صلاة منذ نزلت هذه الآية . وروي عن الكلبي أنه قال : ما تركتها منذ أربعين سنة . ويقال : معناه أجيبوا لي بالطاعة إذا دعاكم رسول الله { وَلْيُؤْمِنُواْ بِي } ، أي ليصدقوا بتوحيدي . { لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ } ، أي يهتدون من الضلالة .