وسأل جماعة النبيّ صلى الله عليه وسلم أقريب ربنا فنناجيه أم بعيد فنناديه فنزل : { وإذا سألك عبادي عني فإني قريب } أي : فقل لهم إني قريب ، وهو تمثيل لكمال علمه بأفعال العباد وأقوالهم واطلاعه على أحوالهم بحال من قرب مكانه منهم ، ونحوه قوله تعالى : { ونحن أقرب إليه من حبل الوريد } ( ق ، 16 ) وقوله تعالى : { أجيب دعوة الداع إذا دعان } أي : بإنالته ما سأل تقرير للقرب ، ووعد للداعي بالإجابة ، وقرأ ورش وأبو عمرو بإثبات الياء فيهما وصلاً لا وقفاً ، واختلف عن قالون فيهما والباقون بحذفها وصلاً ووقفاً .
فإن قيل : ما وجه قوله تعالى : { أجيب دعوة الداع } وقوله : { ادعوني أستجب لكم } ( غافر ، 60 ) وقد يدعى كثيراً فلا يجيب ؟ أجيب : بأنهم اختلفوا في معنى الآيتين فقيل : معنى الدعاء هنا الطاعة ، ومعنى الإجابة الثواب ، وقيل : معنى الآيتين خاص وأن لفظهما عام ، تقديره : أجيب دعوة الداع إن شئت كما قال تعالى : { فيكشف ما تدعون إليه إن شاء } ( الأنعام ، 41 ) أو أجيب دعوة الداع إن وافق القضاء ، أو أجيبه إن كانت الإجابة خيراً له ، أو أجيبه إن لم يسأل محالاً .
وعن أبي هريرة رضي الله عنه أنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ( يستجيب الله لأحدكم ما لم يدع بإثم أو قطيعة رحم أو يستعجل ) قالوا : وما الاستعجال يا رسول الله ؟ قال : يقول قد دعوتك يا رب فلا أراك تستجيب لي فيتحسر عند ذلك فيدع ، أي : يترك الدعاء ) وقيل : هو عام ، ومعنى قوله أجيب أي : أسمع ويقال : ليس في الآية أكثر من إجابة الدعوة ، فأما إعطاء الأمنية فليس بمذكور فيها ، وقد يجيب السيد عبده ، أو الوالد ولده ثم لا يعطيه سؤله ، فالإجابة لا محالة عند حصول الدعوة ، وقيل : معنى الآية : أنه لا يخيب دعاءه ، فإن قدر له ما سأل أعطاه ، وإن لم يقدر له ادخر الثواب له في الآخرة ، أو كف عنه به سوءاً لقوله صلى الله عليه وسلم : ( ما على الأرض رجل مسلم يدعو الله بدعوة إلا آتاه الله إياها ، أو كف عنه من السوء بمثلها ما لم يدع بإثم أو قطيعة رحم ) . وقيل : إنّ الله يجيب دعوة المؤمن في الوقت ويؤخر إعطاء مراده ليدعوه فيسمع صوته ، ويعجل إعطاء من لا يحبه لأنه يبغض صوته . وقيل : إنّ للدعاء آداباً وشرائط ، وهي أسباب الإجابة ، فمن استكملها كان من أهل الإجابة ، ومن أخلّ بها فهو من أهل الاعتداء في الدعاء فلا يستحق الجواب . { فليستجيبوا لي } إذا دعوتهم للإيمان والطاعة ، كما أجيبهم إذا دعوني بمهماتهم ، وقوله تعالى : { وليؤمنوا بي } أمر بالثبات والمداومة على الإيمان { لعلهم } أي : لكي { يرشدون } والرشد إصابة الحق .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.