تفسير مقاتل بن سليمان - مقاتل  
{وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌۖ أُجِيبُ دَعۡوَةَ ٱلدَّاعِ إِذَا دَعَانِۖ فَلۡيَسۡتَجِيبُواْ لِي وَلۡيُؤۡمِنُواْ بِي لَعَلَّهُمۡ يَرۡشُدُونَ} (186)

ثم قال سبحانه : { وإذا سألك عبادي عني } ، وذلك أنه كان في الصوم الأول أن الرجل إذا صلى العشاء الآخرة ، أو نام قبل أن يصليها ، حرم عليه الطعام والشراب والجماع ، كما يحرم بالنهار على الصائم ، ثم إن عمر بن الخطاب ، رضي الله عنه ، صلى العشاء الآخرة ، ثم جامع امرأته ، فلما فرغ ندم وبكا ، فلما أصبح أتى النبي صلى الله عليه وسلم فأخبره ، فقال : يا نبي الله ، إني أعتذر إلى الله عز وجل ، ثم إليك من نفسي هذه الخاطئة واقعت أهلي بعد الصلاة ، فهل تجد لي رخصة ، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم : "لم تك جديرا بذلك يا عمر" ، فرجع حزينا ، ورأى النبي صلى الله عليه وسلم صرمة بن أنس بن صرمة بن مالك من بني عدي بن النجار عند العشاء ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم : "يا أبا قيس ، ما لك طليحا ؟" فقال : يا رسول الله ، ظللت أمس في حديقتي ، فلما أمسيت أتيت أهلي ، وأرادت المرأة أن تطعمني شيئا سخنا ، فأبطأت علي بالطعام ، فرقدت فأيقظتني وقد حرم علي الطعام ، فأمسيت وقد أجهدني الصوم .

واعترف رجال من المسلمين عند ذلك بما كانوا يصنعون بعد العشاء ، فقالوا : ما توبتنا ومخرجنا مما عملنا ، فأنزل الله عز وجل : { وإذا سألك عبادي عني } { فإني قريب } ، أي فأعلمهم أني قريب منهم في الاستجابة ، { أجيب دعوة الداع إذا دعان فليستجيبوا لي } بالطاعة ، { وليؤمنوا بي } ، يعني وليصدقوا بي ، فإني قريب سريع الإجابة أجيبهم ، { لعلهم يرشدون } يعني لكي يهتدون .